الجالية تحيي ذكرى مجزرتي قانا: كي لا ننسى!
ديربورن هايتس – «صدى الوطن»
بدعوة من «جمعية قانا الجليل» و«كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن»، أحيت الجالية العربية في منطقة ديترويت الذكرى السنوية لمجزرتي قانا اللتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوان «عناقيد الغضب» (1996) و«حرب تموز» (2006).
وأقيمت الاحتفالية في «المنتدى الإسلامي في أميركا» بمدينة ديربورن هايتس، الأحد 21 نيسان (أبريل)، تحت شعار «كي لا ننسى»، وكان المتحدث الرئيسي فيها ناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني الذي تناول في كلمته ذكرى المجزرتين الوحشيتين، وهواجس الجالية في ظل ارتفاع وتيرة الخطاب المعادي للمسلمين، إضافة إلى إدانته لمحاولات تقسيم العرب الأميركيين وفق أسس عنصرية ومذهبية بما يطيح بالإنجازات التي تحققت خلال العقود الماضية.
وفي مستهل الاحتفالية التي دأبت الجالية على إحيائها منذ التسعينيات، شكر السبلاني أبناء الجالية على التزامهم بإحياء ذكرى شهداء قانا، لافتاً إلى أن الأحداث الأخيرة في نيوزيلندا وسريلانكا لا تختلف في جوهرها عن جرائم إسرائيل في لبنان، «لأنها جميعها.. جرائم ضد الإنسانية».
وكانت دولة الاحتلال قد قصفت في 18 أبريل 1996 مركزاً تابعاً لقوات الأمم المتحدة (يونيفل) بعد لجوء المدنيين إليه مما أدى إلى استشهاد 106 أشخاص معظمهم من النساء والأطفال الذين كان بينهم عبد المحسن وهادي بيطار، وهما طفلان لأسرة لبنانية أميركية تعيش في مدينة ديربورن، بينما كانا يزوران جدهما في صيف ذلك العام.
وفي 30 تموز (يوليو) 2006، كررت إسرائيل استهدافها الإجرامي للبلدة الجنوبية خلال «حرب تموز»، وقد أسفرت المجزرة الثانية عن ارتقاء 55 شهيداً معظمهم من النساء والأطفال.
تحالفات لمواجهة الهواجس
السبلاني أعرب للحضور عن خشيته من استهداف العرب والمسلمين الأميركيين في منطقة ديترويت أو مناطق أخرى، في ظل صعود موجات الكراهية المعادية للدين الحنيف وأتباعه في الولايات المتحدة. وقال: «لدينا رئيس يصرّ على تصوير ديننا كعدو لأميركا، مما يؤجج العنف ضد المسلمين، ليس في الولايات المتحدة وحدها، وإنما في جميع أنحاء العالم».
وأضاف: «لذلك علينا أن نكون حذرين ومتيقظين، من دون أن يتملكنا الخوف. نعم.. لا يجب أن نكون خائفين من الدفاع عن حقوقنا وأنفسنا»، مشيراً إلى ضرورة أن تعقد المجتمعات العربية والإسلامية تحالفات وثيقة مع المجتمعات الأخرى في الولايات المتحدة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وقال: «إن من أكبر مشاكلنا، هو اعتقادنا بأننا وحدنا من يواجه الكراهية والتمييز في هذه البلاد، ولكن واقع الأمر أنه توجد مجتمعات أخرى حولنا تعيش نفس المخاوف والتوجسات التي نعيشها، ولذلك من الأهمية بمكان أن نقيم تحالفات مع هذه المجتمعات وأن نحرص على التواصل معها، لكي يتعرفوا علينا: من نحن ومن نكون، وماذا نريد»، مشدداً: «يمكننا أن نتعاون معاً لمقاومة الشر الذي يتعاظم يوماً بعد يوم».
وأكد السبلاني على ضرورة انخراط الجاليات العربية في العملية السياسية، ترشيحاً وانتخاباً، خاصة في المدن والولايات التي يشكل فيها العرب صوتاً انتخابياً وازناً، وقال: «لدينا انتخابات رئاسية قادمة، وستلعب جاليتنا في ولاية ميشيغن دوراً حاسماً في حظوظ المرشحين إلى البيت الأبيض»، مستدركاً: «صحيح أننا لا نشكل سوى 3 بالمئة من الأصوات الناخبة في هذه الولاية، ولكن قوتنا الانتخابية يمكن أن تكون مؤثرة وحاسمة في الانتخابات القادمة، خاصة بعد أن أثبتت انتخابات 2016 أن ميشيغن ولاية حاسمة في تحديد هوية الرئيس الأميركي».
وقال: «إذا استخدمنا قوة التصويت التي نمتلكها فيمكننا أن نهزم الرئيس (دونالد ترامب) الذي يلاحق مجتمعنا وديننا، ويدمر صورة بلادنا ومصداقيتها حول العالم».
وأكد على أن الاستحقاق الأهم في حياة الجالية العربية الأميركية يتمحور في الإجابة على السؤال الملّح: «هل سنتلاحم مع بعضنا البعض لمواجهة المخاوف التي تتهددنا، أم سنتقوقع على أنفسنا ونتنحى جانباً؟».
