الموازنة العامة متعثرة بانتظار الاتفاق على إصلاح الطرقات وتمويل التعليم العام
لانسنغ – شهر واحد يفصل ولاية ميشيغن عن إغلاق حكومي محتمل مع تعثر المفاوضات بين الحاكمة الديمقراطية غريتشن ويتمر والجمهوريين الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2019–2020.
فمن جهة، تصر ويتمر على زيادة كبيرة في الإنفاق على التعليم العام، إلى جانب إقرار خطة شاملة لإصلاح الطرقات المتهالكة في الولاية، مهددة باستخدام حق النقض (الفيتو)، في حال لم تتضمن الموازنة هذين البندين.
وفي المقابل، يرفض الجمهوريون بشدة طرح الحاكمة الديمقراطية بفرض ضريبة قياسية على الوقود –بواقع 45 سنتاً إضافياً للغالون الواحد– لجمع نحو 2.5 مليار دولار إضافية سنوياً من أجل تمويل مشاريع إصلاح الطرقات وتحسين التعليم، مقدمين مقترحات بديلة تشمل زيادة أقل في الإنفاق التعليمي، إلى جانب انفتاحهم على زيادة ضريبية طفيفة لإصلاح الطرقات.
كما أعرب الجمهوريون عن رفضهم لتهديدات ويتمر باستخدام الفيتو، مؤكدين أنهم سيواصلون إعداد الموازنة العامة التي تقدر بنحو 60 مليار دولار، بغض النظر عن شروط الحاكمة الديمقراطية.
إغلاق حكومي محتمل
وينص دستور الولاية على إقرار الموازنة السنوية قبل مطلع تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام. لكن إزاء التباين الحاد في المواقف، قد تواجه ميشيغن إغلاقاً حكومياً هو الأول من نوعه منذ عشر سنوات، عندما أُغلقت الحكومة لبضع ساعات عام 2009، قبل أن تتوصل الحاكمة الديمقراطية السابقة جنيفر غرانهولم –آنذاك– إلى اتفاق مع الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بشأن الموازنة صبيحة الأول من أكتوبر من ذلك العام.
ومنذ ذلك الحين، نجحت ميشيغن تحت قيادة الحاكم الجمهوري السابق ريك سنايدر، بإقرار الموازنة مبكراً (قبل ثلاثة أشهر من موعدها) مستفيداً من سيطرة الجمهوريين على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ منذ العام 2010، مما انعكس استقراراً مالياً وتعافياً ائتمانياً للولاية طوال ثماني سنوات من الحكم المطلق للجمهوريين.
غير أن الانقسام السياسي الذي فرضته انتخابات 2018 على تركيبة الحكم في ميشيغن –باستعادة الديمقراطيين لسدة الحاكمية واحتفاظ الجمهوريين بالأغلبية التشريعية– يدفع المراقبين إلى التخوّف من أن تؤدي التجاذبات الحزبية الراهنة في لانسنغ، إلى تعطيل الموازنة وإغلاق حكومة الولاية التي تضم زهاء 45 ألف موظف، مما قد ينعكس سلباً على اقتصاد ميشيغن عقب سنوات من التعافي.
هذه المخاوف، ظهرت نذرها الأولى، الأسبوع الماضي، برسالة إلكترونية بعثها مدير الموازنة في حكومة ويتمر، كريس كولب، إلى جميع الوزارات والإدارات التابعة لحكومة الولاية، مطالباً المسؤولين فيها بوضع خطة طوارئ تحسباً لإغلاق حكومي محتمل بحلول نهاية أيلول (سبتمبر).
وتم إرسال البريد الإلكتروني بعد أقل من نصف ساعة من انتهاء اجتماع بين ويتمر وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السناتور الجمهوري مايك شيركي، ورئيس مجلس النواب الجمهوري لي تشاتفيلد، دون التوصل إلى أي اتفاق.
