علي منصور – «صدى الوطن»
قبيل الانتخابات الأميركية النصفية –العام المنصرم– قامت المرشحة لعضوية مجلس الشيوخ –حينها– ديبي ستابينو بزيارة للجالية العربية في مدينة ديربورن ضمن جولات عديدة في ولاية ميشيغن، لإعادة انتخابها مرة أخرى.
وقد زارت ستابينو مكاتب «صدى الوطن» وأجرى معها رئيس التحرير أسامة السبلاني حواراً مفصلاً حول رؤيتها ومقاربتها للقضايا الأساسية، ومنها موضوع الحريات العامة وحرية التعبير وحق المقاطعة الاقتصادية لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
كان موقف ستابينو إيجابياً من معظم القضايا، مع تشديدها على صون حرية التعبير وحق المقاطعة كوسيلة للتعبير عن الرأي. وفي صناديق الاقتراع، حازت على أغلبية الصوت العربي بعد أن دعمتها المؤسسات العربية لتحتفظ بمقعدها في مجلس الشيوخ.
في الـ28 من الشهر الفائت، وقبل ساعات من التصويت الأولي على إمرار «مشروع قانون الشرق الأوسط» (أس بي 1) الذي يتضمن بنداً يسمح بمعاقبة المؤسسات والمنظمات والأفراد الذين يقاطعون أو يدعون لمقاطعة إسرائيل، بسبب احتلالها للاراضي الفلسطينية وجرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، نشر الزميل السبلاني في صفحته على موقع «فيسبوك» تعليقاً حثّ فيه عضوي مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن ولاية ميشيغن ديبي ستابينو وغاري بيترز على التصويت ضدّ المشروع لأنه بالحد الأدنى يتعارض مع حرية التعبير التي كفلها الدستور الأميركي.
صوتت ستابينو لصالح المشروع بينما عارضه بيترز. وقد نشر الزميل السبلاني نتائج التصويت الأولي على صفحته دون أن يتعرض لستابينو أو يلومها. كان تعليقه مجرد عرض لسير التصويت. وكانت النتيجة أن سارعت عضو مجلس الشيوخ ستابينو للاتصال بالسبلاني مبررة فعلتها بأن المشروع يتضمن أربعة بنود مهمة وضرورية، غير البند المتعلق بمعاقبة مقاطعي إسرائيل، تتضمن تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الدولة العبرية، وكذلك تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الأردن، تأخير الانسحاب من سوريا حتى التأكد من القضاء على «داعش».
في محصلة الأمر، تمّ الاتفاق بين ستابينو والسبلاني على عقد لقاء بينها وبين فعاليات الجالية العربية لمناقشة المسألة في محاولة من ناشر «صدى الوطن» لثنيها عن قرارها بالتصويت لصالح المشروع قبل التصويت النهائي.
وبالفعل، اجتمعت ستابينو –يوم الاثنين الماضي– بعدد من الفعاليات العربية–الأميركية في ديربورن واستمعت لآراء ووجهات نظر من قبل حقوقيين ومحامين ونواب في مجلس الولاية وأعضاء في المجالس البلدية لكل من ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، إضافة الى رئيسة مجلس ديربورن البلدي، ورئيسة «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) وآخرين.
ماذا جرى في الإجتماع؟
طالب السبلاني، ستابينو بتفسير وإيضاح الأسباب التي دفعتها للتصويت مع المشروع، بعد أن كانت قد تعهدت سابقاً بحماية حق المقاطعة.
وقد ردت ستابينو بأن مشروع القانون يتألف من خمسة بنود، هي: فرض عقوبات على أولئك الذين يدعمون التعذيب ضد المدنيين والمواطنين. ومواصلة شراكة استراتيجية مع الأردن، والأمر نفسه مع إسرائيل ؛ ووقف الانسحاب الفوري من سوريا حتى التأكد من القضاء على داعش نهائياً؛ ودعم الولايات التي أقرت قوانين تعاقب مقاطعي إسرائيل.
وأضافت «اخترت المضي قدما والعمل مع السناتور غاري بيترز على ثلاثة تعديلات تتعلق بـ«حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس).. لا أعرف ما إذا كان هذا الأمر سينجح أم لا». وأردفت قائلة: «لقد كانت لدينا وجهة نظر مختلفة من الناحية الاستراتيجية للمضي قدما»، مشيرة إلى أن ولاية ميشيغن قد أقرت بالإجماع تقريبا قوانين مكافحة «بي دي أس»، ولم تؤد إلى أية إجراءات معروفة داخل الولاية حتى الآن.
