واشنطن – رفعت وزارة العدل الأميركية، السرية عن تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر التي استمرت 22 شهراً، بتوزيع التقرير النهائي المكوّن من 448 صفحة لأعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام إضافة إلى نشره على الإنترنت.
ورغم أن التقرير توصل إلى عدم وجود تواطؤ بين حملة الرئيس دونالد الانتخابية وروسيا، للفوز في سباق الرئاسة 2016، إلا أنه لم يتوصل لنتيجة حاسمة بشأن ما إذا كان ترامب قد حاول عرقلة العدالة.
وعقد وزير العدل بيل بار، الذي عينه ترامب، مؤتمراً صحفياً قبيل نشر التقرير الخميس الماضي، جدد فيه دعمه لموقف الرئيس، مما أثار غضب أعضاء بارزين في الحزب الديمقراطي، أعربوا عن تشككهم في استقلاليته وموضوعيته.
وكرر بار قوله إن تحقيق مولر «لم يثبت أن أياً من أعضاء حملة ترامب تآمروا أو نسقوا مع الحكومة الروسية في تدخلاتها بالانتخابات».
وكان بار قد خلص في آذار (مارس) الماضي إلى أن ترامب لم يخالف القانون، لكنه قال في المؤتمر الصحفي إن مولر رصد «عشر وقائع تشمل الرئيس وتناقش نظريات قانونية محتملة تربط بين هذه الأفعال وجوانب من جريمة عرقلة العدالة».
ومن المؤكد أن صدور التقرير، الذي حجب بار أجزاء منه لحماية بعض المعلومات الحساسة، سيثير ضجة سياسية جديدة في الكونغرس في الوقت الذي تبدأ فيه الاستعدادات للحملات الدعائية لانتخابات 2020 التي يعتزم ترامب إعادة ترشيح نفسه لسباقها في بلد يعاني من الانقسام الشديد.
وتقدم الوثائق التي نشرتها وزارة العدل على موقعها الإلكتروني، الخميس الماضي، وصفاً مفصلاً لسلسلة من الأفعال التي قام بها ترامب لعرقلة مسار التحقيق، مما جدد تساؤلات الديمقراطيين بشأن ما إذا كان ترامب قد ارتكب جريمة عرقلة العدالة.
وقدم التقرير تفاصيل جديدة بشأن كيفية محاولة الرئيس الجمهوري فصل مولر، وكيف أصدر توجيهات لأعضاء في إدارته لكي يتحدثوا علنا ويؤكدوا براءته وكيف لوح بعفو لمساعد سابق في مسعى لمنعه من التعاون مع المحقق الخاص.
وأفاد التقرير بأن الرئيس سعى قبل نحو عامين إلى عزل مولر بعد فترة قصيرة من توليه التحقيقات. وأضاف أن ترامب اتصل بمحامي البيت الأبيض دون ماكغان في منزله «وأمره بالاتصال بوزير العدل بالإنابة ليبلغه بأن للمحقق الخاص مصالح متضاربة ويجب عزله».
وكشف مولر أنه لم يتمكن بناءً على الأدلة المتوفرة من إعلان براءة ترامب من تهمة عرقلة العدالة.
وذكر قائلاً: «لو كانت لدينا الثقة أن نقول بعد التحقيق المعمق في الحقائق أن الرئيس لم يقم بأي عرقلة للعدالة، لقلنا ذلك»، مضيفاً «ولكن استناداً إلى الحقائق والمعايير القانونية المطبقة، لم نتمكن من الوصول إلى ذلك الاستنتاج».
تقرير مولر ذكر أيضاً أن هناك «أدلة قوية» على أن ترامب أقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) جيمس كومي بسبب «عدم استعداده (كومي) للقول علناً إن الرئيس لم يكن شخصياً يخضع للتحقيق».
كذلك تكشف وثائق التحقيقات أن الرئيس ترامب شعر بأن تعيين محقق خاص للإشراف على التحقيق الفدرالي في التدخل الروسي في انتخابات 2016 ينذر بنهاية رئاسته.
وأوضح التقرير أنه عندما أبلغ وزير العدل السابق جيف سيشنز، الرئيس بتعيين مولر في أيار (مايو) أيار 2017 قال ترامب وقد رجع بظهره للوراء على مقعده «يا إلهي. هذا أمر فظيع. هذه نهاية رئاستي. لقد انتهيت».
ثم سأل ترامب وزير العدل، الذي وبخه على مدى شهور لتنحيه عن التحقيق الروسي «كيف سمحت بحدوث هذا يا جيف؟»، مضيفاً أن الوزير تخلى عنه.
وذكر التقرير أن سيشنز الذي استقال في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي يتذكر أن ترامب قال له «من المفترض أن تحميني» أو كلمات من هذا القبيل.
ردود فعل
من ناحيته، بدا ترامب سعيداً، وقال خلال مناسبة في البيت الأبيض مع مصابي الجيش الأميركي صباح الخميس الماضي إنه «يمر بيوم جيد» بعد نشر التقرير وأضاف «هذا يعني.. لا يوجد تواطؤ.. لا توجد عرقلة (للعدالة)».
وكتب ترامب على تويتر لاحقاً «اللعبة انتهت»، وأضاف «أنا في أحسن حال، اليوم».
ورد رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيرولد نادلر قائلاً في بيان إنه سيطلب نسخة من التقرير كاملاً، لافتاً إلى أن حتى النسخة غير الكاملة من التقرير تشير إلى قيام ترامب بمحاولة إعاقة العدالة، وأنه قد يطلب من مولر الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس قريباً.
وتحدث بعض الديمقراطيين في مجلس النواب عن بدء إجراءات لمساءلة ترامب بهدف عزله في الكونغرس لكن كبار الديمقراطيين توخوا الحذر. ومن غير المرجح أن يكلل هذا المسعى بالنجاح لأن الجمهوريين يسيطرون على مجلس الشيوخ الذي سيحدد مصير الرئيس.
لكن نادلر قال يوم الخميس الماضي إن تقرير مولر يسلط الضوء على «أدلة مقلقة على أن الرئيس ترامب عرقل العدالة وارتكب مخالفات أخرى».
وأضاف النائب الديمقراطي عن نيويورك في بيان نشر بعد ساعات من نشر نسخة مختصرة من تقرير مولر على الرأي العام «التقرير خلص إلى أن هناك أدلة قوية على ان الرئيس ترامب حاول منع التحقيق في أمر حملته وفي أفعاله.. المسؤولية الآن تقع على الكونغرس لمحاسبة الرئيس على أفعاله».
Leave a Reply