بعد تصويته لصالح مشروع قانون يحظر حركة مقاطعة إسرائيل
سارا كومينك – «صدى الوطن»
في شهر شباط (فبراير) الماضي، مرر مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 74 صوتاً مشروع قرار حمل عنوان «تعزيز تحالفات أميركا في الشرق الأوسط»، وتضمّن الدعوة لدعم إسرائيل والأردن، وفرض المزيد من العقوبات على سوريا، إضافة إلى مكافحة «حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس)، عبر منح حكومات الولايات، السلطة لمعاقبة الأفراد والشركات التي تقاطع الدولة العبرية.
وقد أثار مشروع القرار حفيظة العرب الأميركيين في منطقة مترو ديترويت، لاسيما بعد نيله دعم السناتورين الديمقراطيين عن ميشيغن في الكونغرس، ديبي ستابينو وغاري بيترز، اللذين صوتا لصالح القرار الذي حمل رقم «أس.1»، لاسيما وأن كلاهما كان قد نال أغلبية الأصوات العربية الناخبة التي ساعدتهما على الوصول إلى واشنطن.
وفي 4 آذار (مارس)، التقت مجموعة من الفعاليات العربية الأميركية مع السناتور بيترز في مطعم «لا بيتا» بديربورن، للوقوف على الأسباب التي دفعت السناتور الديمقراطي إلى التصويت بـ«نعم» على مشروع القرار لاسيما في الشق المتعلق بمحاربة حركة المقاطعة، وهو البند الذي أدانته منظمات حقوقية عديدة لمخالفته التعديل الأول في الدستور، وفي مقدمتها «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» (أي سي أل يو) و«مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) و«الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» (أي سي آر أل).
وفي اجتماع تخللته اعتراضات عالية النبرة، على تجاهل بيترز لمصالح العرب الأميركيين ولحقوقهم الدستورية، أقر السناتور الديمقراطي الذي يستعد خوض معركة إعادة انتخابه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، بأن مشروع القرار يمس بالتعديل الدستوري الأول الذي يكفل حرية التعبير، مشيراً إلى أن «تبعاته ستكون واضحة للغاية.. فالطريقة التي تم بها تطبيق هذا القانون في ولاية تكساس كانت فظيعة»، في إشارة إلى رفض تجديد عقد عمل لإخصائية نفسية، فلسطينة الأصل، مع إحدى المدارس في الولاية بسبب تمسكها بحق مقاطعة دولة الاحتلال.
وأكد بيترز على أنه صوت لمشروع القرار رغم معارضته للبند المتعلق بمقاطعة إسرائيل، مؤكداً للحاضرين أنه قضى بعض الوقت مع السناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو لـ«محاولة إقناعه بإجراء خمسة تعديلات على مشروع القانون»، لافتاً إلى أن الأخير أخبره بأنه حصل بالفعل على ما يكفي من الأصوات لتمرير التشريع، وأنه رفض التعاون حول إجراء تلك التعديلات.
وقد علق الناشط والكوميديان الفلسطيني الأصل عامر زهر على ذلك بالقول: «حقيقة أن ماركو روبيو قرر عدم التعاون مع بيترز لم تكن مفاجئة». وأضاف في حديث مع «صدى الوطن»: «المثير للدهشة أن بيترز صوّت لصالح التشريع، رغم معرفته بأن مشروع القرار لن يمر في مجلس النواب، ورغم إدراكه لتأثيراته على حقوق التعديل الأول».
وإذ أعرب زهر عن «سعادته» لموافقة السناتور بيترز على اللقاء، أكد أيضاً على «سعادته الأكبر» «لأن مجتمعنا تحدث بنبرة موحدة» في إشارة إلى الاعتراض الشامل على تصويت بيترز.
وقال: «لم يكن ذلك اللقاء بسبب خلاف سياسي حول قضية ما، ولكنه كان لقاء حول مسألة نتوقع فيها من مسؤولينا المنتخبين أن يحموا التعديل الأول وحقوق حرية التعبير، ولكن بيترز بتصويته لصالح مشروع القرار، لم يلتزم بذلك».
ولفت إلى أنه «دعم بيترز لفترة طويلة وبدون تردد» مستدركاً «أما الآن، فقد تغير الأمر». وأوضح قائلاً: «بسبب تصويته، لم يعد دعمي له أتوماتيكياً.. في الواقع لقد تلاشى دعمي له بشكل كبير، ولم يحدث شيء في ذلك الاجتماع يدفعني لتغيير رأيي».
