ديترويت – أعلن عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن، آندي ليفين، عن تحركه لاستعادة جثمان لاجئ عراقي توفي في بغداد بعد أسابيع قليلة من ترحيله إلى وطنه الأم، في إطار حملة إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد الهجرة غير الشرعية.
وتوفي جيمي الداوود (41 عاماً)، نتيجة مضاعفات مرض السكري الذي يعاني منه، وفق ما قال محاميه إدوارد باجوكا لشبكة «سي أن أن».
ورحلت السلطات الأميركية، المهاجر الكلداني الذي يعاني من أمراض عقلية وله سجل إجرامي طويل، في 2 حزيران (يونيو) الماضي إلى العراق، على الرغم من أنه لم يعش هناك قط وليس لديه عائلة هناك أو اتصال مع أي أحد، كما أنه لا يتحدث اللغة العربية.
وقد تم العثور على جثة الداوود، الثلاثاء الماضي، داخل شقة صغيرة كان يتشاركها أحياناً مع مواطن عراقي آخر رحّلته السلطات الأميركية أيضاً.
وقال باجوكا: «لم يستطع الحصول على الأنسولين في العراق. هذا هو السبب الرئيسي لوفاته. كان من الممكن إنقاذ حياته، ولم يكن من الضروري القيام بذلك. لقد كانت الوفاة مفجعة لعائلة جيمي والمجتمع».
في المقابل، أكد مسؤولو إدارة الهجرة والجمارك (آيس) بمدينة ديترويت، أنه عندما تم ترحيل الداوود في يونيو الماضي «تم تزويده بمجموعة كاملة من الأدوية لضمان تلقيه الرعاية اللازمة».
وأوضح المحامي أن الداوود، وهو من الطائفة الكلدانية الكاثوليكية في ميشيغن، لم يذهب قط إلى العراق، على الرغم من أنه يحمل الجنسية العراقية من خلال والده.
وأشارت سلطات الهجرة الأميركية إلى أن الداوود ولد في مخيم للاجئين في اليونان، وأن عائلته جاءت إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني من أجل اللجوء عام 1979، عندما كان عمره ستة أشهر.
وقال باجوكا إن والدي الداوود متوفيان، وإن ثلاثة من إخوته أصبحوا مواطنين أميركيين، إلا أن الداوود الذي كان مقيماً في مدينة هايزل بارك، لم يتمكن من الحصول على الجنسية الأميركية بسبب تاريخه الجنائي.
ورفضت «آيس» الإدلاء بمزيد من التعليقات، مكتفية بالقول: «لقد خضعت قضية الداوود لمراجعة قضائية شاملة قبل أن تؤكد المحاكم في النهاية أن ليس لديه أي أساس قانوني للبقاء في الولايات المتحدة».
حالة يرثى لها
ونشر باجوكا شريط فيديو للداوود تم التقاطه في العراق بعد أسبوعين ونصف من ترحيله، تحدث فيه عن كيفية إلقاء القبض عليه من قبل شرطة الهجرة في أيار (مايو) الماضي، قبل إجباره على الصعود على متن رحلة تجارية أوصلته إلى مطار بغداد.
وقال الداوود في الفيديو: «لقد توسلت إليهم. قلت: أرجوكم، أنا لم أر هذا البلد (العراق) قط. لم أعش هناك مطلقاً. لكنهم أجبروني على الرحيل. وأصبحت هنا الآن. أنا لا أفهم اللغة، وأنام في الشوارع».
وأضاف: «أنا مصاب بمرض السكري، وأتناول جرعات الأنسولين. ليس لدي ما آكله».
وقال مسؤول من سلطات الهجرة في ديترويت إن الداوود كان له تاريخ إجرامي كبير تضمن ما لا يقل عن 20 إدانة بين عامي 1998 و2017.
ومن بين هذه الإدانات الاعتداء بسلاح خطير والعنف المنزلي وازدراء المحكمة والفشل في المثول أمامها وتدمير مبنى واقتحام منزل وحيازة الماريوانا.
وقال باجوكا إن الداوود كان يعاني من مشكلات عقلية خطيرة وانفصام في الشخصية واكتئاب شديد وقلق مزمن، الأمر الذي أدى إلى وقوعه في الكثير من المشكلات القانونية وفي نهاية المطاف إلى ترحيله.
إعادة الجثمان
وتأمل عائلة الداوود، إلى جانب النائب الديمقراطي آندي ليفين، من ولاية ميشيغن، في أن يتمكنوا من إعادة جثته إلى الولايات المتحدة لدفنه بجوار والديه في مقبرة بمدينة ساوثفيلد.
وباشر مكتب ليفين مع المسؤولين العراقيين والأميركيين بمتابعة إجراءات نقل رفات الداوود إلى ميشيغن. وتوقع النائب اليهودي الأميركي أن تتم العملية في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وأضاف ليفين في بيان أن «ترحيل جيمي كان عقوبة إعدام»، مؤكداً أن أقل ما يمكنه فعله لعائلة الداوود هو «ضمان عودة آمنة لجثمانه إلى الولايات المتحدة».
ومن جانبه، قال مارتن منّا، رئيس «مؤسسة المجتمع الكلداني»، إن طلب إعادة رفات الداوود قد قدم إلى القنصل العراقي، الذي أبدى تعاوناً كبيراً في الإسراع برفع الطلب إلى السلطات العراقية، على أن تتولى «مؤسسة المجتمع الكلداني» تغطية كامل تكاليف نقل الجثمان ومساعدة الأسرة في إقامة مراسم الجنازة والدفن.
والجدير بالذكر أن رفات الداوود محفوظة في مستشفى ببغداد، ومن غير الواضح بعد متى سيتم نقلها إلى الولايات المتحدة.
ويقول ليفين إنه يسعى لاستعادة الجثمان كعزاء صغير لأسرة الداوود وتكريماً لذكراه، مؤكداً أنه «لا يزال يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا لمنع وفاة أخرى عن طريق الترحيل».
ووجه ليفين رسالة إلى إدارة ترامب قال فيها: «يجب عليها أن تعلم أنه إذا استمرت في ترحيل الأشخاص المستضعفين إلى العراق، فسيواجه هؤلاء الناس أسوأ أنواع المصائر التي يمكنهم تخيلها».
وتساءل ليفين، في الرسالة التي حملت تواقيع 40 نائباً أميركياً، قائلاً: «ما الفائدة السياسية للولايات المتحدة من وراء هذه الأفعال؟ أنا لا أفهم!».
ويشرف ليفين على مشروع قانون مع النائب الجمهوري جون مولينار من ميشيغن من أجل وقف ترحيل المواطنين العراقيين بغرض منحهم الوقت الكافي لاستئناف قضايا الهجرة الخاصة بهم.
من جانبها، قالت شقيقة الراحل، ريتا الداوود (30 عاماً)، إن أسرتها مسرورة لاستعادة شقيقها، لكنها كانت تتمنى «ألا يعود في تابوت»، مشيرة إلى أن العائلة تنتظر تحديد موعد وصول الجثمان لتبدأ التخطيط لجنازة شقيقها.
وأضافت: «توفيت والدتي قبل أربع سنوات ونريده أن يستريح بجانبها لأنه كان قريباً جداً منها»، لافتة إلى أن والدها وجديها مدفونون أيضاً في المقبرة نفسها.
Leave a Reply