واشنطن – كشف تقرير صادر عن «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير) عن حصول المنظمات المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة، على أكثر من 125 مليون دولار عبر 1,096 مؤسسة خيرية أميركية بين عامي 2014 و2016، بما ساهم في تأجيج كراهية الإسلام والتمييز ضد المسلمين.
التقرير الذي جاء بعنوان «مختطفون من قبل الكراهية: العمل الخيري الأميركي وشبكة الإسلاموفوبيا»، سلط الضوء على دور مؤسسات خيرية كبرى في تأجيج معاداة الإسلام في أميركا،
وأشار التقرير إلى أن 39 مجموعة معادية للمسلمين حصلت على تبرعات بلغت 1.5 مليار دولار خلال الفترة التي شملتها الدراسة، وقد تراوحت المساهمات بين 20 دولاراً و32.4 مليون دولار، وجاء جزء كبير منها عبر مؤسسات خيرية كبرى، مثل «فيديليتي» و«شواب» و«عائلة أديلسون» و«دونرز كابيتال» و«فانغارد».
التقرير الذي استند إلى مراجعة البيانات الضريبية العامة للمنظمات غير الربحية، تتبع مصدر ووجهة الأموال التي وردت إلى المنظمات المعادية للمسلمين، وتبين أن جزءاً كبيراً منها جاء عبر مؤسسات خيرية كبرى، من متبرعين مجهولين.
كما توصل الباحثون في «كير» إلى أن تلك الأموال تُدفع في الأوساط السياسية والإعلامية والأمنية والتعليمية إضافة إلى جماعات الضغط وغيرها، لتأجيج كراهية الإسلام والمسلمين في أميركا.
وأشارت زينب أرين، المديرة الوطنية للأبحاث والمحاماة في «كير» إلى أن «الجماعات المعادية للمسلمين لديها أكثر من مليار دولار، كعائدات إجمالية تستخدم لتأجيج أجندة معادية للمسلمين»، لافتة إلى أن تلك الأموال تستخدم للضغط على الهيئات التشريعية لتمرير قوانين وسياسات مناهضة للمسلمين، إضافة إلى التلاعب بالمناهج الدراسية وترويج المحتوى الإعلامي المتحيز ضد المسلمين.
وقالت أرين في مؤتمر صحفي بالعاصمة واشنطن: «لسوء الحظ، إلى جانب الجهات المؤدلجة المعتادة، وجدنا مؤسسات خيرية رئيسية، تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر، في تحويل تبرعات مجهولة المصدر إلى شبكة التخويف من الإسلام».
وأكدت على أن الجماعات المعادية للمسلمين تستخدم إيراداتها الضخمة من أجل التضييق على مؤسسات إسلامية وإغلاقها وتنظيم مظاهرات معادية للمسلمين وتشجيع القوانين المناهضة للشريعة (الإسلامية) عبر المجالس التشريعية في العديد من الولايات الأميركية.
وأضافت أن مجموعات الكراهية تلك، «تستغل التقاليد الراسخة للعمل الخيري الأميركي وتجيّره لإيذاء الديمقرطية»، مؤكدة أن نشاط هؤلاء «ليس مجرد أمر نظري، إنما له تداعيات حقيقية للغاية».
خريطة التبرعات
وبحسب تقرير «كير»، فإن مجموعات ترويج الإسلاموفوبيا حصلت على تبرعات تفوق 2.7 مليون دولار، عبر صندوق «فانغارد» الذي يتم من خلاله التبرع لمؤسسات خيرية مرموقة مثل «أطباء بلا حدود» وجمعية الكشافة الأميركية للفتيان، إلا أنه قدم أيضاً تبرعات لمنظمة «مشروع كلاريون» التي تعد من أبرز المنظمات المؤججة لمشاعر العداء للمسلمين في الولايات المتحدة، وفق «مركز قانون الفقر الجنوبي» المتخصص برصد جماعات الكراهية في الولايات المتحدة.
