ديربورن – بإشراف مدعي عام ولاية ميشيغن دانا نسل، أدت العربية الأميركية فدوى حمود قسم اليمين على نسخة من المصحف الشريف، لتولي مسؤولياتها في منصب محامي الاستئناف العام بالولاية، في حفل مهيب أقيم على مسرح «ثانوية فوردسون» بديربورن، السبت الماضي.
وكانت المحامية اللبنانية الأصل، قد دخلت التاريخ في كانون الثاني (يناير) الماضي، كأول مسلمة وأول عربية أميركية تتولى ثاني أرفع منصب في مكتب الادعاء العام بعد منصب المدعي العام، والذي يُناط به تمثيل الولايات قانونياً أمام المحكمة الأميركية العليا.
وبتصفيق حاد وحماسة لافتة، استقبل قرابة 800 شخص تقدمهم مسؤولون حكوميون ومنتخبون رسميون، المحامية حمود وعائلتها وهم يعتلون مسرح الثانوية التي تخرجت منها ابنة بلدة آرنون في الجنوب اللبناني، والتي اختارتها لأداء قسم اليمين، امتناناً وعرفاناً بفضل أساتذها ومربيها التربويين في تشكيل وعيها الأكاديمي والمجتمعي.
وفي مستهل الحفل ، رحبت عريفة الاحتفال، رئيسة القسم القانوني في مؤسسة «كريسغي فاندويشن» المحامية زينة الحسن، بالحضور الكثيف الذي اعتبرته «مؤشراً بالغ الدلالة على شعبية حمود»، لافتة إلى أن الغائب الوحيد عن الحفل، هو عميد الكونغرس السابق جون دينغل، الذي توفي مساء الخميس الماضي.
ووصفت الحسن، النائب الراحل بـ«البطل الحقيقي»، ودعت الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت حداداً على رحيله.
هدية ميشيغن
وفي كلمة مقتضبة، أشاد ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، بمزايا حمود وإمكاناتها المهنية التي أهلتها لتولي المنصب الرفيع. وقال: «إنها فخر جاليتنا ومصدر الحبور فيها.. إنها هديتنا لولاية ميشيغن»، لافتاً إلى أن «الأفضل لم يأت بعد»، في إشارة إلى وفرة المؤهلين لتولي المناصب العامة في مجتمع الجالية العربية الأميركية بمنطقة مترو ديترويت.
وأعرب عن شكره للناخبين العرب الأميركيين الذين خرجوا بأعداد غير مسبوقة إلى صناديق الاقتراع، في الانتخابات النصفية بتشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مشيراً إلى أن «80 بالمئة من الأصوات العربية الناخبة ذهبت لصالح نسل». وقال: «شكراً لملايين الناخبين الميشيغندريين الذين ساهموا بإنجاز الانتصار التاريخي لنسل.. التي صنعت التاريخ ، من عدة أوجه».
أضاف: «خلال حملتها الانتخابية، زارت نسل الجالية العربية وقطعت على نفسها بعض الوعود، وعندما فازت في الانتخابات العامة، أوفت بعهودها، على عكس الكثير من المرشحين الذين يتنصلون من وعودهم بعد وصولهم إلى مبتغاهم»، في إشارة إلى تعيينها حمود في منصب الاستئناف العام، إضافة إلى تعيينها عربيين أميركيين في فريقها الانتقالي، هما: عضو مجلس ديربورن البلدي مايك سرعيني والمحامية زينة الحسن.
من ناحيتها، قالت مدعي عام مقاطعة وين كيم وورذي: «لقد صُعقت عندما عرفت أن فدوى ستغادر مكتب الادعاء العام في المقاطعة، ولكنني أدركت مدى أهمية تعيينها في ذلك المنصب»، مشيرة «أفهم الآن حجم الدعم الذي تحظى به في مجتمعها»، في إشارة إلى الحضور الذي غصت به قاعة مسرح ثانوية فوردسون.
وكانت حمود قد شغلت منصب مساعدة المدعي العام لمقاطعة وين كيم وورذي، حيث أنشات «قسم حماية الأعمال التجارية» في مكتب الادعاء العام في المقاطعة، كما اضطلعت –كمدعية– في العديد من القضايا الجنائية وقضايا الجرائم المالية.
وفي هذا السياق، أكدت وورذي: «أنا فخورة بها للغاية، إنها لجزء كبير من التاريخ»، وأضافت ممازحة «قد تصبح رئيستي في العمل إذا ما صادف وعملنا معاً في المستقبل على بعض المشاريع».
