مريم شهاب
ليس في شهر رمضان فقط، بل على مدار السنة، تكثر في ديارنا حفلات التكريم والتعظيم التي تقام لكل من هب ودب، وتزدحم بها صفحات التواصل الاجتماعي بعناوين وتعليقات التبجيل والتفخيم وألبومات صور لا تنتهي تؤكد بالبرهان الساطع، لك ولي ولكل عباد الله الذين يشاهدونها، بأن محدثي النعمة ليسوا فقط من امتلكوا مالاً وفيراً في بغتة من الزمن، بل هم أيضاً عشاق الأبهة الكاذبة فتجدهم حاضرين ناضرين في صور كل المناسبات والحفلات، بصفة «ناشطين» و«قياديين» اجتماعيين في شتى المجالات… هكذا، بمزاجهم وبشهادة المذيعات وتجار الإعلانات…
يتحلق هؤلاء النشطاء ورجال الأعمال، غير المعروفة أعمالهم وأشغالهم، حول الطاولات في المطاعم والقاعات، فيستبد بهم وحش المال الصغير بداخلهم ويجعل أصواتهم نافرة وأعلى ضجيجاً تباهياً بآخر «أنشطتهم» لخدمة وسعادة ناسهم وأهلهم.
صورهم وهم يوزعون ابتسامات دبلوماسية وفوتوجينيكية تدل على الكفاءة والسعادة تجعلني أتساءل ماذا لو وزعوا تلك الابتسامات على الناس بالعدل والقسطاس ولا يحرموا منها محروماً فلا يبقى في ديربورن وما حولها مظلوم؟
في أيام شهر رمضان الفضيل تقام حفلات الإفطار في كل ليلة تقريباً، بحضور نفس الوجوه والوجهاء الشبعانين، وأكثرهم غير صائمين، يشاركون للوجاهة والمفاخرة إشباعاً لعظمة الذات أو إرضاء لأزواجهم أو شركائهم في التجارة والشطارة وسائر المصالح الشخصية.
ما فائدة كل هؤلاء الناشطين وتلك النشاطات على العباد من أمثالنا ممن يمشون «الحيط الحيط» سائلين الله العفو والمغفرة؟ أم هي جعجعة بلا طحين؟
هل تساهم هذه الإفطارات بالتخفيض من منسوب التعصب ضدنا كمسلمين مسالمين؟ هل صحون الكبة والتبولة والحمص هي صفوة ما يمكننا إظهاره لجيراننا الأميركيين من سمو ديننا ورقيّ حضارتنا؟ وهل الأموال التي يدفعها محدثو النعمة لقاء الطعام والشراب والحلويات، هي جواز دخولنا إلى غرف القرار، حتى نثبت للآخرين أن الإسلام دين وسط ودين حياة؟ أو ربما نحتاج إلى أن نثبت لأنفسنا أولاً أن رمضان فعلاً هو شهر لكبح الجشع والطمع والنفاق فلا نمعن في البهورة والفشخرة بطول المأدبات وعرضها؟
في المقابل، هناك الكثيرون الذين يعملون بدأب وإخلاص وبدون ضجيج وحفلات وصور. هؤلاء الخيرون حيثما وجدوا في المحلات والمدارس والمصانع وخلف المكاتب، يعملون كما أراد النبي العربي الكريم بقوله: «الإنسان أخو الإنسان، أحب أم كرِه». هؤلاء سفراء الأخلاق الطيبة والمودّة الإنسانية الصافية من أي رياء أو كبرياء، نقول لهم بحق: تقبّل الله صيامكم وقيامكم.
Leave a Reply