وطالبت الرسالة، الوزراء والمدراء بتحديد المهام الضرورية التي يجب أن تستمر في إداراتهم، وتلك التي يمكن إيقافها مؤقتاً، في حال لم تُقرّ الموازنة في موعدها.
وقال كولب: «بينما نظل متفائلين ونأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الهيئة التشريعية قبل الأول من أكتوبر، يجب أن نكون مستعدين أيضاً في حال عدم حدوث ذلك».
ودعت الرسالة، المسؤولين إلى تحديد لوائح بأسماء وأعداد موظفيهم الذين سيتم إرسالهم إلى منازلهم في حال إغلاق الحكومة، وأولئك الذين يؤدون «وظائف حيوية» ويجب أن يستمروا في عملهم بقدرة كاملة أو جزئية.
وفي حال عدم التوصل إلى صفقة بين الحاكمة الديمقراطية والجمهوريين بحلول منتصف سبتمبر، يتعين على حكومة الولاية إبلاغ الموظفين بإمكانية تسريحهم مؤقتاً، وفقاً للمتحدث باسم مكتب الميزانية، كيرت وايس.
التعليم
ويتمر، بدورها، انتقدت الجمهوريين في فيديو مصور نشرته عبر موقع «تويتر»، الاثنين الماضي، أشارت فيه إلى أن طلاب مدارس الولاية يبدأون العام الدراسي الجديد من دون ميزانية مخصصة للتعليم، لأول مرة منذ تسع سنوات، مؤكدة أن «أطفال ميشيغن يستحقون أفضل من ذلك».
وتطالب الحاكمة الديمقراطية بتخصيص 507 ملايين دولار إضافية للتعليم المدرسي (من الحضانة إلى الثانوية) مع توفير تمويل إضافي للتعليم المهني وللطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الأكثر تكلفة، مثل الطلاب الفقراء والمهددين بالرسوب.
أما الجمهوريون، فقد أقروا، في كل من مجلس النواب والشيوخ، مقترحين مختلفين لميزانية التعليم ضمن موازنة 2019–2020، وكلاهما لا يلبي طموحات الحاكمة الديمقراطية.
لكن الجمهوريين لم يرسلوا حتى الآن خطةً نهائية إلى ويتمر، التي جددت تهديدها بعدم التوقيع على مشروع الموزانة العامة في حال عدم تضمينه زيادة كبيرة في الإنفاق على التعليم وخطة شاملة لإصلاح الطرقات والجسور المتهالكة في الولاية.
ويلحظ مقترح الشيوخ زيادةً في الإنفاق على التعليم بحوالي 410 ملايين دولار، بينما رصد النواب زيادة بحوالي 226 مليون دولار. ويؤكد الجمهوريون إن الزيادة المقترحة، سواء في مجلس الشيوخ أو النواب– سترفع الإنفاق على التعليم العام في ميشيغن إلى مستوى قياسي غير مسبوق.
وبحسب نسخة مجلس الشيوخ، ستتراوح مخصصات الطالب الواحد بين 120 و180 دولاراً بحسب المنطقة التعليمية، في حين تتراوح بين 80 و180 دولاراً، بحسب نسخة مجلس النواب.
ورداً على تحذير الحاكمة من مغبة انطلاق العام الدراسي من دون ميزانية محددة للتعليم، قال رئيس لجنة التعليم المدرسي في مجلس النواب، الجمهوري آرون ميلر، إن المناطق التعليمية بإمكانها أن تبدأ التخطيط على أساس «أسوأ الاحتمالات»، وهو مقترح مجلس النواب الذي يؤمن أدنى زيادة تمويلية (226 مليون دولار)، مقارنة بمقترح الشيوخ (410 ملايين) ومطلب الحاكمة (507 ملايين).