ووعدت وورذي –خلال كلمتها- بتوظيف المزيد من العرب الأميركيين، لافتة إلى المستوظفين منهم كانوا «نجوماً» في المناصب التي تولوها.
قرار صائب
ووصفت القاضي في محكمة مقاطعة وين مريم بزي تعيين حمود بـ«القرار الصائب»، وقالت: «من منطلق معرفتي العميقة بها وزمالتنا الطويلة في «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) وفي مجلس ديربورن التربوي، فإنني قد أكون منحازة إليها، ولكن قرار تعيينها في منصب محامي الاستئناف العام هو بلا أدنى شك قرار صحيح».
وأشادت بمناقبيتها في التعامل مع الآخرين بغض النظر عن خلفياتهم وأعراقهم وأديانهم، وكذلك بشجاعتها في اتخاذ القرارات، مشددة على أنها «لا تخشى التراجع عن الأخطاء في حال وقوعها».
شقيق فدوى، عباس علوية سرد في كلمة عاطفية بعض المحطات الشخصية في علاقته مع شقيقته، وقال: «ثقوا بها، لأن الحب يقع في قلب جميع القرارات التي تتخذها».
فدوى.. عيناي وقلبي
وأطنبت المدعي العام لولاية ميشيغن دانا نسل في تعداد المؤهلات التي دفعتها لتعيين حمود في ثاني أرفع منصب بمكتب الادعاء العام في الولاية، مضمنة قائمة الأسباب ببعض الدعابات التي أثارت ضحك الحاضرين. وقالت: «إنها شخص مميز للغاية، وكيف لا يكون ذلك، وقد قالت بأن ترامب ليس الرئيس الأفضل!».
أضافت: «لقد عملت في مكتب الادعاء العام بمقاطعة وين لسبع سنوات، ثم أصبحت كبيرة المدعين العامين.. إن الكثيرين يعملون لسنوات طويلة ولكنهم يفشلون في الحصول على الترقيات الوظيفية».
وشددت «إنها محامية استئنائية.. محبة لمجتمعها وولايتها وبلادها».
وأشارت إلى تعدد وتنوع الخبرات التي اكتسبتها من خلال عضويتها في العديد من المناصب واللجان الحكومية والمجتمعية، منها عضوية مجلس ديربورن التربوي، وعضوية «لجنة الشؤون الأميركية الشرق أوسطية»، و«اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك).
وفي سياق تكليفها لحمود بالإشراف على القضايا الجنائية المتعلقة بأزمة تلوث مياه فلنت بمادة الرصاص، قالت المدعي الـ55 لولاية ميشيغن: «إن فدوى هي الشخص الذي يمكن الوثوق به عند التعامل مع القضايا الأكثر تعقيداً، لا على مستوى ميشيغن وحسب، بل على مستوى البلاد بأسرها». وشددت: «إنها عيناي وقلبي في مكتب الائتناف العام، وثقتي بها لا تقتصر على إيماني بقدراتها المهنية والقانونية، وإنما بسبب شمائلها الأخلاقية والإنسانية كذلك».
وختمت: «إنها شخص فريد من نوعه، ولي كامل الشرف أن تعمل في مكتبي، ومطلق الفخر أن أدعوها: صديقتي».
السلطة للشعب
وفي كلمتها، شكرت حمود عائلتها وزوجها الماجستريت في محكمة الـ19بديربورن علي حمود، مشيرة إلى إلى المستمر الذي يقدمونه لها.
كما أعربت عن امتنانها العميق لوالدها، الناشط زهير علوية، وقالت: «لقد اعتاد أن يجلسني أنا وأخي، ويقول لنا إنه من غير المقبول مطلقاً أن تقفوا إلى جانب الظالمين وتتخلوا عن نصرة المطلومين».
واستشهدت بأحد أقوال النائب الراحل جون دينغل، حيث بقول: «إن المسؤولين الحكوميين لا يملكون السلطة، وإنما هم مؤتمنون عليها وعلى الثقة التي يمنحها الناخبون لهم»، مؤكدة: «في منصبي كمحامية الاستئناف العام، أعدكم بالحفاظ على السلطة والثقة التي منحت لي.. إن السلطة هي لمجتمعات ميشيغن الثرية وللأفراد المؤتمنين عليها». وختمت: «الشعب هو الذي يملك السلطة».
Leave a Reply