سنة وشيعة
السبلاني أشاد في كلمته، بالنجاجات الانتخابية التي حققها العرب والمسلمون الأميركيون في الانتخابات الأخيرة بولاية ميشيغن، لافتاً إلى التغيّرات الكبيرة في المشهدين السياسي والاجتماعي في الولاية التي باتت تضم كثافة عربية مؤثرة. وقال: «عندما أسسنا «صدى الوطن»، قبل 35 عاماً، كان العرب يغيرون أسماءهم وينتحلون أسماء أميركية، لكي يتفادوا التمييز ضدهم، أما اليوم فقد بات البعض من أبنائنا يشغل أعلى المناصب الرسمية والحكومية، لا في مدينة ديربورن وحدها، وإنما على مستوى مقاطعة وين، وولاية ميشيغن بأكملها».
وأكد على أن الخطر الأكبر الذي يتهدد الوجود العربي في ولاية ميشيغن يتمثل في الانقسامات العميقة بين العرب الأميركيين على خلفيات طائفية ومناطقية. وقال: «إن خوفنا الأكبر هو أن نصبح مجتمعاً منقسماً على نفسه»، لافتاً إلى وجود «جهات وأشخاص يعملون ليل نهار من أجل تفريقنا، لأنها الطريقة الوحيدة التي تقلل من أهمية الإنجازات التي حققناها خلال الفترة الماضية».
أضاف: «إنهم يتبعون نفس الأساليب التي تم اتباعها في أوطاننا الأم، على قاعدة: فرق تسد».
وشجب السبلاني المحاولات الخبيثة لإذكاء نيران الطائفية والمناطقية بين صفوف الجالية العربية في مترو ديترويت، وقال: «إنهم يلعبون نفس اللعبة القذرة لإذكاء مشاعر العداء بين السنة والشيعة… وبين اللبنانيين واليمنيين…».
وأضاف: «عندما يأتي متعصب ويطلق النار على مرتادي أحد المساجد لا يتساءل فيما إذا كان المصلون من السنة أو الشيعة، وعندما نتعرض للمضايقة والتحرش على المنافذ الحدودية لا أحد يتساءل فيما إذا كان المسافرون سنة أم شيعة».
وشدد على أن التلاحم والتنظيم المجتمعي هو أفضل وسيلة لصيانة حقوق العرب الأميركيين، وقال: «قبل عدة سنوات، لم يكن لدينا مسؤول واحد في مجلس ديربورن التربوي.. حينها لم نكن نشكل الأغلبية في المدينة، ولكننا مع ذلك نظمنا صفوفنا ووحدنا أصواتنا، واستطعنا خلال وقت قصير إحداث تغييرات نوعية في المجلس التربوي»، لافتاً إلى النجاحات الهائلة التي حققتها ثانويات ديربورن الثلاث التي صنفت –هذا العام– ضمن أفضل عشر ثانويات عامة في ولاية ميشيغن.
أضاف: «ما حققناه على المستوى الأكاديمي في مدينة ديربورن لا يروق للبعض من خصومنا الذين يسعون إلى تقسيمنا وإضعافنا، ولكنني أؤكد لكم أنه إذا أردتم أن تصنعوا فرقاً في البيت الأبيض فعليكم أولاً أن تصنعوا الفرق في المدن التي تعيشون فيها.. لا يمكننا التأثير على سياسات البيت الأبيض إذا كنا عاجزين عن التأثير على سياسات مدننا».
ديربورن هايتس
وأدان السبلاني الخلافات المحتدمة في أروقة بلدية ديربورن هايتس بين رئيس البلدية وبعض أعضاء المجلس البلدي، لافتاً إلى أن المدينة تشكل امتداداً لنجاحات العرب الأميركيين المتراكمة في ديربورن وأنه يجب الحفاظ على سمعتها كحاضنة أساسية للجالية في منطقة ديترويت.
وأضاف: «لا يمكن أن يكون لنا تأثير في واشنطن، إن لم يكن لدينا تأثير في لانسنغ… وقبل عاصمة الولاية، يجب أن نكون قادرين على إحداث فرق إيجابي في المدن التي يعيش فيها العرب الأميركيون»، مؤكداً على أن الخلافات في ديربورن هايتس «تجعل منا ضعفاء، وتبدد الإنجازات التي حققناها على مر السنين».
واستدرك بالقول: «لا بأس بالانخراط في المناقشات القاسية، هذه هي الديمقراطية، لكن الخلافات يجب ألا تصل إلى حد يهدد مصالح أبناء مجتمعنا». وأكد على أن الانقسام سيكون «مآله الفشل لا محالة»، تماماً كما حدث في انتخابات مجلس ديربورن التربوي الأخيرة، حيث لم يتمكن مرشح عربي واحد من الفوز بالسباق، بسبب تشتت الأصوات الذي صبّت في نهاية المطاف لصالح المرشحين الآخرين.
وأهاب السبلاني بالحضور من أجل المشاركة الواعية والمسؤولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت ذات تأثير ملموس في مجمل القضايا الحياتية والعامة، وقال: «إذا رأيتم خطأ ما، فتحدثوا عنه، وطالبوا بتصويبه، فنجاح المجتمع لا يمكن أن يتحقق إلا بمشاركة أكبر شريحة ممكنة من الناس».
Leave a Reply