ورفض السناتور شيركي اتهام الحاكمة الديمقراطية لحزبه بمحاولة تخفيض الإنفاق على التعليم، مؤكداً أن ما يقترحه الجمهوريون سيوفر أعلى تمويل تحصل عليه المدارس العامة في تاريخ ميشيغن.
إصلاح الطرقات
بعد شهرين من توليها منصبها، تقدمت حاكمة ميشيغن في آذار (مارس) الماضي، بخطة طموحة «لإصلاح الطرقات اللعينة» –كما وعدت في حملتها الانتخابية– إلا أن مقترحها بزيادة الضريبة على البنزين والديزل بمقدار 45 سنتاً للغالون الواحد، قوبل بمعارضة واسعة من الجمهوريين الذين أكدوا أن خطوة كهذه ستعرقل النمو الاقتصادي وتؤدي إلى ارتفاع أسعار معظم السلع، طارحين في المقابل عدة أفكار بديلة، لكنها لا تلبي طموح ويتمر التي أرادت من خلال خطتها تخصيص 1.9 مليار دولار سنوياً لإصلاح شبكة الطرقات والبنى التحتية المتهالكة.
فمع عودة المشرعين من عطلتهم الصيفية، الأسبوع الماضي، لم تظهر أية علامات على وجود صفقة وشيكة بين الطرفين، على الرغم من أن الجمهوريين أبدوا انفتاحاً على زيادة ضريبة الوقود، ولكن بوتيرة أقل بكثير مما تطمح إليه الحاكمة الديمقراطية.
ويقترح مشرعون جمهوريون إلغاء ضريبة المبيعات المفروضة على الوقود (6 بالمئة) لضمان استخدام جميع الضرائب التي يدفعها المستهلكون على مضخات البنزين لإصلاح الطرقات حصراً. غير أن خطوة كهذه من شأنها أن تؤدي إلى نقص في تمويل المدارس والبلديات التي تستفيد من ضريبة المبيعات، وهو ما دفع الجمهوريين في مجلس النواب إلى تقديم مشروع قانون لسد تلك الفجوة، من خلال خفض الإنفاق في إدارات حكومية أخرى.
ومن الأفكار الأخرى التي يقترحها المشرعون الجمهوريون في لانسنغ، إلى جانب إقرار زيادة طفيفة على ضريبة الوقود، إيجاد سبل تمويل جديدة للسلطات المحلية المشرفة على الطرقات، إضافة إلى فرض ضريبة مبيعات على خدمات النقل مثل Uber وLyft.
ومن المتوقع أن تتواصل المفاوضات خلال الأسابيع القادمة، حيث يقول جميع الأطراف إنهم يأملون في تجنب الإغلاق الحكومي وعدم تسريح آلاف الموظفين بمن فيهم عناصر شرطة الولاية وحراس السجون وغيرهم بحلول نهاية الشهر الجاري.
وعلى الرغم من إصرارها على استخدام «الفيتو» في حال عدم زيادة الإنفاق على التعليم العام ووضع خطة شاملة لحل معضلة الطرقات المتهالكة، أبدت ويتمر استعدادها للتوقيع على ميزانية جزئية تسمح بمواصلة العمل في الدوائر الحكومية بشكل مؤقت في حال تعذر التوصل إلى اتفاق شامل قبل مطلع أكتوبر، بشرط أن يكون التفاوض جارياً «بحسن نية» من جانب الجمهوريين.
رئيس مجلس النواب أشار من جهته، إلى أنه التقى بزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ مراراً خلال العطلة الصيفية التي امتدت شهرين، بهدف إيجاد الحلول المناسبة للولاية، معرباً عن «تفاؤله» بإمكانية معالجة الأزمة قبل فوات الأوان. أما السناتور شيركي فقد شكك بإمكانية لجوء الحاكمة لاستخدام الفيتو، معتبراً أن الإغلاق الحكومي المحتمل ليس إلا «أزمة مفتعلة» لمحاولة ربط ملف إصلاح الطرقات بالموازنة العامة.
Leave a Reply