نيويورك – اشترت «جمعية بروكلين التاريخية» وثيقة من القرن السابع عشر بمبلع 27,500 دولار، خلال مزاد علني نظمته «دار كريستيز» للمزادات الخريف. والوثيقة التاريخية هي عبارة عن عقد ملكية عقارية لقطعة أرض بمساحة 200 أيكر باسم أول مسلم هاجر إلى الولايات المتحدة، ويدعى «أنتوني يانسن فان سالي»، والذي كان معروفاً باسم «أنتوني التركي». وهو من أم مغربية وأب هولندي.
وقالت جولي غوليه، نائب رئيس شؤون التنظيم ومجموعات المقتنيات في الجمعية، إن أنتوني كان أول مسلم هاجر إلى الولايات المتحدة؛ إذ وصل إلى نيويورك عام 1630، موضحة أن اسمه كان يرد في سجلات المحكمة باسم «أنتوني التركي»، نظراً لأن الغربيين في ذلك الوقت كانوا يطلقون لقب «الترك» على جميع المسلمين، مشيرة إلى أن أنتوني ذاع صيته في نيويورك؛ إذ بات واحداً من أكبر ملاكي الأراضي في منطقة مانهاتن.
وأشارت غوليه إلى أن الشخص الذي باع وثيقة الملكيَّة العقارية، طلب من «دار كريستيز» عدم الكشف عن اسمه، لافتة إلى أن «جمعية بروكلين التاريخية» تمتلك مجموعة كبيرة من وثائق الملكية العقارية التي ترجع للقرن السابع عشر.
وأضافت: «نحن نعلم أن أول المسلمين الذين جاؤوا إلى نيويورك جرى إحضارهم على الأرجح من إفريقيا عن طريق تجارة الرقيق، لكن سند الملكية العقارية هذا، الذي يعود لعام ١٦٣٩، هو أول دليل عن أن مالك أراضي مسلم وحر، عاش في البلاد خلال ذلك العصر».
وتابعت: «لسنا متأكدين من مدى أهمية الإسلام وتأثيره في حياة أنتوني، لكن لابد من الإشارة إلى أن الأخير كان يمتلك مصحفاً جرى بيعه في أحد المزادات العلنية أوائل القرن العشرين»، ويقول بعض المؤرخين إن أنتوني اعتنق المسيحية فيما يقول آخرون إنه ظل مسلماً بالسرّ.
وذكرت غوليه أن اسم أنتوني، غالباً ما يرد ذكره في الوثائق التاريخية الموجودة في «معهد هولندا الجديدة»، والمتعلقة بسكان نيويورك، التي كانت مستعمرة هولندية تعرف باسم «نيو أمستردام»، عندما هاجر إليها أنتوني.
وقالت إن أنتوني ولد لقرصان هولندي مسلم اسمه يان يانسن، وبات يعرف بعد إسلامه باسم مراد رئيس (قبطان)، وأم مغربية، مشيرة إلى أن أنتوني أخذ لقبه «فان سالي» من مدينة سلا المغربية، التي ولد وترعرع بها، قبل أن يتحول بعد هجرته إلى الولايات المتحدة، إلى أحد أكبر ملاكي الأراضي في نيويورك.
«أنتوني» (1607–1676) عاش في العاصمة الهولندية أمستردام، فترة من الوقت عندما كان في أوائل العشرينات من عمره؛ حسب غوليه، وفيها تزوج من امرأة من أصول ألمانية تدعى غريتسي رينيرس، وهاجر إلى الولايات المتحدة عن طريق «شركة الهند الهولندية»، التي كانت تنقل المستعمرين إلى أميركا. وتابعت: «جاء أنتوني إلى نيويورك، التي كانت تعرف آنذاك باسم نيو أمستردام، مع زوجته الشابة، كأحد المستوطنين الأوائل عام 1630، للاستفادة من الفرص الاقتصادية للعالم الجديد، وتحمل مخاطر الهجرة ربما بسبب قدرته ومهارته في ريادة الأعمال والتجارة». وبعد وصوله بفترة وجيزة، اشترى مزرعته الأولى شمال حي «وول ستريت» حالياً، وأصبح مع الوقت أحد كبار ملاك الأراضي في نيويورك.
وحسب غوليه، فإن حياة أنتوني الجديدة في نيويورك لم تكن مفروشة بالورود دائماً، إذ تؤكد الوثائق الموجودة في «معهد هولندا الجديدة» أنه واجه أنتوني صعوبات مع الجهات الرسمية في «نيو أمستردام»، بسبب شخصيته الاستثنائية وخلفيته الإثنية.
واستطردت غوليه: «عاش أنتوني التركي شمال نيو أمستردام، بعد أن حصل من العمدة على مساحة كبيرة من الأرض تبلغ 81 أيكر مقابل خروجه من المدينة (مانهاتن اليوم)، حيث أسس أنتوني على أرضه مستوطنة «نيو أوتريخت» التي أصبحت تعرف فيما بعد باسم حي بروكلين.
وولد لأنتوني أربع بنات، تزوجن كلهن من تجار هولنديين أثرياء وأقاموا في نيو أمستردام، وكان من أحفاد أنتوني أسماء بارزة في عالم الأعمال بالولايات المتحدة، أبرزهم رجل الأعمال والملياردير كورنليوس فاندربلت (1794–1877)، الذي كان يعرف بلقب «عميد البحار».
غوليه تؤكد، أن هذه الشخصية الفريدة خلقت تأثيراً كبيراً لا يمحى في تاريخ نيويورك والمسلمين في هذه المدينة، لا سيما في فترة مثل القرن السابع عشر الميلادي؛ حيث لم تكن الولايات المتحدة تمتلك مجتمعاً متنوعاً في الثقافات والديانات كالذي تمتلكه في الوقت الراهن.
Leave a Reply