مريم شهاب
قد نكون، نحن الجالية العربية، أو الشرق أوسطية (حتى لا يزعل إخواننا في القاطع الشرقي من ديترويت الكبرى)، مقارنة بالمجتمعات والأقليات الأخرى في المنطقة، الأقل استفادة من المساعدات الحكومية التي يتم تمويلها سنوياً من جيوب دافعي الضرائب لكي تتمكن الدولة من الإنفاق على الخدمات العامة ومساعدة الفقراء ومحدودي الدخل.
والضريبة هي أبغض ما يدفعه الرأسمالي، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عقيدته. فتراه دوماً ينقل أمواله إلى حيث يأمن عليها من مقص الـ«آي آر أس» (IRS) فلا يستثمرها في الإنتاج وخلق الوظائف مفضلاً إيداعها في المصارف أو العقارات أو تحويلها إلى الملاذات الضريبية حول العالم دون الالتفات لما يمكن لتلك الأموال أن تحققه في حياة الناس في المجتمع المحلي، فلا يكلف نفسه عناء المجازفة وتخصيص جزء من أرباحه لتمويل الخدمات العامة والمساعدات الحكومية للفقراء والعاطلين عن العمل.
من خلال إقامتي وعملي في هذا البلد منذ سنوات طويلة، اتضح لي أن الكثيرين من أهلنا وإخواننا اقتنعوا بأن أفضل مهنة هي البطالة، وذلك بالامتناع عن العمل والاستمتاع بالمساعدات الحكومية، من الطبابة والسكن والغذاء (فود ستامب)، وصولاً إلى الاحتيال على القوانين، وكأنها شطارة وفهلوة وحربقة.
أعرف شخصياً بعض الرجال ممن استثمروا حياة الخمول وربّوا أولادهم من أموال دافعي الضرائب، واستولوا على المساعدات التي هي من حق الضعفاء والفقراء والعاجزين عن العمل. أعرف كثيرين ممن دفعهم الطمع وحس النصب والاحتيال إلى استغلال برنامج Section 8 المخصص لإسكان الفقراء. وهو ما يجعل هذا البرنامج الحكومي عاجزاً عن تلبية من هم بحاجة فعلاً إلى سقف يحميهم.
هل أن الحكومة الفدرالية محقة في حجب الإقامة الدائمة عن المهاجرين الذين يتلقون الإعانات الحكومية؟ الإجابة المنطقية، هي نعم إلا لمن ليس لديه القدرة الجسدية والعقلية لإيجاد عمل أو الذهاب إلى المدارس والمعاهد، أقله لتعلم اللغة الإنكليزية أو أية مهنة قد تدر عليه دخلاً شريفاً يقيه مذلة السؤال لغير الله.
هناك بعض الأشخاص، في رأيي الخاص، يجب عدم إعطائهم تأشيرة للقدوم إلى الولايات المتحدة أصلاً. قد تقول أيها القاريء هذا تجنٍّ ورأي غير منصف ويخالف الدستور الأميركي..
أود أن أقول لك عزيز القارئ، إن هذا الكلام «على الراس والعين»، ولكن ليس بالنسبة لإنسانٍ بسيط كان يرعى أغنامه أو فلاح مسن قضى شبابه في أرضه وكرمه، أو نساء اقتُلعن من قراهن ووجدن أنفسهن في بلاد بعيدة وغريبة وطبيعة باردة وقاسية، وهم لا يعرفون كيفية استعمال أبسط الأدوات في البيوت العصرية. مثل هؤلاء، الأفضل والأكرم لهم البقاء في بيئتهم الأم، فمهما كانت حياتهم مريرة هناك، ستظل بالنسبة لهم أحلى بكثير مما قد يعانونه من اكتئاب الغربة والمعاناة للحصول على الإقامة الدائمة والإعانات الحكومية.
عزيزي القارئ، لا متعة في الراحة وعدم العمل، إلا لمن يعملون.
Leave a Reply