عبر شركة استثمارية وهمية
حسن عباس – «صدى الوطن»
أعلنت «هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية» SEC في 3 حزيران (يونيو) الجاري، أنها تحرزت على الأصول المنقولة وغير المنقولة العائدة للأميركي البنغالي سيد أرباب، المتهم بالاحتيال المالي على العديد من طلاب الجامعات والمستثمرين الشباب، من ضمنهم عرب أميركيون في منطقة ديترويت.
ووفقاً للوكالة الفدرالية المسؤولة عن تنظيم القطاع المالي في الولايات المتحدة، فإن أرباب (22 عاماً)، أقنع مستثمرين شباباً، بالاستثمار معه في «محفظة استثمارية» باسم «آرتس بروفيشيو كابيتال»، (وهي صندوق تحوّط يستخدم سياسات وأدوات متطورة لجني عوائد تفوق متوسط عائدات السوق بدون تحمل نفس مستوى المخاطر)، مدعياً أنه حقق أرباحاً تصل إلى 56 بالمئة، العام الماضي.
وقالت السلطات إن ما لا يقل عن ثمانية طلاب جامعيين، أو حديثي التخرج، أو أقاربهم، قد استثمروا حوالي 270 ألف دولار في شركة أرباب، كاشفة أن «آرتس بروفيشيو كابيتال» لا وجود لها، وأن أرباحها وهمية، فضلاً عن أن الأموال الموظفة لم يتم استثمارها أصلاً، وإنما أودعها الشاب البنغالي الأصل في حسابه البنكي واستخدمها لدفع تكاليف رحلات إلى لاس فيغاس ومن أجل التسوق وقضاء العطلات.
أرباب، وهو متخرج من «جامعة جورجيا»، كان يخصص جزءاً من أموال المستثمرين الجدد لدفع مستحقات مستثمرين آخرين ليتمكن من مواصلة مخططه الاحتيالي.
وتتهمه الوكالة بأنه كان يطلب من المستثمرين الجدد تحويل الأموال للمستثمرين الآخرين عبر تطبيقات إلكترونية، مثل «فيمنو» و«زيلي» و«كاش آب»، وكان يخبرهم بشكل مضلل بأنهم شركاؤه أو مدراء في شركته الوهمية.
وكان بعض العرب الأميركيين في منطقة ديترويت قد وقعوا ضحية أرباب الذي كان يعيش في بلدة كانتون مع عائلته التي تربطها علاقات وطيدة بالكثير من العرب والمسلمين في جنوب شرقي ميشيغن.
وأشار مايك (اسم مستعار)، وهو عربي من مدينة ديربورن، إلى أنه سمع بأرباب من خلال أصدقاء مقربين كانوا يستثمرون أموالهم لديه منذ كان طالباً في المرحلة الثانوية، وقال: «لقد أخبروني بأنه تمكن من استثمار بضعة ملايين من الدولارات، وهذه المعلومات أكدها لي أرباب بنفسه». وأضاف: «تمكنت من التواصل معه عبر شقيقته، وأخبرني بأنه استطاع إدارة 2.2 مليون دولار، وجنى أرباحاً سنوية تتراوح بين 20 إلى 50 بالمئة».
بعد ذلك، بدأ أرباب بإرسال تقارير شهرية لمايك، تظهر أرباح كل مستثمر، إضافة لرسائل إلكترونية تظهر تسجيل شركة «آرتس بروفيشيو كابيتال» في ولاية جورجيا، واستراتيجياتها الاستثمارية. وبنتجة ذلك، قرر مايك، الطالب السابق في «جامعة ميشيغن» (فرع ديربورن)، استثمار بعض الأموال مع المستثمر الشاب.
وفي رسائل نصية، حصلت «صدى الوطن» على نسخة منها، أكد أرباب لأحد المستثمرين أنه يدير «محفظة وقائية قصيرة الأجل»، وقال: «نحن نحتاط بشكل جيد، ونبقى في أمان، ولا نستثمر الأموال ما لم نرَ تجارة مؤكدة. من الواضح أن العائدات غير مضمونة، لكن بالنظر إلى سجلنا الحافل، فقد حققنا أرباحاً بنسبة 22.7 بالمئة على مدار عام واحد». وأوضح أرباب في الرسائل المبرقة، أن شركته ملزمة بتقديم تحديثات كل 24 ساعة، والإجابة على جميع أسئلة المستثمرين.
