واشنطن – أحال مجلس النواب الأميركي، الأربعاء الماضي، الرئيس دونالد ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، في ظل معارضة شاملة من النواب الجمهوريين. ليصبح ترامب ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يطلق الكونغرس بحقّه إجراء رسمياً لعزله.
وجاء قرار مجلس النواب باتهام ترامب بسوء استغلال السلطة بأغلبية 230 صوتاً مقابل رفض 197 صوتاً. أما تهمة عرقلة عمل الكونغرس فأقرت بأغلبية 229 مقابل رفض 198 صوتاً.
وبموافقة مجلس النواب الذي يقوده الديمقراطيون على بندين لمساءلة ترامب، يصبح الطريق ممهداً لمحاكمة تعقد الشهر المقبل في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون الذين لم يبدوا أي اهتمام يذكر بعزل الرئيس.
ويتطلب عزل الرئيس موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الذي يسيطر الجمهوريون فيه على 53 مقعداً مقابل 47 للديمقراطيين.
وتعقيباً على التصويت، قال البيت الأبيض إنه واثق من أن مجلس الشيوخ سيبرئ ترامب في المحاكمة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام في بيان «اليوم يمثل ذروة واحدة من أكثر الأحداث السياسية المخزية في تاريخ أمتنا. من دون الحصول على صوت جمهوري واحد ومن دون تقديم أي دليل على وقوع مخالفات، مرّر الديمقراطيون بندي مساءلة الرئيس في مجلس النواب».
وأضافت: «الرئيس واثق من أن مجلس الشيوخ سيعيد النظام والعدالة والإجراءات القانونية التي جرى تجاهلها خلال تحركات مجلس النواب. إنه مستعد للخطوات المقبلة وواثق من أنه ستتم تبرأته تماماً».
وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي قد افتتحت المداولات بشأن التهمتين اللتين يواجههما ترامب في إطار مساءلته، وذلك قبل التصويت عليهما.
وقالت بيلوسي: «افتتح بكل أسف المداولات بشأن مساءلة رئيس الولايات المتحدة. وإذا لم نتحرك الآن فسيكون ذلك إهمالا في أداء واجبنا». وأضافت بيلوسي أن «ترامب استغل سلطته للحصول على منفعة سياسية شخصية على حساب الأمن القومي الأميركي، وأنه شرع في حملة لم يسبق لها مثيل من تحدّي الكونغرس، وعرقلة عمله، بعد انكشاف أمر مخالفاته».
واتهم ديمقراطيو مجلس النواب، ترامب باستغلال سلطاته بمطالبة أوكرانيا بالتحقيق حول شبهات فساد تطال جو بايدن النائب السابق للرئيس والأوفر حظاً لنيل ترشيح الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة 2020، كما اتهموه كذلك بعرقلة تحقيق الكونغرس في تلك المسألة.
ونفى ترامب، عشية التصويت، ارتكابه أية مخالفة واصفاً العملية برمتها بأنها «زيف كامل». وأضاف في رسالة استثنائية من ست صفحات، مخاطباً بيلوسي: «التاريخ سيحكم عليك بشكل قاس». واستنكر الرئيس في رسالته، التحقيق، قائلاً إنه «محاولة انقلاب» مشيراً إلى أن الديمقراطيين يحاولون تغيير نتائج انتخابات الرئاسة عام 2016 التي هزم فيها الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وفي الوقت الذي كان مجلس النواب يصوّت فيه على اتهام ترامب، كان الرئيس الجمهوري يلقي خطاباً أمام الآلاف من أنصاره في تجمّع انتخابي في مدينة باتل كريك بولاية ميشيغن.
وسارع ترامب للتنديد بقرار مجلس النواب قائلاً «بينما نحن نخلق الوظائف ونقاتل من أجل ميشيغن، فإنّ اليسار الراديكالي في الكونغرس ينهشه الحسد والحقد والغضب، وأنتم ترون ما يجري الآن». وأضاف أن «الديموقراطيين يحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأميركيين» الذين انتخبوه رئيساً.
وبنتيجة تصويت الأربعاء الماضي، أصبح ترامب ثالث رئيس أميركي يواجه المساءلة، وذلك في إجراء غير معتاد للتدقيق في سلطات الرئيس منصوص عليه في الدستور الأميركي، ولا يطبق سوى على الرؤساء الذين يرتكبون «جرائم وجنحاً خطيرة». ولم يُعزل أي رئيس بموجب هذا الإجراء قط، حيث برّأ مجلس الشيوخ، الرئيس آندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1998. أما ريتشارد نيكسون، فاستقال قبل أن يصوّت مجلس النواب على إحالته إلى المحاكمة.
وسيرأس رئيس المحكمة الأميركية العليا، جون روبرتس، محاكمة ترامب بمجلس الشيوخ والتي سيقدم خلالها الأعضاء الديمقراطيون الممثلون لمجلس النواب قضيتهم ضد ترامب.
وسيرد فريق ترامب القانوني على الاتهامات أمام أعضاء مجلس الشيوخ بصفتهم محلفين، وربما تتضمن المحاكمة شهادات من شهود وجدول محاكمة قد يمتد لستة أسابيع.
وطالب ترامب في تغريدة الخميس الماضي بـ«محاكمة فورية» أمام مجلس الشيوخ، مع تقارير بأن الديمقراطيين في مجلس النواب ربما يسعون إلى تأخير نقل قرار الاتهام بحقه إلى مجلس الشيوخ.
Leave a Reply