حسن عباس – «صدى الوطن»
في إطار الجهود المدنية والحقوقية المتواصلة لتطويق الآثار المترتبة على الاستخدام التعسفي لقائمتي «مراقبة الإرهاب» و«حظر الطيران» من قبل الوكالات الأمنية الفدرالية، التقى وفد عربي أميركي من منطقة ديترويت بمسؤولين رفيعي المستوى في العاصمة واشنطن، لمناقشة سبل معالجة هذا الملف الشائك الذي يقلق أبناء الجالية.
الوفد استعرض في لقاءاته، هواجس الجاليات العربية والشرق أوسطية حول اللائحتين اللتين تدرجان أعداداً مهولة من الأفراد الذين يُشتبه بأنهم يمثلون –بدون مبررات واضحة– خطراً على الأمن القومي الأميركي، والذين يجري توقيفهم في المطارات وعلى المنافذ الحدودية، وإخضاعهم لاستجوابات مطولة وتفصيلية تطال حتى معتقداتهم الدينية وانتماءاتهم السياسية.
الوفد الذي تم تشكيله من قبل ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، ضم قيادات عربية أميركية في منطقة ديترويت، وناشطين مجتمعيين وقادة حقوقيين من عدة منظمات، مثل «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) ومنتدى «بريدجز» و«الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» (أي سي آر أل) و«اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) ومركز «أكسس».
والتقى أعضاء الوفد خلال زيارتهم للعاصمة واشنطن في شهر آب (أغسطس) الماضي مسؤولين رفيعين في وزارة الأمن الداخلي (دي أتش أس) و«إدارة أمن النقل» (تي أس أي) ووكالة «الجمارك وأمن الحدود» (سي بي بي).
وتم ترتيب الاجتماعات بتنسيق من مكتب السناتور الأميركي، غاري بيترز (ديمقراطي–ميشيغن)، الذي كان قد التقى في آذار (مارس) الماضي، بفعاليات عربية أميركية في ديربورن عبروا له عن استياء الجالية المتنامي من التمييز الذي يتعرضون له بسبب لوائح الإرهاب الغامضة، ووعد بيترز حينها بنقل الشكاوى إلى صناع القرار في العاصمة واشنطن، لاسيما المخاوف المتعلقة بتوقيف العرب والمسلمين الأميركيين واستجوابهم على المنافذ الحدودية، ما يتسبب بزعرعة الثقة بين الحكومة الفدرالية والمجتمع المحلي.
وبحسب المعلومات المتوفرة، تضم «قائمة مراقبة الإرهاب» حوالي 1.2 مليون شخص تم إدراج أسمائهم فيها استناداً إلى معايير غامضة، مع غياب أي إجراءات رسمية متاحة يمكن للأفراد من خلالها إزالة إسمائهم منها، حتى في حال تم إدراجهم خطأ أو عسفاً.
وكانت الحكومة الفدرالية قد دأبت لسنوات عديدة على إنكار وجود القائمة، إلى أن أقر مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي بوجودها فعلاً، بعدما نشرت وكالة «أسوشتيد برس» تقريراً، في شباط (فبراير) الماضي، حول مشاركة الوكالات الفدرالية لـ«قائمة مراقبة الإرهاب» مع أكثر من 1,440 جهة غير حكومية.
وحول مجريات الاجتماع، أشار الرئيس المشارك الأسبق لـ«بريدجز»، المحامي علي حمود إلى أن الوفد نقل للمسؤولين الفدراليين أبرز المخاوف الرئيسية لدى العرب الأميركيين، وقال «إن الهاجس الأكبر الذي ركزت على طرحه خلال اللقاء، تمحور حول التوقيفات الطويلة التي يواجهها بعض العرب الأميركيين في المطارات أثناء عودتهم إلى أميركا». وتساءل: «لماذا يتم توقيف هؤلاء واحتجازهم لفترة تمتد بين 3–5 ساعات، عند دخولهم إلى الولايات المتحدة؟».
وأفاد لـ«صدى الوطن»، بأن بعض أعضاء الوفد استفسروا من المسؤولين الفدراليين عن أسباب إيلاء قدر كبير من الاهتمام بالمسافرين العائدين من بلدان الشرق الأوسط إلى منطقة ديترويت، مقارنة بالعائدين إلى المدن الأميركية الأخرى.
وقال: «لقد شعرت بأن الاجتماع كان صريحاً وأن مخاوفنا أُخذت على محمل الجد»، مضيفاً: «آمل أن تقود نقاشاتنا معاً إلى بعض التغيير».
من جانبه، قال رئيس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية»، ناصر بيضون: «لسنوات عديدة، كنا نحاول إيجاد طريقة لمعالجة قضايا الجالية المتعلقة بقائمة مراقبة الإرهاب»، لافتاً إلى أنه تم «تحقيق نجاحات محدودة للغاية، على المستوى المحلي». وأضاف: «لقد فكرنا أنه سيكون من الجيد، مقابلة صانعي السياسات في العاصمة واشنطن».
بيضون، الذي يشغل أيضاً منصب الرئيس المشارك لمنتدى «بريدجز»، وصف الاجتماع بأنه فريد من نوعه «على الرغم من أن الوفد قوبل بالغموض، وأن الاجتماع افتقد للحلول الملموسة لمسائل مهمة»، كالقضايا المتعلقة بـ«قائمة حظر الطيران».
أما المدير السياسي والقانوني لـ«أي دي سي»، المحامي عبد أيوب، فقد أكد على أن «اجتماعاً واحداً لن يحل جميع القضايا»، مضيفاً «لقد كان (الاجتماع) جزءاً من حوار مستمر». وقال: «نحن بحاجة إلى إجراءات أكثر، واجتماعات أقل، وفي الوقت الذي نقدر فيه الخطوات التي قام بها السناتور بيترز، إلا أننا نحتاج إلى أن تضع الحكومة الفدرالية مطالبنا ومقترحاتنا موضع التنفيذ».
في سياق متصل، تمكن «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) من انتزاع حكم قضائي من محكمة فدرالية بولاية فيرجينيا، الأسبوع الماضي، اعتبر فيه القاضي بأن «قائمة مراقبة الإرهاب» تنتهك حقوق المواطنين الأميركيين، وهو حكم رأى فيه مسؤولو «كير» فوزاً كبيراً للأوساط المدنية والحقوقية في الولايات المتحدة.
وحالياً، يعمل السناتور بيترز على تنسيق اجتماع ثانٍ بين المسؤولين الفدراليين وممثلي المجتمع العربي الأميركي، لاستكمال الحوار حول مخاوف الجالية من عمليات التوقيف في المطارات وعلى المنافذ الحدودية ومن تعرضهم لإجراءات تفتيش طويلة ومذلة، لافتاً في حديث لـ«صدى الوطن» إلى أن «ميشيغن هي موطن لمجتمعات نابضة بالحياة، وكل شخص فيها يستحق أن يُعامل بكرامة واحترام خلال السفر».
وقال: «لقد تشرفت بالمساعدة في عقد تلك المناقشات، وآمل أن تشكل خطوة هامة في معالجة المخاوف التي أثارها الميشيغندريون الذين تعرضوا مراراً وتكراراً لإجراءات التفتيش الطويلة والفضولية»، مؤكداً أنه «يجب على وزارة الأمن الداخلي فعل المزيد لمعالجة تلك المخاوف بشكل مباشر، لجعل سفر جميع الأميركيين آمناً ومطمئناً».
Leave a Reply