حسن عباس – «صدى الوطن»
منعت إسرائيل –الخميس الماضي– النائبتين الأميركيتين المسلمتين رشيدة طليب (ديمقراطية–ميشيغن) وإلهان عمر (ديمقراطية–مينيسوتا) من دخول الأراضي الفلسطينية، في إطار جولة كانت مقررة مسبقاً لزيارة القدس والضفة الغربية. وجاء قرار المنع، قبل وقت قصير من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الدولة العبرية ستظهر «ضعفاً شديداً» في حال موافقتها على الزيارة.
وغرّد ترامب على «تويتر»، قائلاً: «إنهما تكرهان إسرائيل وكل اليهود، وليس بالإمكان قول أو فعل شيء لتغيير رأيهما»، واصفاً النائبتين اللتين تتمتعان بشعبية عريضة في دائرتيهما الانتخابيتين، بأنهما «وصمة عار».
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كتب من ناحيته على «تويتر»: «لقد تلقينا قبل بضعة أيام جدول أعمال المشرعتين الأميركيتين، واتضح منه بأنهما تخططان للقيام بزيارة تهدف فقط إلى تعزيز مقاطعة إسرائيل ورفض شرعيتها». وقال إن طليب وعمر أدرجتا فلسطين وليس إسرائيل كوجهة لرحلتيهما، كما أنهما لم تخططا لزيارة أي مسؤول إسرائيلي.
وكانت إسرائيل قد استضافت –الأسبوع الماضي– 70 عضواً في الكونغرس، جميعهم من مؤيدي الدولة العبرية وداعمي التشريعات المناهضة لـ«حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس)، التي عارضتها النائبتان عمر وطليب.
وأضاف نتنياهو: «إن جدول أعمال النائبتين، كشف عن أن الغرض الوحيد من الزيارة هو إيذاء إسرائيل وزيادة التحريض ضدها»، لافتاً إلى أنه إذا قدّمت طليب –التي لديها أقارب في الضفة الغربية– طلباً إنسانياً لزيارة عائلتها، فسوف تنظر وزارة الداخلية في طلبها، في حال وافقت النائبة الديمقراطية على عدم نقد إسرائيل خلال الزيارة. وأشار إلى أن منظمة «مفتاح»، التي خططت لاستضافة النائبتين، «تدعم الإرهاب».
«مفتاح»، التي تأسست في 1998، وصفت في بيان صحفي، منعَ إسرائيل دخول طليب وعمر إلى الأراضي الفلسطينية، بأنه إهانة للشعب الأميركي. وأضافت: «بصفتها راعية لهذه الزيارة، عملت «مفتاح» بجد من أجل تنظيم زيارة جيدة لأعضاء الكونغرس، طليب وعمر وستايسي بلاسكيت (ديمقراطية–جزر فيرجن)، وتوفير فرصة حقيقية لهن، لرؤية حقيقة الاحتلال بأنفسهن».
وتابعت: «مثلها مثل جميع الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، تريد إسرائيل فرض تعتيم على الواقع في فلسطين المحتلة، ومنع عضوتي الكونغرس من الاتصال المباشر بالشعب الفلسطيني الذي يخضع للاحتلال والقمع ومصادرة أراضيه»
طليب وعمر تردّان
بدورها، لجأت طليب إلى موقع «تويتر»، لتبث رسالة مؤثرة حول منعها من زيارة أرض أجدادها، واصفة معاملة الإسرائيليين للفلسطينيين بأنها «مخيفة».
وفي إشارة إلى صورة جدتها التي تعيش في الضفة الغربية، أضافت: «هذه المرأة هي «ستّي». إنها تستحق أن تعيش بسلام وكرامة إنسانية».
وتابعت «أنا على ما أنا عليه بسببها. وقرار إسرائيل بمنع حفيدتها –وهي عضو في الكونغرس الأميركي– هو علامة على الضعف، لأن حقيقة ما يحدث للفلسطينيين مخيفة».
