طارق عبد الواحد – «صدى الوطن»
طردت بلدية ديربورن –الأربعاء الماضي– موظفاً بدوام جزئي في قسم الهندسة، لنشره تعليقاً عنصرياً في «فيسبوك» ضد عارضة أزياء مسلمة، وزعمه بأن صفحته الشخصية قد تعرضت للقرصنة الإلكترونية.
ولم يعلل البيان الصادر عن البلدية أسباب إنهاء عمل الموظف، مكتفياً بالإشارة إلى أنه لم يعد يعمل في بلدية ديربورن.
وكان بيل لاريون (58 عاماً)، قد نشر –الأسبوع الماضي– تعليقاً مسيئاً ضد عارضة الأزياء، الصومالية الأميركية حليمة عدن، كتب فيه: «صورة ظريفة.. كان يجب أن يكون عنوان الغلاف: نحن الجِمال»، في إشارة إلى غلاف العدد الأخير من مجلة «سبورتس إلسترايتد»، الذي حمل صورة عدن وهي ترتدي البوركيني (لباس البحر الخاص بالمحجبات).
وقد عمد لاريون –وهو من سكان مدينة آلن بارك– إلى إغلاق صفحته الشخصية على «فيسبوك»، بعد انتشار التعليق الذي كُتب خارج ساعات الدوام الرسمي، والذي حظي بمشاركات واسعة بين متصفحي السوشال ميديا، كان بينهم العديد من العرب والمسلمين الأميركيين الذين طالبوا بلدية ديربورن بفصله من وظيفته، أو على الأقل توبيخه في أضيق الأحوال.
وكان ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، قد أعاد نشر تعليق لاريون، مستهجناً إساءة أحد موظفي بلدية ديربورن للعرب والمسلمين. وكتب على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك: «عندما يعمل عنصري مثل هذا الشخص في قسم الهندسة ببلدية ديربورن التي يمثل فيها العرب الأميركيون أكثر من 50 بالمئة، فعلى من يكون اللوم؟»، مضيفاً: «اطردوه من وظيفته، واعتذروا!».
في السياق ذاته، أصدر «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير)–فرع ميشيغن بياناً دعا فيه إلى توبيخ لاريون وتأنيبه. وقال المدير التنفيذي لـ«كير» في ميشيغن، داود وليد: «ندعو مسؤولي ديربورن إلى توبيخ ذلك الموظف الذي يحمل مثل هذه الآراء العنصرية، في الوقت الذي يعمل فيه بمدينة يمثل فيها العرب والمسلمون الأميركيون أكثر من نصف سكانها».
ويوم الاثنين الماضي، أصدر رئيس البلدية جاك أورايلي بياناً صحفياً شجب فيه تعليق لاريون المسيء، وأصدر توجيهات لعدد من دوائر المدينة، بينها دائرة الشرطة، للتحقيق في الموضوع.
وتظهر وثائق البلدية أن لاريون كذب على ضابط الشرطة الموكل بالتحقيق من قبل مكتب رئيس البلدية، وعلى مسؤول قسم الموارد البشرية في البلدية، وادعى زوراً بأن «حسابه الشخصي على فيسبوك قد تعرض للقرصنة»، لكن محاميه، أد زيليناك، اعترف –الثلاثاء الماضي– بأن موكله هو من كتب التعليق.
وقد أبرقت بلدية ديربورن رسالة للاريون تشرح فيها أسباب إيقافه عن العمل، مشيرة إلى أن التعليق ومحاولة التستر عليه والتنصل منه لاحقاً، لا تنسجم مع مهمة البلدية «في تقديم خدمة عامة مميزة، واكتساب ثقة الناس يومياً، وفي كل عمل نقوم به».
وأضافت الرسالة الموقعة من قبل رئيس دائرة الأشغال العامة ببلدية ديربورن: «للأسف، لقد اهتزت ثقتنا وثقة الناس في قدرتك على القيام بأعباء وظيفتك بطريقة نزيهة وصادقة، لقد فشلت في تلبية معاييرنا، بعد منشورك المزعج على السوشال ميديا في 4 أيار (مايو)، وبعد إفاداتك الزائفة –في اليوم نفسه– لضابط الشرطة المكلف من قبل مكتب رئيس البلدية، ولقسم الموارد البشرية في 6 مايو».
في المقابل، وصف زيليناك طرد موكله من عمله بـ«المؤسف»، مضيفاً: «لقد ارتكب خطأ، وبادر إلى الاعتراف به والاعتذار عنه.. ثم المضي قدماً للشفاء من تبعاته».
وأعرب عن أمله في أن الحادثة كان يمكن أن «تشكل درساً للاريون للعمل من أجل تعزيز الوحدة، بدلاً من طرده». وقال: «كان يمكن أن تكون (الحادثة) درساً عظيماً، لو كان بإمكانه مواصلة عمله في بلدية ديربورن، ليكون مثالاً لشخص ارتكب خطأ فادحاً، لكنه حاول تصحيحه والتراجع عنه»، مشيراً إلى أنه كان يخطط لإشراك موكله في منتديات دينية وإثنية للمساعدة في إعادة تأهيله. وأضاف: «في هذه المرحلة من حياة لاريون، باتت خياراته المهنية ضئيلة للغاية».
وقبل يوم واحد من إقالته، كتب لاريون رسالة بخط يده لمسؤولي ديربورن، قال فيها: «أنا بيل لاريون، لا ألوم سوى نفسي على تصرفي السيء، أريد الاعتذار عن تعليقي الكريه.. أريد أن أخدم مجتمعي وعائلتي بشكل أفضل. أنا لم أوذِ أسرتي فقط، إنما آذيت زملائي في العمل ومجتمعي وأشخاصاً لا أعرفهم»، مضيفاً: «آسف، لتحميل عائلتي هذا العبء، آسف لكل شخص تسببت بأذيته».
وكان لافتاً أن بعض العرب والمسلمين الأميركيين قد حثوا بلدية ديربورن على التسامح مع لاريون الذي نشر تعليقه بالتزامن مع تباشير شهر الرحمة والمغفرة، شهر رمضان الفضيل، فيما دعا آخرون إلى عدم التهاون مع سلوكه التمييزي. وأعرب المحامي ماجد مغنية عن أمله في أن يكون فصل لاريون من عمله «درساً لأولئك الذين يحاولون نشر تعليقات عنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي».
كما أشادت «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» (أي سي آر أل) بموقف رئيس البلدية جاك أورايلي، الذي «اتخذ الإجراءات المناسبة، وأبدى تفهمه لأهمية الحفاظ على الثقة مع المجتمع الذي يحكمه»، وفقاً لبيان صدر عن المنظمة الحقوقية.
وكان أورايلي قد أكد في بيان، الاثنين الماضي، بأنه لن يتسامح مطلقاً «مع التعبيرات التي استخدمت في ذلك التعليق على موقع فيسبوك». أضاف: «مع أن التعليق لم ينشر خلال ساعات الدوام الرسمي في بلدية ديربورن، لكنه مع ذلك لا ينسجم مع سياسات البلدية، وهو يخالف قيم بلدية ديربورن وسلوكياتها، كما أنه يتناقض مع توقعاتنا من موظفينا». وشدد قائلاً: «إنه يخالف جوهر مهمتنا التي تتمثل في أنه يجب علينا كسب ثقة الناس في كل ما نقوم به».
وتابع: «إننا فخورون جداً بالتنوع في مدينتنا، ونعتبره ميزة إضافية سنواصل رعايتها، كما أننا سنستمر في إدانة الأقوال والأفعال التي تحاول تقسيمنا».
Leave a Reply