ديترويت – اختلفت آراء المراقبين بشأن أبرز الرابحين والخاسرين من المناظرة الثانية للحزب الديمقراطي التي جرت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين في مدينة ديترويت، وسلطت الأضواء على الانقسامات الأيديولوجية والاستراتيجية داخل الحزب.
ونظراً لارتفاع عدد المشاركين في المناظرة، البالغ عددهم 20 مرشحاً، تقرر تقسيمهم –كما في المناظرة الأولى بميامي– على مجموعتين تضم كل واحدة 10 مرشحين.
الأمسية الأولى من المناظرة التي بثتها شبكة «سي أن أن»، كان نجماها السناتورين التقدميين بيرني ساندرز وإليزابيث وورن، اللذين تصديا لهجمات شرسة من بقية المرشحين المعتدلين، مدافعين عن خطتهما بتوفير الرعاية الطبية المجانية للجميع وإلغاء قطاع التأمين الخاص.
وفي الأمسية الثانية، وعلى عكس المناظرة الأولى، نجح نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، من موقعه كـ«مرشح معتدل»، بالتصدي لهجمات منافسيه التقدميين، وفي مقدمتهم السناتور كامالا هاريس التي لمعت في المناظرة الأولى على حسابه ولكنها كانت أكبر الخاسرين في مناظرة ديترويت، بحسب المراقبين.
وحاول بايدن خلال المناظرة تمييز نفسه عن عهد الرئيس السابق باراك أوباما الذي تعرض لانتقادات غير مسبوقة من المرشحين الديمقراطيين بسبب سياسات الهجرة الصارمة التي انتهجتها إدارته برحيل عدد قياسي من المهاجرين خلال سنوات حكمه.
ورد السناتور كوري بوكر مستنكراً على بايدن تنصله من إرث أوياما عندما لا يؤاتيه ذلك. فيما قاطع محتجون المناظرة احتجاجاً على ترحيل ثلاثة ملايين مهاجر في عهد الرئيس السابق.
وهاجم بايدن أبرز منافساته، هاريس، على خلفية مواقفها من قضية الرعاية الصحية قائلاً «لنكن صريحين، لا يمكنك التغلب على دونالد ترامب مع ازدواجية خطابك على هذا الصعيد».
وواجه بايدن، الذي تولى منصب سناتور على مدى 36 عاماً، انتقادات من منافسيه الذين تطرقوا إلى مسيرته منذ دخوله معترك السياسة قبل نحو نصف قرن. وهاجمه السناتور بوكر لمشاركته في «كل القوانين الجنائية» منذ سبعينيات القرن الماضي، والمسؤولة عن سجن ملايين الأفارقة الأميركيين.
وقال بوكر إن «في السجون اليوم أشخاصاً محكومين مدى الحياة» بسبب هذه القوانين، مضيفاً «لا نتكلم عن الماضي، نحن نتكلم عن الحاضر».
ورغم عدم حصولها على تغطية إعلامية تذكر، تمكنت النائبة تولسي غابارد من خطف الأضواء لبضع دقائق من المناظرة، في هجومها على تاريخ السناتورة هاريس «المظلم» أثناء توليها منصب المدعي العام في ولاية كاليفورنيا، وطالبتها بالاعتذار من العائلات التي تمزقت بسبب قرارتها المجحفة.
كذلك انتقدت غابارد مشروع قانون تقدمت به هاريس في مجلس الشيوخ الأميركي، وهو ما حدا بالأخيرة إلى الهروب من المواجهة معها مصوبة سهامها مجدداً نحو بايدن الذي أبدى هذه المرة تماسكاً ملحوظاً بوجه هاريس، على عكس المناظرة الأولى التي انعكست سلباً على نتائجه في استطلاعات الرأي.
السناتوران اليساريان وورن وساندرز واجها بدورهما هجمات عنيفة من خصومهما المعتدلين بما يعكس الانقسامات المستجدة داخل الحزب الديمقراطي.