وأخيراً، اعترفت ستابينو بأن بند «مكافحة حركة المقاطعة»، هو بند سيء ويتعارض مع حرية التعبير، وقالت: «أعتقد أن أربعة من أصل خمسة أجزاء من مشروع القانون، هي أمور جيدة ينبغي أن نفعلها».
سمعت السناتور من السبلاني ما يكفي عن حركة المقاطعة من كونها «طريقة حياة حول العالم» يجب حمايتها، وكذلك دورها في إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وتساءل ناشر «صدى الوطن» قائلاً: «إذا كان بإمكاننا مقاطعة جنرال موتورز، وشركة فورد في أميركا، فكيف لا يمكننا مقاطعة إسرائيل؟».
«أضاف: إنه حق الشعب الأميركي … هذا سيؤذي المجتمع العربي وحتى اليهودي والولايات المتحدة وسيشكل انتهاكًا لحقوقنا المدنية».
مؤسس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية»، المحامي نبيه عياد، قال: «أعتقد بأنك في موقع صعب للغاية، لأن مشروع القانون هذا هو خطأ كبير على كل المستويات كونه يمس بالحريات العامة التي كفلها الدستور، و سوف تكون نهاية هذا القانون في المحاكم لأنه غير دستوري».
المسؤول في مقاطعة وين أسعد طرفة، الذي استشهد جده على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، أبدى موقفاً حازماً من تصويت ستابينو لصالح القرار، حين تساءل: «كيف يمكن منعي من مقاطعة من قتل جدي والاحتجاج على جرائم وسياسات قاتليه».
عضو مجلس ميشيغن التشريعي عبدالله حمود (ديمقراطي–ديربورن) أعرب من ناحيته عن خيبة أمله من السناتور التي بادرها بالسؤال: «كيف تعارضين بناء الجدار الحدودي مع المكسيك وتمنعينني من النضال بوجه كيانٍ يحاصر الشعب الفلسطيني ويبني الجدران العازلة ويسجن الفلسطينيين في وطنهم؟».
وتابع «إسرائيل تمارس نظام الفصل ضد الفلسطينيين، و الذي يشمل نظام الحافلات والإسكان وغيرهما من أشكال الفصل والتمييز، فأنت مطالبة بالدفاع عن حقوق الأميركيين أولاً، وقبل كل شيء».
رئيسة المجلس البلدي سوزان دباجة، أعربت كذلك عن قلقها من المشروع وطالبت ستابينو بحماية حقوق الأميركيين. وفي السياق ذاته، طالبها عضو المجلس البلدي لمدينة هامترامك سعد المسمري «بأن تعمل لصالح أميركا وليس لصالح إسرائيل».
استمعت ستابينو لكل ما قيل، لكنها لم تستطع الدفاع عن دعمها للمشروع بالمنطق والحجّة. وللوهلة الأولى ظن الحاضرون بأنها ستتراجع عن دعم المشروع في التصويت النهائي، غير أنها عادت وثبتت تصويتها النهائي دون اكتراث لقاعدة شعبية كبيرة دعمتها وساهمت بنجاحها في الانتخابات الأخيرة.
على منوال ستابينو، سار السناتور غاري بيترز، فمنح صوته النهائي للمشروع (بعد أن كان وعد بعدم التصويت لصالحه)، ثم سارع من مبنى الكونغرس إلى الاتصال بالسبلاني مبرراً موقفه بأهمية البنود الأربعة الأخرى التي حتّمت عليه دعم المشروع وتأييده، كمّن يبرر ذنبا بأقبح منه.
اللوبي الصهيوني في واشنطن، أو ما يعرف بالإيباك الإسرائيلية، هو وراء المشروع الذي صيغ بطريقة معقدة ومركّبة فتمّ استحضار الإنسحاب الأميركي من سوريا إلى جانب العلاقات الإستراتيجية مع الأردن وإسرائيل إلى غيرها من الامور المتعلقة بحقوق الإنسان من أجل تمرير البند الأساسي المتعلق بمعاقبة وتجريم مقاطعي الإحتلال الإسرائيلي.
فهل سيبقى العرب الأميركيون مطية للوبي الصهيوني، يعملون ويكدحون وينتخبون ويدفعون الأموال في ميشيغن، لتحصد «إيباك» الإسرائيلية النتائج في واشنطن؟!
وهل ستبقى المواقف والأصوات العربية المحتجة أسيرة الجدران المغلقة، وهل ستظل تعلن عن معارضتها بأدب ولياقة من دون خطوات عملية وإجرائية تُفهِم الديمقراطيين بأن أصواتنا ليست بالمجان، وأن سوء الخيار الجمهوري لن يضمن الصوت لمرشحي الحزب الأزرق؟
Leave a Reply