نكث السناتوران الديمقراطيان عن ولاية ميشيغن ديبي ستابينو وغاري بيترز بعهدهما للجالية العربية الأميركية، حين صوّتا الثلاثاء الماضي لصالح «قانون الشرق الأوسط» الذي يتضمن بنداً حول مكافحة «حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس).
ستابينو كانت قد تعهدت في حوار أجرته معها «صدى الوطن»، خلال حملتها الانتخابية العام الماضي، بأنها لن تؤيد أي قرار تحت قبة الكابيتول من شأنه معاقبة حركة المقاطعة احتراماً لحرية التعبير المكفولة في الدستور الأميركي، لكن وعودها ذهبت أدراج الرياح.
وفي لقائها مع فعاليات عربية أميركية –الاثنين الماضي– عزت السناتور الديمقراطية موقفها الذي أعلنته في تصويت أولي سابق، إلى أهمية البنود الأربعة التي تندرج تحت «قانون الشرق الأوسط»، والتي تتضمن تعزيز الشراكة الاستراتيجية والأمنية مع إسرائيل والأردن، وفرض عقوبات إضافية على سوريا، وتأخير انسحاب القوات الأميركية من سوريا وأفغانستان حتى ضمان القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي.
لم يخف على أحد من الحاضرين في الاجتماع الذي ضم ستابينو إلى جانب نشطاء ومسؤولين عرب أميركيين في ديربورن، أن تبريرها كان بمثابة ذر الرماد في العيون، أو لنقل بأنه كان «عذراً أقبح من ذنب»، خاصة وأن تفسيرها يحمل تبريراً غير مقبول كونه ينطوي على انتهاك التعديل الأول في الدستور الأميركي، الذي يضمن حق الأميركيين بحرية التعبير.
ولا بأس –في هذا السياق– بتذكير السناتور التي حصدت أصوات العرب الأميركيين في الانتخابات الماضية التي كانت متقاربة مع منافسها الجمهوري جون جيمس، بأن المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة تعتبر المقاطعة أحد وسائل التعبير السلمي المكفولة في التعديل الأول.
أيضاً لا بد من الإشارة، إلى أن تمرير القرار تم تمريره بأغلبية 77 سناتوراً مقابل 23 كان بينهم شخصيات بارزة مثل ديان فاينستين (كاليفورنيا) والمرشح السابق للرئاسة الأميركية بيرني ساندرز (فيرمونت) وكامالا هاريس (كاليفورنيا) وإليزابيث وورن (مساتشوستس) وغيرهم.
والمعارضون لتمرير القرار في مجلس الشيوخ، يعرفون ما إذا كانت البنود الأربعة هامة لدرجة «تجبرهم» على الموافقة على البند الخامس، الذي يمثل انتهاكاً صريحاً وفاضحاً للدستور الأميركي.
والحقيقة، أنه لا توجد أية أسباب معقولة، أو مفهومة، تبرر ذلك الانحياز لدولة الاحتلال العبرية التي تتأذى بشكل ملحوظ من انتشار «حركة مقاطعة إسرائيل».
مجيء ستابينو إلى ديربورن ولقائها بفعاليات عربية، لم يكن أكثر من حفظ «خط الرجعة»، وهو سلوك انتهجه السناتور الآخر عن ميشيغن غاري بيترز، الذي صوّت بدوره لصالح تمرير القرار.
بيترز نكث بعهوده أيضاً. وانقلب على نفسه كذلك، خاصة وأنه كان قد أقر بعدم دستورية القانون، إذ قال: «أعتقد أنه هنالك أسئلة جدية حول كيفية تأثير هذا القانون على حقوق التعديل الأول للشركات والأفراد الذين يتعاقدون مع حكومات الولايات والحكومات المحلية بصفتهم المهنية، ولكنهم يختارون مقاطعة إسرائيل بصفتهم الشخصية».
كما أنه، في وقت سابق، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وخلال لقائه بنشطاء عرب أميركيين تعهد بمعارضة أي قانون يُطرح تحت قبة الكابيتول، يعاقب مقاطعي إسرائيل.
ولا نعرف، بـ«أي عين»، سيعود بيترز إلى أوساط جاليتنا ليطلب أصوت أبنائها، في انتخابات الكونغرس القادمة في 2020.
إن أقل ما يقال في تصويت الكونغرس الأميركي على «قانون الشرق الأوسط» بأنه تصويت معيب، وخطير على حريات التعبير، كما أنه يتناقض مع أدبيات الحقوق المدنية ومحطاتها التاريخية في الولايات المتحدة، خاصة ما يتصل بحقوق النساء والأفارقة الأميركيين.
وليس مستغرباً أن يصف السناتور عن ولاية ماريلاند كريس فان هولن «القوانين التي تمنع المتعاقدين مع الحكومات المحلية من مقاطعة إسرائيل بأنها هجمات على التعديل الأول»، في خطاب ألقاه خلال جلسة التصويت في مجلس الشيوخ.
حتى الآن، أقرت 26 ولاية أميركية قوانين تكافح حركة الـ«بي دي أس»، من بينها ميشيغن التي تحتضن وجوداً عربياً تصاعد دوره بغزارة خلال السنوات القليلة الماضية. وإذا ما علمنا أن المحاكم الفدرالية في ولايتي كنساس وأريزونا قد رفضت سن قوانين تعاقب مقاطعي إسرائيل، فقد بات أمام الجالية العربية الأميركية استحقاقان مستعجلان.. للتعامل مع تصويت كل من ستابينو وبيترز على «قانون الشرق الأوسط»، وكذلك حول القانون المناهض لحركة المقاطعة الذي وقعه الحاكم السابق لميشيغن ريك سنايدر!
أولاهما دعم الجهود لدى المحاكم الفدرالية لدحض القانون، وثانيها التحسب في التصويت لصالح من يلتزم قضايانا مستقبلاً.
Leave a Reply