مريم شهاب
ونحن صغار، كنا نسمع مثلاً شعبياً يقول: عندما يصل الإنسان إلى القمر، سوف يجد لبنانيين؛ واحد يبيع على كشّة وآخر معه ريشة ودواة, والكشّة هي حقيبة صغيرة فيها شيء من كل شيء، هي دكانة المهاجر اللبناني المتنقّلة ليبيع في المدن والقرى والريف. أما الريشة والدواة، فقد حملها العديدون، منهم من ثابر ونجح ومنهم من ملَّ فكسر ريشته وقلب دواته، يائساً من عالمه العربي المعذب المرير وقال مثل سعد زغلول: «ما فيش فايدة، غطّيني يا صفية».
تنطبق صفة الروّاد على رجال يظهرون في زمنٍ معين، يفكرون ويحققون في زمن معين ومكان معين ما لم يحققه سواهم من قبل. وصفات الريادة متشابهة مهما تنوعت وتعددت الحقول. الأستاذ أسامة السبلاني رائد الصحافة العربية الأميركية هنا في ديربورن، وأحد رواد العمل الوطني والسياسي، لا على المستوى اللبناني فقط ولكن على مستوى الأمة العربية الممزقة، دون أن يبخل بسعيه لتنمية وتوعية وتطوير الجالية لعله يترك للأجيال القادمة إرثاً مضيئاً يبرز ثقافتهم وتاريخهم كعرب أميركيين.
أسّس جريدة تشبه أفكاره وتنطق باسم المصلحة العامة وترسم صورة عن مشاعره وأحلامه وأهدافه، فكانت «صدى الوطن»، وعمرها صار خمسة وثلاثين سنة، كان خلالها أسامة السبلاني نموذجاً للاجتهاد والمثابرة والتطور مع فريق من المحررين والصحفيين، وعلى رأسهم العزيز أحمد السبلاني الذي نجح في ضبط إيقاع التوسع والتطور، والذي يسهر على الجريدة مثل حارس حقلٍ في أيام الحصاد، لا يترك شيئاً للصدف أو للسهو. أهم ما فيه كمدير للتحرير أنه لا يقحم عواطفه ومشاعره في سياسات الجريدة، ودائماً صفحاتها مفتوحة لجميع الآراء وجميع الاتجاهات، وهذه ميزة لَمَستُها بنفسي من خلال كتاباتي لسنوات طويلة، فكان دوماً العامل الإيجابي والمشجع، وأنا أشكره لأنه أتاح لي فرصة ممارسة هواية الكتابة.
لا بد أن نحترم جميع الذين يتركون أثراً في مجتمعهم؛ جامعة، مؤسسة أو جسراً أو نهجاً أو قدوة، وسوف يذكر التاريخ جريدة «صدى الوطن» كعلامة فارقة في تاريخ ديربورن، والمجتمع العربي الأميركي، خاصة في زمن السياسة فيه دربٌ شاق ووعر فيها الكثير من الظلم والنكران والتآمر، والقليل جداً هو حق وخير وعمل في سبيل الناس والوطن. وجريدة «صدى الوطن» وناشرها الأستاذ أسامة السبلاني، تعرضت لمضايقات وصعوبات، كانت السبب في إقفال صحف عديدة عربية، لكن «صدى الوطن» تحملت الصدمات والأزمات حتى تخطت سن ال35 عام وسوف تبقى المنبر الذي نقل الخريطة العربية كلها إلى ديربورن ونقل ديربورن إلى جميع الولايات المتحدة وإلى العالم في ثبات وإصرار على التميز والريادة.
Leave a Reply