واشنطن
بعد إغلاق جزئي للحكومة الفدرالية استمر 35 يوماً بسبب الخلاف بين الرئيس دونالد ترامب والديمقراطيين بشأن بناء جدار حدودي مع المكسيك، انتظم مطلع الأسبوع الماضي نحو 800 ألف موظف فدرالي في أعمالهم مع معاودة فتح الدوائر الحكومية بميزانية مؤقتة لمدة ثلاثة أسابيع، بينما تستعد لمحادثات تبدو متعثرة لتجنب إغلاق آخر قبل نفاد الأموال مجدداً بحلول 15 شباط (فبراير) الحالي.
وانتهى أطول إغلاق للحكومة يوم الجمعة الماضي عندما وافق الرئيس دونالد ترامب على إنهاء الإغلاق الجزئي وسط ضغوط متصاعدة مع امتداد تأثير ذلك إلى أنحاء البلاد كافة.
وتوصل ترامب والكونغرس إلى اتفاق لمعاودة فتح الإدارات المغلقة على الرغم من عدم حصول الرئيس على 5.7 مليار دولار كان قد طالب بها لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك الذي وعد بتشييده منذ إطلاق حملته الانتخابية عام 2015.
ولكن مع إصرار الديمقراطيين على رفضهم المطلق لفكرة الجدار «اللاأخلاقي»، تبدو الأزمة في طريقها إلى مزيد من التعقيدات فيما يحاول أعضاء الكونغرس من الحزبين بشأن مشروع قانون لتمويل الحكومة الفدرالية حتى 30 أيلول (سبتمبر) المقبل. فقد أكد ترامب في سلسلة مواقف الأسبوع الماضي أنه مصمم على بناء الجدار ملمحاً إلى أنه قد يلجأ إلى إغلاق ثان للحكومة أو إعلان حالة الطوارئ الوطنية لتمويل الجدار دون موافقة المشرعين.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز في تصريح لها على مواقع التواصل الاجتماعي الخميس الماضي أن الرئيس ترامب «يعتزم البدء في بناء الجدار الحدودي بعد انقضاء فترة الميزانية المؤقتة بغض النظر عن موقف الديمقراطيين».
ومن جانبه، قال ترامب إنه لا يمانع من إغلاق الحكومة مجدداً ما لم يجر التوصل إلى اتفاق مقبول بشأن الحدود، رغم تشككه في إمكان حدوث ذلك.
وبدورها، استبعدت رئيسة مجلس النواب الأميركي، الديمقراطية نانسي بيلوسي تمويل الجدار، وأكدت للصحفيين في واشنطن أنه «لن تكون هناك أية أموال لجدار في التشريع»، مضيفة أن مقترحات معينة لتحسين البنية التحية أو التكنولوجيا المطلوبة من أجل تأمين الحدود يمكن أن تكون جزءاً من المباحثات وأنها منفتحة لبحث تلك التفاصيل، ولكنها شددت على أن تمويل الجدار «غير وارد».
وجاء الرد سريعاً على بيلوسي من قبل ترامب الذي قال عبر تويتر إن «المشرعين الجمهوريين في لجنة الأمن الداخلي يضيعون وقتهم. الديمقراطيون، على الرغم من كل الأدلة والبراهين وقوافل المهاجرين القادمة، لن يخصصوا الأموال لبناء الجدار المطلوب بشدة. لا تشغلوا بالكم. الجدار يتم بناؤه بالفعل. ولا أتوقع الكثير من المساعدة».
شدد على أن «الجدار سيتم تنفيذه بطريقة أو بأخرى» لافتاً إلى أنه أرسل قوات إضافية إلى الحدود الأسبوع الماضي.
وفي تصريح له الخميس الماضي، قال ترامب إن «بيلوسي ستتوسل إليّ لبناء الجدار ولن يكون هناك اتفاق بدون الجدار».
وخلال حديث للصحفيين في البيت الأبيض، لفت ترامب إلى أنه «في 15 فبراير سيعود الإغلاق، وإذا لم يكن هناك جدار، فأنا لا أريد حتى أن أضيع وقتي في قراءة ما لديهم من مطالب».
وردا على بيلوسي، قال ترامب بالبيت الأبيض إنه «إذا لم يكن هناك جدار، فلن تسير الأمور على ما يرام، هي فقط تمارس الألعاب». وأضاف ترامب «بدون جدار، فلن تسير الأمور جيدا، الأمر في غاية البساطة».
أما الجمهوريون الذين فقدوا الأغلبية في مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة فيساورهم القلق من تكرار الإغلاق. إذ تظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين يلقون معظم اللوم في الإغلاق على ترامب وحزبه.
وحصل الموظفون الفدراليون الأسبوع الماضي على أجر خمسة أسابيع لم يحصلوا عليه. بيد أن المتعاقدين الفدراليين والشركات التي تعتمد على تشغيل العمال الفدرالية يواجهون خسائر كبيرة.
وأعلن مكتب الميزانية في الكونغرس، الاثنين الماضي، أن الإغلاق الجزئي لأجهزة الحكومة الفدرالية، الذي استمر لأكثر من شهر، كلف إجمالي الناتج الداخلي 11 مليار دولار، بينها 3 مليارات «لا يمكن تعويضها».
وأوضح المكتب في بيان أنه «نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي، يرى مكتب الميزانية في الكونغرس أنه تم اقتطاع 3 مليارات دولار من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد في الفصل الرابع من 2018»، وفق وكالة «فرانس برس».
وأضاف المكتب: «وخلال الفصل الأول من 2019، تدنى مستوى إجمالي الناتج الداخلي بثماني مليارات دولار (…) بما يعكس أن أسابيع الإغلاق الخمسة واستئناف النشاط الاقتصادي، عند استئناف التمويل».
Leave a Reply