وبالعودة إلى مايك، فقد أفاد لـ«صدى الوطن» بالقول: «لقد علمنا في نهاية المطاف أن عوائد الاستثمارات كانت مبالغاً بها، أو أنها كانت مجرد أرقام وهمية»، مضيفاً: «انتشرت معلومات تفيد بأن الشركة غير مسجلة في جورجيا، بكل بساطة ووضوح.. لقد خدعنا».
وأكد أن أرباب كان يستهدف الطلاب في منطقة ديربورن، لاسيما المسجلين في «جامعة ميشيغن»، لحثهم على الاستثمار معه، وقال: «بهذه الطريقة، ساهمنا في تنمية شبكة المستثمرين معه، خارج ولاية جورجيا، وفي منطقة الغرب الأوسط».
وأضاف: «لقد علمنا بالتهم التي وجهت إليه عندما قام أحد أمناء الشركة بإبراق رسالة بريدية تتضمن نسخة من الشكوى المرفوعة ضده، وقد ازدادت شكوك الكثيرين عندما بدأ يستغرق وقتاً أطول للرد على طلبات المستثمرين»، لافتاً إلى أن أرباب قدم للمستثمرين خياراً بالانسحاب من شركته، شرط منحه مهلة أسبوعين.
وفي أيار (مايو) الماضي، قرر مايك الانسحاب دون أن يتمكن من استرداد أمواله. وقال: «لقد قررت مع بعض أصدقائي الانسحاب لأننا تخرجنا وقررنا السفر. وقد واصلنا الحصول على وعود من أرباب لكننا لم نر الأموال قط. لست متأكداً من أنني سأسترد أموالي بعد أن تمت مصادرة أصول أرباب المالية، ولكنني آمل أن نجد حلاً مع SEC في القريب العاجل».
جوردان، طالب آخر وقع في شباك أرباب، عندما قرر الاستثمار في محفظة «آرتس بروفيشيو كابيتال»، العام الماضي. وقال: «تعرفت على أرباب عبر أحد أصدقائي في المدرسة الثانوية، وما جذبني إلى الاستثمار معه، هو تقاريره المتواصلة حول النجاح المالي وضمانه عدم الخسارة».
وكان أرباب يواظب على التواصل مع شبكة من الأصدقاء عبر الانترنت، ونشر أخبار حول نجاحات النادي الاستثماري الذي يرأسه.
وعلى شاكلة مايك، كانت لدى جوردان إمكانية التواصل مع أرباب للاطلاع على آخر الأخبار حول الاستثمارات، والتي يبدو أنها كانت تحقق عوائد مجزية، وهو ما دفع جوردان بعد شهرين من التعرف على أرباب إلى استثمار مبالغ وصل مجموعها إلى 12 ألف دولار.
وقال: «في وقت ما، وظّفت معه ستة آلاف وقد استرديت كامل المبلغ، ثم عدت للاستثمار ثانية بعد بضعة أسابيع، بمبالغ استرديت منها 2500 دولار، وهو الآن مدين لي بحوالي 3600 دولار». وأضاف: «لقد وثقت به لأطول فترة ممكنة ومنحته موعداً نهائياً لسداد الديون المترتبة عليه، وعندما تجاوز الوقت المحدد، عرفت أنني لن أسترد ما تبقى من أموالي».
واستبعد جوردان بأن أرباب كان يدير عملية احتيال منذ البداية، مرجحاً أنه كان يدفع أرباحاً مبالغاً بها لكي يحافظ على المستثمرين. وقال: «في مرحلة ما خسر الأموال، وبدلاً من إعلام المستثمرين بذلك، واصل عقد الصفقات، ومن الواضح أن خطته لم تنجح».
وأعرب عن اعتقاده بأن أرباب كان يستثمر الأموال لصالحه، ويودع الأرباح في حسابه الشخصي. أما بيانات SEC فتظهر بأن الشاب البنغالي الأصل لم يجرِ قط استثمارات باسمه.
سام، وهو أيضاً طالب سابق في «جامعة ميشيغن» بمدينة ديربورن، يوافق على أن أرباب لم يكن يخطط منذ البداية للاحتيال على المستثمرين، مشيراً إلى أنه لجأ إلى النصب بعد أن أصابه اليأس، وقال: «لقد استثمرت معه مبلغاً ضئيلاً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لكنني شعرت بأنه كان يلعب بسرعة ويخسر أموال الناس، لكنه كان متعجرفاً جداً وفضل عدم إخبار المستثمرين عن خسائرهم». وأكد: «يمكنني اتهامه بإدارة محفظة وقائية بشكل غير مسؤول، ولكنه ليس بالضرورة محتالاً».
Leave a Reply