عماد مرمل – «صدى الوطن»
بعد مخاض عسير وطويل، نجح «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» مدعوماً بقوة من حلفائه، لاسيما «حزب الله»، في انتزاع مقعد ثمين له في الحكومة اللبنانية الجديدة، شغله وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، حسن مراد.
وإذا كانت مقتضيات «المساومة» على الطريقة اللبنانية، قد قضت بأن يحضر وزير «اللقاء» اجتماعات «تكتل لبنان القوي» الذي يترأسه الوزير جبران باسيل، كون مقعده مقتطعاً من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون، إلا أن ذلك لا يلغي الجوهر السياسي لهذا الوزير، وهو أنه يمثل حصراً «اللقاء» ويعكس سياساته وقراراته في مجلس الوزراء، الأمر الذي ينطوي على دلالات سياسية بالغة الأهمية.
وانطلاقاً من هذه النتيجة التي أفضت اليها المقايضة الحكومية، يمكن القول إن «التشاوري» ربح أولى معاركه السياسية، وربما أشدها صعوبة، وهي تثبيت «شرعيته» ووجوده، كجسم سني يأتي إلى قلب السلطة التنفيذية من خارج «تيار المستقبل» الذي كان الوكيل شبه الحصري، تقريباً، للمقاعد الوزارية السنية، إلا في مراحل عابرة.
ولعل تسمية ابن النائب عبد الرحيم مراد، حسن مراد، لتمثيل «التشاوري» تحمل بحد ذاتها دلالات بارزة، خصوصاً أن والده يرتبط بتحالف استراتيجي مع «حزب الله» وسوريا، إضافة إلى أنه مرشح «مستتر» لتولي رئاسة الحكومة عند أي تحول في المعادلات، وبالتالي فإن دخول ابنه إلى الحكومة الجديدة يعكس رمزية كبيرة.
اعتراف وعرفان
يمكن الجزم بأن توزير «التشاوري» يشكل اعترافاً رسمياً بحيثيته السياسية والتمثيلية وتسييلاً لها إلى «نقد وزاري» في الحكومة، بعدما كان هناك مسعى لدى الرئيس المكلف سعد الحريري لمنع تمدد نتائج الانتخابات النيابية على الساحة السنية، في اتجاه السلطة التنفيذية الممسكة بالقرار، حيث أنه كان يأمل في حصر «الأضرار» والاكتفاء بدفع فاتورة واحدة لهذه الانتخابات، مع دخول 10 نواب سنة من خارج «المستقبل» إلى السلطة التشريعية.
لكن وقوف «حزب الله» بكل ثقله ووزنه إلى جانب مطلب «التشاوري» بتمثيله في الحكومة حال دون تجاهله والقفز فوقه، وفرض على «الطهاة» ضم «بهارات» هذا المكوّن السني إلى الطبخة الحكومية. وعليه، نجح «حزب الله» بدوره في كسب معركة توزير حلفائه السنة الذين لطالما كانوا يشكون في السابق من عدم إنصافهم ومن إبرام التسويات أحيانا على حسابهم.
هذه المرة، قلب «الحزب» المعادلة لتصبح على الشكل الآتي: لا تسوية حكومية من دون تمثيل النواب السنة المستقلين.
وهكذا يكون «الحزب» قد أثبت مرة أخرى أنه لا يترك حلفاءه في سجون الغبن السياسي، في الأوقات الحاسمة التي تتطلب قرارات قاطعة، متسلحاً هذه المرة بحصيلة الانتخابات التي تمت على أساس القانون النسبي. اليوم، يقطف «الحزب» ثمرة أخرى من ثمار النسبية، ويشعر بأنه أنصف أخيراً شخصيات سنية تحملت على امتداد سنوات طويلة تبعات خياراتها الداعمة للمقاومة وللعلاقة المميزة مع دمشق، إلى درجة التحريض عليها في بيئتها، وصولاً إلى «تخوينها» أحياناً.
وكما وقف «الحزب» إلى جانب العماد ميشال عون حتى وصل إلى رئاسة الجمهورية، كرر السيناريو نفسه مع «اللقاء التشاوري» الذي حصل، عبر توزيره، على «عطل وضرر» عن كل ما أصاب أعضاءه من تهميش أو تنكيل سياسي خلال المرحلة الماضية، تحت وطأة النظام الانتخابي الأكثري والتعبئة المذهبية.
هكذا، وبعد الدفعة الأولى من التعويضات في صناديق الاقتراع، سدد «الحزب» الدفعة الثانية بسيولة حكومية إلى حلفائه السنة.
أبعاد
يعتبر عضو بارز في «اللقاء التشاوري» أن الدخول إلى الحكومة من خلال وزير مشتق من صميم نسيجه هو إنجاز يحمل الابعاد الآتية:
– كسر الحصرية السنية في مجلس الوزراء
– النجاح في تمثيل «التشاوري» بأحد الاسماء التي اقترحها وليس عبر شخص يهبط عليه بالمظلة.
– الاعتراف بهوية «التشاوري» كإطار سياسي سني معارض لـ«المستقبل».
– الحؤول دون حصول «التيار الوطني الحر» على 11 وزيراً وإسقاط محاولة نيله الثلث المعطل منفرداً.
ويبقى السؤال، هل سيصمد «اللقاء التشاوري» في المرحلة المقبلة أم أن دوره سينتهي مع مرور الوقت؟ الأيام المقبلة كفيلة بتوضيح الصورة.
Leave a Reply