أما أكثر من نصف الأموال التي تم التبرع بها عبر «فانغارد» فكانت من حصة «مركز السياسة الأمنية» –وهو مركز أبحاث يميني متطرف يعتبر بمثابة الناطق باسم الحركة المتنامية لمعاداة الإسلام– وكان هذا المركز مسؤولاً عن تكليف شركة استطلاع رأي تملكها المستشارة الرئاسية الحالية في البيت الأبيض كيليان كونواي، لإجراء استبيان أظهر أن ربع المسلمين في الولايات المتحدة يعتقدون بأن العنف ضد أميركا مبرر كـ«جزء من الجهاد العالمي». وهو استطلاع استعان به الرئيس دونالد ترامب لتبرير قرار حظر سفر المسلمين، بحسب «كير».
ويسمح برنامج «فانغارد» للمتبرعين بتحديد وجهة تبرعاتهم مع الحفاظ على سرية الهوية.
وبالمثل، فإن صندوق «فيديلتي» الذي يقدم تبرعات ضخمة لمؤسسات خيرية مرموقة مثل «اليونيسف» والصليب الأحمر الأميركي، قدم كذلك تبرعات بحوالي 1.9 مليون دولار لـ34 جماعة معادية للمسلمين، بينها 800 ألف دولار لـ«مركز ديفيد هوروتيز» المعروف بتوجهاته المعادية للمسلمين.
وتشمل قائمة ممولي منظمات كراهية المسلمين، مؤسسات خيرية كبرى ذات هوية دينية أو عائلية، مثل «الصندوق الاجتماعي اليهودي» الذي قدّم منحاً مالية بقيمة 3.2 مليون دولار لصالح 31 مجموعة مناهضة للمسلمين، من بينها منظمتان يقودهما الكاتب روبرت سبنسر والناشطة اليمينية باميلا غيللر.
كذلك قدمت «المؤسسة المسيحية الوطنية» ما لا يقل عن 15 مليون دولار لصالح ما وصفته «كير» بـ«صناعة كراهية المسلمين»، معتبرة «المؤسسة المسيحية الوطنية» بأنها «ثاني أكبر ممول لكراهية المسلمين في أميركا».
حملة وطنية
من جانبه، قال مدير الأبحاث في «كير» عباس برزيغار «نخشى أن مؤسسات خيرية مرموقة مثل «شواب» و«فيديليتي» و«فانغارد» وحتى المؤسسات المحافظة التقليدية… يتم استغلالها من قبل صانعي الكراهية لتحويل الأموال إلى وجهات لا يرغبون في إجهارها»، لافتاً إلى أن «البنوك والمؤسسات الخيرية نفسها غير مجهزة للتعامل مع هذا الأمر».
وقال برزيغار «يجب على المؤسسات الخيرية تأمين مؤسساتها من التلاعب بها من قبل الجهات المانحة المجهولة التي تستغل الإعفاءات الضريبية والثغرات الموجودة داخل نظامنا لإخفاء تمويلها».
وأشارت «كير» إلى أن التقرير يأتي في سياق حملة وطنية، تهدف إلى حث المؤسسات الخيرية على حجب التبرعات عن الجماعات المعادية للمسلمين، وحضها على إجراء مراجعة شاملة لآليات التبرع لمعرفة ما إذا كانت تموّل الجماعات المعادية للمسلمين «عن قصد أو عن غير قصد»، ودفعها إلى اعتماد سياسات تضمن عدم حدوث ذلك مرة أخرى.
والجدير بالذكر أنه منذ العام 2010، دأبت «كير» على نشر تقارير سنوية حول الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة، متتبعة الصلات المالية والسياسية لعشرات الشخصيات والمنظمات التي تعمل بنشاط لنشر الدعاية المعادية للمسلمين.
وقال المدير التنفيذي لـ«كير»، نهاد عوض: «لقد رسخت الإسلاموفوبيا جذورها في المؤسسات الخيرية الرئيسية، وهي تهدد ديمقراطيتنا الأميركية، ولا يمكننا مواجهة كراهية الإسلام قبل أن نفهم هذه الظاهرة واستراتيجياتها وتكتيكاتها، ومن الذي يمولها».
Leave a Reply