من جانبها، قالت عمر في بيان صحفي: «إنها لَإهانة.. أن يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تحت ضغط الرئيس ترامب– دخول نواب في الكونغرس الأميركي»، مضيفة: «إن حظر المسلمين الترامبي.. هو ما تنفذه إسرائيل، هذه المرة، ضد اثنتين من أعضاء الكونغرس المنتخبين». وتابعت: «للأسف، هذا ليس مفاجئاً بالنظر للمواقف العامة لرئيس الوزراء نتنياهو الذي قاوم باستمرار جهود السلام، وقيّد حرية الفلسطينيين، ومنع المعلومات المتعلقة بالوقائع الوحشية للاحتلال، مما يضعه على طول الخط مع الإسلاموفوبيين، من أمثال دونالد ترامب».
تنديدات
ووصف الكثير من المراقبين والسياسيين الديمقراطيين قرار إسرائيل بـ«الخطير» وبـ«غير المسبوق»، وقال السفير الأميركي السابق لدى تل أبيب، دان شابيرو: «هذا النوع من الحظر للنائبتين الأميركيتين ليس له سابقة».
حتى أن بعض مؤيدي إسرائيل المتحمسين والداعمين لمشروع قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل، أعربوا عن استيائهم من قرار الحكومة الإسرائيلية بهذا الشأن، حيث قالت النائب الأميركية أيانا بريسلي (ديمقراطية–ماساشوستس) إن القرار «متحيز وقاس وقصير النظر». وأضافت عبر صفحتها على «تويتر»: «أي زعيم ملتزم بقيم الديمقراطية، يرحب بذراعين مفتوحتين بنائبتين انتخبتا ديمقراطياً للكونغرس»، مشيرة إلى أنه من واجب كل عضو في الكونغرس انتقاد قرار إسرائيل.
رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي (ديمقراطية –كاليفورنيا)، قالت إنها شعرت بالحزن لقرار المنع، وأضافت «بصفتي شخصاً يحب إسرائيل، فإنني أشعر بحزن عميق من الأنباء التي أفادت بأن إسرائيل قررت منع أعضاء في الكونغرس من دخول البلاد».
وتابعت: «إن ذلك القرار هو علامة على الضعف، ولا يليق بكرامة دولة إسرائيل العظيمة، وإن تصريحات الرئيس حول عضوتي الكونغرس هي علامة على الجهل وعدم الاحترام، ولا تليق بكرامة مكتب الرئيس».
ووصف النائب اليهودي الأميركي آندي ليفين (ديمقراطي–ميشيغن) القرار بأنه مضلل، لافتاً إلى أن طليب وعمر تستحقان الكرامة والاحترام. وقال: «إن هذا القرار يهدد العلاقات المهمة بين بلدينا وينذر بمحاولة إسرائيل تسييس الدعم الأميركي لها»، وأضاف: «يجب على الحكومة الإسرائيلية رفض التكتيكات السياسية المتعصبة للرئيس ترامب الذي قال مؤخراً إن النائبتين يجب أن تعودا إلى بلديهما».
كذلك نددت المدعي العام في ميشيغن، دانا نسل، بالخطوة الإسرائيلية، وقالت: «لقد شعرت بخيبة أمل شديدة لأن الحكومة الإسرائيلية تبنت السياسات المتعصبة لدونالد ترامب، بمنع عضوتين منتخبتين حسب الأصول في الكونغرس». وأضافت: «بصفتي يهودية وصديقة لطليب، أشعر بالغضب لأنها لاتزال تواجه هجمات شرسة، لمجرد من تكون، ولأنها تقوم بوظيفتها». وتابعت: «رشيدة لا تحكم على أي شخص على أساس الدين أو العرق أو الأصل القومي أو الميل الجنسي أو أي تصنيف آخر، إنها تحارب نيابة عن من تشعر بأنهم يتعرضون للاضطهاد، سواء كانوا في منطقتها الانتخابية، أو في جميع أنحاء العالم».
وقالت إنها ورغم عدم امتلاكها لسلطة صنع القرار في هذه القضية، إلا أنها تتضامن مع طليب وآلاف الميشيغندريين الذين اختاروها ممثلة لهم في الكونغرس.
كما أعربت «لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية» (آيباك)، عن اعتقادها بأن أعضاء الكونغرس يجب أن يكونوا قادرين على «زيارة وتجربة حليفنا الديمقراطي إسرائيل، بشكل مباشر»، بحسب المنظمة التي تعتبر من أكبر اللوبيات المؤيدة لدولة الاحتلال في الولايات المتحدة.
Leave a Reply