من جانبه، أعرب مؤسس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» نبيه عياد عن اعتقاده بأن بيترز لم يتوقع قبل الاجتماع أن يواجه بمثل هذا الإحباط لدى ناخبيه بسبب تصويته لصالح مشروع القرار، مضيفاً «إذا لم يتمكن العرب الأميركيون من كسب الاحترام في هذه المنطقة من البلاد، فإنهم لن يكسبوه في أية منطقة أخرى».
ووصف عياد المسؤولين المنتخبين، من أمثال بيترز بأنهم «يعلمون بأنهم يمثلون أوساطاً واسعة من العرب الأميركيين، لذلك عليهم أن يفهموا بأن ما يفعلونه مخيب للآمال».
وأضاف «إنها ليست قضية إسرائيلية ولا فلسطينية ولا عربية.. إنها قضية حول التعديل الأول. وإذا كان بإمكان جماعات الضغط الإسرائيلية أن تجعل أعضاء مجلس الشيوخ يقرون تشريعاً ينتهك حق المقاطعة الذي يضمنه التعديل الأول، فإنها بالفعل فكرة مخيفة».
وفي السياق ذاته، قال المحامي جيمس آلن: «لقد ظننت أنها إشارة جيدة بأن بيترز جاء إلى مجتمعنا لسماع مخاوفنا»، مضيفاً «حقيقة أنه غادر بعد الاجتماع بدون التوافق معنا ليس بالأمر الجديد».
وأعرب عن اعتقاده بأنه من الصعب أن يحصل توافق بين الناخبين وممثليهم بنسبة 100 بالمئة، إلا أنه شدد على أن من الواجب على المسؤولين المنتخبين «أن يأخذوا بعين الاعتبار هواجس ناخبيهم عند التصويت على تشريعات من هذا النوع، في المستقبل».
وتعليقاً على الاجتماع مع الفعاليات العربية الأميركية، أصدر بيترز بياناً قال فيه: «إنني أقدر الفرصة التي جمعتني بقادة المجتمع وسماع مخاوفهم، والطرق التي يمكننا من خلالها مواصلة العمل سوياً للمضي قدماً».
أضاف: «من بين موضوعات أخرى، ناقشنا التشريعات التي أقرها مجلس الشيوخ مؤخراً، والمتعلقة بأمن الشرق الأوسط، والتي تضمنت أحكاماً أعرب الكثير من أفراد المجتمع عن مخاوفهم بشأنها»، مؤكداً «لقد شاركتهم قلقهم حول صياغة التشريع التي كانت فضفاضة جداً، وهذا هو السبب وراء تقديمي عدة تعديلات في محاولة لتحسين التشريع».
وتابع: «لسوء الحظ، تم حظر تعديلاتي من قبل الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وكان التشريع يتضمن أحكاماً رئيسية لدعم حلفائنا، بمن فيهم الأردن. ومع ذلك، وبعد تمرير مشروع القانون كتبت إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي معرباً عن مخاوفي، وكررت دعوتي بإجراء تغييرات على مشروع القانون، التي يجب على أعضاء مجلس النواب النظر فيها».
وأشار إلى أن المشاركين في الاجتماع أعربوا له عن مخاوفهم العميقة حول «قائمة مراقبة الإرهاب»، خاصة في أعقاب إقرار الحكومة الفدرالية في شباط (فبراير) الماضي، بأنها تتشارك تلك القائمة مع أكثر من 1400 جهة غير حكومية، من ضمنها مستشفيات وبنوك وجامعات.
وقال بيترز في البيان: «بصفتي عضواً بارزاً في لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ، فإنني ملتزم أيضاً بمعالجة القضايا التي تتعلق بالأفراد الذين أدرجت أسماؤهم بالخطأ في قوائم المراقبة الفدرالية».
وأضاف: «يجب أن تكون هناك عملية عادلة يستطيع من خلالها هؤلاء الأفراد إزالة أسمائهم من تلك القوائم.. هذه مسألة أثرتها مباشرة مع وزير الأمن الداخلي نيلسون، وسأواصل العمل مع الوزراة بهذا الشأن».
وأكد: «أنا ملتزم بالعمل مع زملائي لتحقيق الرقابة ومعالجة هذه المسألة بطريقة تشريعية».
Leave a Reply