طارق عبدالواحد
في محاولة طموحة لاسترداد السرديات العربية والإسلامية من وسائل الإعلام الغربية الرئيسية، يسعى البرنامج الإذاعي الجديد، «فتاة ديربورن» Dearborn Girl، إلى توفير منصة موضوعية وشفافة تكشف عن الوجه الحقيقي للعربيات والمسلمات الأميركيات في منطقة ديربورن، اللاتي مازلن يعانين من آثار الصور النمطية الراسخة في أذهان الأميركيين حول الإسلام والمسلمين.
وتتطلع مقدمتا البرنامج، الشابتان ريما فضل الله وياسمين قدوح، إلى تصحيح المعتقدات الأميركية الشائعة حول العربيات والمسلمات، ودحض التصورات المسبقة حول الفتيات الديربورنيات، عبر تقديم تجارب لنساء ناجحات ومتفوقات، لا ينتمين لمجتمع متعدد عرقياً فحسب، بل متنوع ثقافياً ومهنياً، ولغوياً أيضاً.
ويتألف «فتاة ديربورن» من 12 حلقة، تنشر تباعاً كل أسبوع، عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل: «يوتيوب» و«آبل بودكاست» و«سبوتفاي» و«فيسبوك» و«إنستغرام». وقد بُثّت منه حلقتان حتى الآن، استضافت الأولى الطالبة في «جامعة هارفرد» مريم جلول، فيما حلت الطبيبة المقيمة في «مستشفى جامعة ميشيغن» بتول عون ضيفة على الثانية.
ومنذ نشر أولى حلقاته، الأسبوع الماضي، اجتذب البرنامج اهتمام وسائل الإعلام الأميركية، مثل صحيفة «ديترويت نيوز» وقناة «فوكس 2» وغيرهما من وسائل الإعلام المحلية، إضافة إلى متصفحي السوشال ميديا الذين استقبلوا التجربة الإذاعية الجديدة بحماسة وشغف. وبادر المئات منهم إلى الإعجاب به ومشاركة منشوراته على حساباتهم الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد حققت الحلقة الأولى من «فتاة ديربورن»، أكثر من 1200 مشاهدة على صفحة البرنامج في «يوتيوب». وفي تعليقات على الحلقة، كتب إلياس بومغارتن: «لقد ذهبت إلى ديربورن في 1972 ولم أكن حينها على معرفة بأي مسلم. لقد درّست بجامعة ميشيغن –فرع ديربورن لـ46 عاماً، وتعرفت على أشخاص مثل مريم جلول غيّروا حياتي… للأسف لا أعرفها شخصياً. لقد طوّرتُ عاطفة حميمة نحو ديربورن، وهو شيء لم أكن أتوقعه. مشاهدة هذا الفيديو محفّزة ومؤثرة للغاية».
ويشي تعليق بومغارتن بالتطورات النوعية التي حققها المجتمع العربي في ديربورن خلال العقود الماضية، إذ لم يعد مجرد كثافة سكانية تمليها الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وإنما تحول إلى علامة فارقة في تاريخ العرب الأميركيين بالولايات المتحدة، لا سيما في السنوات الأخيرة التي شهدت الكثير من إنجازاتهم السياسية والاقتصادية والأكاديمية، لا على مستوى المدينة فحسب، وإنما على مستوى المقاطعة والولاية كذلك.
وكان صنّاع «فتاة ديربورن» قد أقاموا حفلاً في المتحف العربي الأميركي بديربورن، في 22 أيار (مايو) الماضي للإعلان عن إطلاق برنامجهم الجديد. وأشارت ريما فضل الله إلى أن رسالة البرنامج تهدف –في المقام الأول– إلى تقديم قصص نساء عربيات ومسلمات من ديربورن، مضيفة: «يوجد لدينا الكثير من الأشياء التي نفخر بها، ولكن الإعلام غالباً لا يقدمنا بالطريقة الصحيحة واللائقة».
ابنة المربي الراحل، المدير الأسبق لثانوية «فوردسون» عماد فضل الله، أكدت على أن البرنامج «مصمم بطريقة تتيح للضيفات سرد تجاربهن الشخصية، وفق شروطهن الخاصة»، لافتة إلى أن البرنامج يعتمد «لغة تمزج بين المتعة والبساطة، وبين العمق والثقافة».
وعندما سئلت من أحد الحاضرين الذين ناف عددهم عن المئة شخص، أن تصف بنات ديربورن بثلاث كلمات، أجابت: «إنهن كريمات، فخورات بأنفسهن، وصلبات عصيات على الكسر».
من جانبها، قالت ياسمين قدوح: «هنالك الكثير من القصص الجميلة والملهمة لنساء مدينتنا. لم يكن هنالك من يروي تلك القصص، ومن رواها لم يكن منّا.. لذلك أردنا استرداد المبادرة وسرد قصصنا بأنفسنا»، واصفة مجتمع ديربورن بـ«المتماسك.. الذي تنتقل فيه الأخبار بسرعة، كانتقال النار في الهشيم».
Leave a Reply