في شهر أيار (مايو) الماضي، وجدت هيئة المحلفين أن باتريك سيرينغ، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، مذنباً في 14 تهمة بتوجيه تهديدات لحياتي ولموظفيّ في «المعهد العربي الأميركي». وفي هذا الأسبوع، حكم القاضي الفدرالي على سيرينغ بالسجن لمدة خمس سنوات، يعقبها ثلاث سنوات من المراقبة التي أمرت بها المحكمة.
كانت هذه هي الإدانة الثانية لسيرينغ. فقد أدين بارتكاب نفس الجرائم التي ارتكبها ضدي وضد العاملين معي في عام 2008 وقضى عاماً في السجن. وبعد إطلاق سراحه، وانقضاء فترة المراقبة، بدأ مرة أخرى في ملاحقتي ومضايقتي وتهديدي أنا وطاقم مكتبي. واتهمني بارتكاب جرائم فظيعة – تنظيم العشرات من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم. كما أشار إليّ باعتباري مرتكباً لجرائم إبادة جماعية ومعادياً للسامية. بالإضافة إلى تهديدي بالقتل بقوله إن «العربي الصالح الوحيد هو عربي ميت»، وأن أميركا ستتحرر من الإرهاب فقط عندما يتم «تطهيرها من جيمس زغبي» ومن «جميع الأميركيين العرب». وبالرغم من أن تهديدات سيرينغ قد تم إبلاغها مباشرة لي، فإنه أرسل نسخاً لأعضاء مكتبي وحتى المتدربين الشباب. وبصورة إجمالية، تلقينا أكثر من 700 رسالة بريد إلكتروني من سيرينغ وبسبب تواترها والتهديدات المليئة بالكراهية التي تحتويها، كانت مصدر قلق حقيقي.
كل يوم، عندما كنت أدخل مكتبي، كنت أقرأ على وجوه الموظفين والمتدربين ما إذا كان سيرينغ قد قام بضربة أخرى أم لا. وعلى وجه الخصوص، بعد وقوع كل حادث إرهابي، سواء في الولايات المتحدة أو على المستوى الدولي، تصبح لغته أكثر تطرفاً لدرجة أنه يتعين علينا استدعاء الشرطة المحلية من أجل الحماية، وإبلاغ مكتب التحقيقات الفدرالي بهذه التهديدات. وكان الدعم الذي قدموه لنا موضع تقدير كبير. ولبعض الوقت، كان عميلان يقومان باصطحابي في المناسبات العامة. وقدمت لنا وزارة الأمن الداخلي تقييماً للإجراءات التي يجب علينا اتخاذها لجعل المبنى الكائن به مكتبنا أكثر أماناً. ولأننا كنا نعلم من الذي أرسل التهديدات، كانوا كثيراً ما يزورون سيرينغ لتحذيره من أن سلوكه ستكون له عواقب.
لكن هوسه بي وكراهيته للأميركيين العرب كان شديداً، لدرجة أنه استمر حتى عقدت وزارة العدل أخيراً هيئة محلفين كبرى ووجهت إليه اتهامات لجرائمه، ومع ذلك، فلم يمنعه شيء.
لقد كان هذا الهوس والكراهية هما اللذان أثارا اهتمامنا تحديداً لأننا لم نكن نعرف أبداً متى عساه أن يتصرف بناءً على تهديداته بالعنف. وزاد قلقنا من استعداده الواضح للاستمرار، بالرغم من معاقبته بالفعل على نفس الجريمة وتحذيره مراراً وتكراراً من قبل قوات إنفاذ القانون للكف عما يفعل.
والآن فقد تم الحكم عليه. وسيكون سيرينغ في السجن الفدرالي حتى عام 2024. وبعد ذلك سيبدأ ثلاث سنوات من المراقبة بناء على أوامر المحكمة، ويخضع لتقييم نفسي، ويُطلب منه تجنب أي اتصال بي أو بالموظفين السابقين أو الحاليين لدي في المعهد.
إنني لا أشعر بالسعادة لأن هذا الرجل سيقضي فترة طويلة في السجن، لكننا جميعاً لدينا شعور هائل بالراحة. لقد تلقيت تهديدات بالقتل من قبل، أنا وزوجتي وأبنائي على مدار الخمسين عاماً الماضية، بسبب دفاعي عن حقوق الفلسطينيين وحقوق المجتمع العربي الأميركي. وتعرض مكتبي أيضاً لإطلاق النار وقتل زميل عربي أميركي. وأدين شخصان، في الماضي، لقيامهما بتهديدي بالقتل أنا وأبنائي وحكم عليهما بالسجن. لكن هذه الحالة مختلفة.
أولاً، كان سيرينغ يضايقنا لأكثر من عقد من الزمان. وأصبح حرفياً جزءاً من حياتنا اليومية. كما كان من المزعج رؤية المتدربين الشباب وهم يتلقون رسائل التهديد التي يبعثها سيرينغ عبر الإيميل. لقد جاؤوا لاكتساب خبرة العمل في واشنطن وليس لتلقي التهديدات.
وهذه الحالة مختلفة أيضاً لأنه لأكثر من عقدين من الزمان، كان سيرينغ مسؤولاً في وزارة الخارجية، وأمضى مدتين من العمل في لبنان. خلال إجراءات المحاكمة في 2008، علمت أنه في أكثر من مناسبة قد تم توبيخ سيرينغ من قبل وزارة الخارجية لإظهاره سلوكاً معادياً للعرب. وصُدمت لأنه بدلاً من اتخاذ إجراء قاموا ببساطة بنقله إلى وظيفة أخرى. لقد سمحوا له حتى بالبقاء في الخدمة الفدرالية وحتى بعد إدانته بتوجيه تهديدات لي في المرة الأولى، حيث كان يقوم ببعض هذه التهديدات باستخدام هاتف أو كمبيوتر الوزارة. في ذلك الوقت، سألت مسؤولي وزارة الخارجية: «ماذا لو أن ضابطاً في وزارة الخارجية قد هدد زعيماً أميركياً يهودياً وأدلى بتعليقات معادية للسامية ضده، أو دعا إلى القيام بإبادة جماعية ضد الجالية اليهودية – كيف سيكون رد الفعل؟».
لقد أزعجني هذا وما زال يزعجني الآن. وبينما كان هناك بعض التغطية الصحفية للقضية، فإنني مضطر لأن أسأل لماذا يُنظر إلى الأميركيين العرب باهتمام أقل؟ ولماذا تكون التهديدات الموجهة إلينا أقل إثارة للغضب؟
ومع ذهاب سيرينغ للسجن للسنوات الخمس القادمة، أشعر أنا وطاقم العاملين لديّ بدرجة من الارتياح. لن يعيد لنا هذا، السنوات التي أمضيناها في خوف، لكننا نعلم أنه على الأقل في المستقبل المنظور لن تنقلب حياتنا رأسا على عقب بسبب تهديدات القتل القاسية من هذا الرجل. إننا ممتنون لهذا وممتنون للدعم والحماية القويين اللذين وفرهما لنا محامو الحقوق المدنية في وزارة العدل ووكالات إنفاذ القانون، وللصداقة والدعم اللذين تلقيناهما من الحلفاء والأصدقاء.
نترك هذا الفصل الحزين وراءنا، لنواصل العمل في محاربة جرائم الكراهية، ونطالب بأن تحظى جرائم الكراهية ضد الأميركيين العرب بنفس الاعتراف الذي تحظى به تلك الجرائم ضد الجاليات الضعيفة الأخرى.
Leave a Reply