ودافع المرشحان الأقرب إلى بايدن في استطلاعات الرأي، بحماس عن برنامجيهما لإجراء إصلاحات جذرية من أجل الانتصار على الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، بينما عبر منافسوهما عن خشيتهم من «دفع الناخبين المستقلين إلى الهرب» بسبب الأجندة الراديكالية التي يطرحانها. وقالت السناتورة وورن في بداية المناظرة: «لن نحل المشاكل العاجلة التي تواجهنا بأفكار صغيرة غير واضحة» داعية إلى «تغيير كبير وبنيوي»، محذرة من أن سياسة «ضعيفة» لإجراء إصلاحات جذرية ستؤدي إلى إبقاء «نظام محكم يساعد الأثرياء وأصحاب العلاقات الجيدة ويرمي التراب في وجه الآخرين».
ومع ساندرز، دافعت وورن عن تبني تغطية طبية شاملة تمولها صناديق عامة بدون أي دور لشركات التأمين الخاصة، وإسقاط الملاحقات الجزائية ضد المهاجرين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية أو إلغاء ديون طلاب. لكن عضو الكونغرس السابق المعتدل جون ديلاني انتقد طروحاتهما التي تشبه «قصصاً خرافية اقتصادياً». أما حاكم مونتانا ستيف بولوك فقد انتقد دعوتهما إلى العفو عن المتسللين عبر الحدود، معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مشكلة الهجرة.
من جهته، رد ساندرز (77 عاماً) بالقول إن «الجمهوريين لا يخافون من جهتهم من الأفكار الكبيرة»، داعياً إلى مكافحة مجموعات الضغط النفطية والصيدلانية وتلك التي تدافع عن حيازة الأسلحة.
ويحظى كل من وورن وساندرز بتأييد حوالي 15 بالمئة من الناخبين الديمقراطيين، لكن بايدن لا زال يتقدم عليهما بفارق كبير عند حوالي 30 بالمئة. أما بيت بوتيجيدج المرشح المثلي جنسياً الذي يأتي بالمرتبة الخامسة في استطلاعات الرأي بحوالي ٦ بالمئة، فقد فضل الترفع عن الجدالات الحزبية، مطالباً الديمقراطيين بعدم الاكتراث بتعليقات الجمهوريين. وصرح: «سيقولون إننا عصابة اشتراكيين مجانين» سواء كان البرنامج يسارياً أو لم يكن.
أبرز الفائزين والخاسرين
رأت محطة «سي أن أن» الإخبارية، التي نظمت المناظرة على مسرح «فوكس» في ديترويت، أن أبرز الفائزين هم السناتور بوكر والنائبة غابارد، وجوليان كاسترو الوزير السابق في إدارة باراك أوباما، إلى جانب بايدن.
أما أبرز الخاسرين من وجهة نظر المحطة فكانتا السناتورتين كامالا هاريس وكيرستن جيليبراند.
صحيفة «نيويورك تايمز»، من جهتها، رأت أن السناتور بوكر حقق نسبة النجاح الأعلى في مناظرة الديمقراطيين تلاه جو بايدن وجوليان كاسترو. وبالنسبة للخاسرين كانت كمالا هاريس الأبرز.
محطة «فوكس» التي حرمت من تنظيم مناظرة للمرشحين الديمقراطيين بقرار من لجنة الحزب، وضعت من جهتها بايدن على رأس قائمة الفائزين تلاه كاسترو، أما على الجانب الخاسر فقد حلت جيليبراند وجاي إنسلي حاكم ولاية واشنطن.
وأخيرا رأى موقع «بزنس إنسايدر» أن بوكر وغابارد ووورن فازوا بجدارة في المناظرة الأخيرة، وعلى العكس من ذلك تصدر بايدن مشهد الخاسرين تلته هاريس وجيليبراند.
Leave a Reply