في كل مرة تقوم فيها «صدى الوطن» بتغطية أخبار حادث مفجع أو جريمة قتل أو قضية عنف منزلي أو انتهاك للقانون، لها علاقة بأحد أبناء الجالية العربية، يبادر البعض إلى انتقادنا واتهامنا بأننا لا نولي أية أهمية لمشاعر الأفراد والعائلات ذات العلاقة بتلك الحوادث.
وفي أحيان ليست بالقليلة، لا يتوانى البعض عن إعطائنا دروساً في الصحافة والإعلام، وكذلك في الأخلاق والآداب العامة، وبعضهم لا يتورع عن سبّنا وشتمنا والتعريض بنا، وكأننا نقترف–عن سابق قصد وتصميم– جرائم بحق من يتعرضون لحوادث مأساوية، أو يتورطون فيها، أو تسوقوهم الأقدار لكي يكونوا جزءاً منها.
وقد تكرر هذا الأمر، خلال الأسابيع الأخيرة، حين قامت «صدى الوطن» بنشر لقطات مصورة لحادث السير الذي أودى بعائلة عباس، مطلع كانون الثاني (يناير) في طريق عودتهم إلى ميشيغن من قضاء عطلة نهاية العام بولاية فلوريدا، وكذلك حين قامت الصحيفة بنشر مقطع فيديو للحادثة التي قضى فيها العراقي علي التميمي بإطلاق نار في مدينة إنكستر، في ١٩ يناير الماضي.
وأمام الانتقادات، سواء تلك النابعة من الحريصين على مشاعر الضحايا وذويهم أو تلك الصادرة عن المتربصين بالصحيفة، لا بد من الإيضاح والتأكيد على أننا نقوم بنشر التقارير المكتوبة، والفيديوهات المصورة، من منطلق دورنا المهني كوسيلة إعلامية تعتمد نشر الحقائق.
فالمبرر الأول لوجودنا هو نقل الوقائع والمعلومات التي تتصل وتؤثر على حياة العرب الأميركيين ومصالحهم ودورهم في الولايات المتحدة، والتي توثق إنجازاتهم أو اخفاقاتهم، وتواكب أفراحهم وأتراحهم، في كافة الميادين، السياسية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من المجالات الأخرى.
ومن نافل القول، أن مهمة صحيفتنا لا تقتصر على تقديم الجوانب الإيجابية في نشاطات المجتمع العربي الأميركي وفعالياته التي تكرس الصورة المشرقة لأبنائه ومنظماته في هذا المنقلب من العالم، وإنما تتعداها أيضاً إلى تناول الجوانب السلبية وسبل معالجتها، مثل تعاطي المخدرات والقيادة المتهورة وحوادث الانتحار والعنف المنزلي أو انتهاك القوانين والآداب والنظم العامة، فـ«صدى الوطن» ليست منصة للعلاقات العامة والأخبار السعيدة، إنما هي صحيفة لها دور توعوي وتثقيفي رائد نعتز به منذ انطلاقتنا الأولى قبل ٣٥ عاماً، رغم كل الصعاب والتحديات .. والانتقادات.
هذه السياسة الإعلامية، ليست محصورة بصحيفتنا، وإنما هي سمة جميع الصحف المهنية في العالم. ومن المثير والمستغرب، أن بعض منتقدينا يتغاضون عن تغطية الصحف الأميركية المحلية لأخبار جاليتنا المحزنة أو المحرجة، ولا ينبسون ببنت شفة، في حين يرفعون عقيرتهم عندما تقوم «صدى الوطن» بنشر الخبر نفسه، ومبرارتهم الواهية في ذلك هي «أننا عرب» ويجب علينا أن نتفهم حساسيات مجتمعنا، الاجتماعية والثقافية والدينية.
بعض هؤلاء «ملكيون أكثر من الملك»، ويدعون الحرص على مشاعر العائلات والأسر العربية أكثر من أصحاب العلاقة أنفسهم فيكيلون الاتهامات لنا بأننا ننشر المقاطع المصورة للحوادث المأساوية لكي نحصد الـ«لايكات» والتعليقات على صحفاتنا عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، علماً بأنها لا تغني من فقر ولا تسمن من جوع.
هي «تهمة معلبة» يتراشق بها المتصفحون الإلكترونيون، وحتى بعض الناشطين إلكترونياً الذين لايتورعون عن نشر ملابسهم الداخلية من أجل نيل الإعجابات والتعليقات والتشاركات.
لهؤلاء نقول: نحن خارج هذه اللعبة الصبيانية، فعندما خرجت صحيفتنا إلى الوجود عام ١٩٨٤ لم تكن السوشال ميديا قد ولدت أصلاً، ولم تكن لوثة التواصل الاجتماعي قد اجتاحت هذا العالم، الذي ما انفك يطالعنا بكل من هب ودب، وعلى مدار الساعة.
كما أن المتابع المنصف لصحيفتنا خلال العقود الماضية، يعرف تمام المعرفة بأننا نخصص مساحة واسعة لتغطية نحاجات أبناء الجالية العربية في كافة الميادين، بدءاً من إنجازاتهم المدرسية والأكاديمية، ونجاحاتهم التجارية والاقتصادية والسياسية، إضافة إلى تغطية الفعاليات الانتخابية التي تستهلك جزءاً كبيراً من طاقتنا ووقتنا لتغطية أخبارها وأخبار مرشحيها.
لسنا هنا بمعرض تبييض صفحتنا، لكن المؤسف أن البعض لا يعلم ولا يريد أن يتعلم ماذا تعني الصحافة. وإذا كان التاريخ هو توثيق للأحداث المفصلية والشخصيات الخالدة، فإن الصحافة هي «توثيق اللحظة».
نزعم في «صدى الوطن» بأننا نجحنا في هذه المهمة، وتمكنا عبر ثلاثة عقود ونصف من تشكيل الوعي العربي الأميركي سياسياً واجتماعياً وثقافياً حتى أصبحت ديربورن –حيث ولدت «صدى الوطن»– عاصمة للعرب الأميركيين ومركزاً للثقافة العربية في بلاد العم سام.
القارئ والمتابع المنصف يعرف –بلا أدنى شك– أن «صدى الوطن» واكبت على امتداد العقود المنصرمة لحظات العرب الأميركيين، بحلوها ومرّها، هنا في ميشيغن وكذلك في أنحاء الولايات المتحدة. ورغم الأصوات الناعقة التي تظهر بين فينة وأخرى، نواصل رسالتنا الإعلامية مدركين بأننا نخوض في حقول من الأشواك والألغام والذئاب المتربصة بسقطة هنا أو خطأ مطبعي هناك.
قد يرى البعض أن ليس هناك ما يستأهل هذا الجهد في سبيل مهنة المتاعب، ولكن يكفينا الشعور بالفخر والاعتزاز ونحن نرى جاليتنا تكبر وتترسخ في وطننا الجديد عبر تحقيق إنجازات كانت تعد مجرد أضغاث أحلام حينما تأسست الصحيفة عام ١٩٨٤.
Leave a Reply