واشنطن – تبنى مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة وثيقة تنص على اعتراف الولايات المتحدة بإبادة الأرمن تحت حكم الإمبراطورية العثمانية قبل مئة عام، في تصويت رمزي من شأنه أن يتسبب بتصعيد التوتر القائم بين الولايات المتحدة وتركيا، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صيف 2016.
ووافق المجلس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون بأغلبية 405 أصوات مقابل 11 صوتاً على القرار الذي يؤكد أن الولايات المتحدة تعتبر مقتل 1.5 مليون أرمني على يد الإمبراطورية العثمانية خلال الفترة من 1915 إلى 1923 إبادة جماعية، وفق ما ذكرت «رويترز».
وكان لافتاً امتناع عدد من النواب عن التصويت بينهم النائبة الصومالية الأميركية عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر، التي تعرضت لانتقادات واسعة بسبب موقفها. وكانت عمر، من بين ثلاثة نواب فقط صوتوا بـ«حاضر» وهو إجراء يشبه الامتناع عن التصويت لصالح أو ضد قرار.
وقالت النائبة في بيان لشبكة «سي أن أن» إنها اتخذت هذا الموقف لأنه يجب الأخذ في الاعتبار أيضاً «بشاعات تاريخية سابقة مثل تجارة الرقيق وما حدث للسكان الأصليين في أميركا».
وعلا التصفيق والهتاف عندما أقر المجلس بأكثرية هذا القرار. وقالت رئيسة المجلس نانسي بيلوسي انها تشرفت بالانضمام إلى زملائها في «إحياء ذكرى إحدى أكبر الفظائع في القرن العشرين: القتل المنهجي لأكثر من مليون ونصف من الرجال والنساء والأطفال الأرمن على يد الامبراطورية العثمانية».
وقال أحد واضعي الوثيقة، النائب الديمقراطي آدم شيف، إن «الوقت ليس متأخراً أبداً للاعتراف بالإبادة، وهذا مناسب اليوم تماماً».
وترفض تركيا بشدة وصف ما تعرض له الأرمن بين عامي 1915 و1917 خلال حقبة الدولة العثمانية بـ«الإبادة الجماعية»، مصرة على أن ضحايا تلك الأحداث ليس الأرمن وحدهم بل الأتراك أيضاً. وقد استدعت أنقرة السفير الأميركي لديها اعتراضاً على قرار الكونغرس.
وتدعو أنقرة المجتمع الدولي إلى تشكيل لجنة دولية من المؤرخين لدراسة الوثائق الأرشيفية المتوفرة حول الأحداث من أجل وضع تصور موضوعي تجاهها.
ويؤكد الأرمن أن 1.5 مليون أرمني من رجال ونساء وأطفال في منطقة الأناضول التاريخية قتلوا على أيدي العثمانيين في عمليات اضطهاد وترحيل ضدهم خلال الحرب العالمية الأولى.
من جانبه، وصف وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، قرار مجلس النواب بشأن قضية الأرمن بأنه «قرار مخز» من قبل أشخاص يستغلون التاريخ في السياسة.
وأشار أوغلو إلى أن القرار الأميركي بشأن قضية الأرمن «لاغ وباطل» بالنسبة لتركيا.
ويعتبر الأرمن أن القتل الجماعي لشعبهم يرقى إلى صفة الإبادة، وهو ما لا تعترف به سوى نحو 30 دولة وتنفيه تركيا بشدة.
إلهان عمر
تنديدات وانتقادات عارمة انهالت على النائبة إلهان عمر بسبب مواقفها المؤيدة لتركيا، والتي تجلت بشكل واضح في عدم تصويتها لصالح قرار مجلس النواب الاعتراف بالمجازر ضد الأرمن «كإبادة جماعية»، وكذلك رفضها للعقوبات ضد تركيا على خلفية حملتها العسكرية في شمال سوريا.
وقال القس تاديوس برسيغيان من كنيسة «ساهاج» الأرمنية في ولاية مينيسوتا التي تمثل عمر إحدى دوئرها بالكونغرس، إنه سعيد بالتصويت ولكن يشعر بخيبة أمل حيال عمر، لعدم تصويتها لصالح القرار.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن القس برسيغيان قوله إن «الحجة القائلة إن التوقيت غير مناسب للتصويت، ذريعة سمع بها الأرمن الأميركيون من قبل»، وأضاف متسائلاً «هل هناك وقت مناسب أو خاطئ للدفاع عن العدالة التي تدعي (عمر) أنها بطلة لها؟».
وقالت ميشيل بايفيلد آنجيل، رئيسة مجلس الرعية بكنيسة «ساهاج» الأرمنية في مينيسوتا «إذا كانت (عمر) ستمثل مجتمعنا هنا، فعليها أن تسمعنا».
وقال حاكم مينيسوتا، تيم فالز: «إن الإبادة الجماعية للأرمن هي حقيقة تاريخية، وإنكار هذه الحقيقة هو استمرار للإبادة الجماعية. بصفتي عضوا في الكونغرس، قمت برعاية هذا التشريع. ذكرى الضحايا والالتزام بالناجين يتطلبان أن يقر التاريخ بالأرواح المفقودة».
وكانت إلهان عمر قد عارضت في مقال على «واشنطن بوست» أيضاً العقوبات الأميركية على تركيا وقالت إنها واحدة من «قواعد السياسية الخارجية الفاشلة وغير الفعالة».
وقد أثار مراقبون تساؤلات حول طبيعة العلاقة التي تربط بين إلهان والرئيس التركي، ومواقفها حيال تركيا و«الإخوان المسلمين»، في وقت تعاني فيه النائبة الصومالية الأصل من ترددات فضيحة الكشف عن علاقة غرامية تربطها بالمستشار السياسي تيم مينيت، وقد تقدمت قبل أسابيع بطلب الطلاق من زوجها أحمد حرسي.
Leave a Reply