ديربورن – «صدى الوطن»
أعرب المدير الجديد لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) في ديترويت، ستيفن دي أنطوانو، عن سعادته الكبيرة في استكشاف الثقافات المتعددة وأطباق الأطعمة الشهية وأنماط الحياة المتنوعة في ولاية ميشيغن، منذ توليه منصبه الجديد في منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي.
وأشار في حديث مع «صدى الوطن» –الأربعاء الماضي– إلى أنه بادر إلى الالتقاء بالفعاليات الاجتماعية والدينية في منطقة ديترويت في إطار سعيه إلى توطيد العلاقات بين الوكالة الأمنية وبين المجتمع العربي والإسلامي، عبر تحطيم الحواجز العازلة والمفاهيم المغلوطة حول موظفي الـ«أف بي آي».
الدماثة والنباهة واللطف، هي أول ما يلفتك في شخصية دي أنطوانو الذي عبّر أكثر من مرة –خلال اللقاء في مكاتب الصحيفة– عن حماسته ورغبته المتوثبة في تعلم المزيد عن تراث ديربورن الثقافي والاجتماعي، والذي يذكره بأصوله الإيطالية ونشأته في ولاية رود آيلاند، المتنوعة ثقافياً وعرقياً.
خريج «جامعة رود آيلاند» في اختصاص المحاسبة، أتى إلى منطقة ديترويت بدون أية تصورات مسبقة. وفي هذا السياق، قال: «لقد كنت متحمساً للمجيء إلى ميشيغن، ولم تكن لدي أية فكرة مسبقة عن المجتمع العربي الأميركي، ولكن بمجرد وصولي إلى هنا أصبحت أكثر انخراطاً، حتى بدت لي أنها تجربة رائعة للغاية». وأضاف: «لقد كان مصدراً للمتعة والدهشة.. ذهابي إلى الفعاليات المجتمعية ولقائي بالأطباء والمحامين والصيادلة والأفراد أصحاب المهن المختلفة».
مسيرة دي أنطوانو في الوكالة الفدرالية بدأت في مكتب «أف بي آي» بمدينة بوسطن عام 1996، وبعدها تدرج في مناصب عديدة في واشنطن العاصمة وفي ولايتي فيرجينيا وميزوري. ونجح خلال مسيرة أكثر من عقدين في بناء سمعة مهنية طيبة كعميل متخصص في التحقيق بجرائم الفساد العام والجريمة المنظمة والمخدرات والتزوير ومكافحة التجسس. وقبل انتقاله إلى ديترويت لتولي منصب مدير فرع «أف بي آي»، شغل دي أنطوانو منصب رئيس قسم التحقيقات الجنائية في المقر الرئيسي لمكتب التحقيقات الفدرالي في العاصمة واشنطن.
وقضايا من هذا النوع ليست غريبة عن مكتب الـ«أف بي آي» بديترويت، الذي اضطلع بتحقيقات في جرائم فساد عديدة خلال السنوات الماضية، وأبرزها قضية «اتحاد عمال السيارات» التي لاتزال تتفاعل، إضافة إلى التحقيق في قضايا فساد المسؤولين المحليين والرشوة والتزوير، عدا عن الاحتيال على نظام الرعاية الصحية، والتي كان آخرها قضية مبيعات العقاقير الوهمية، التي قام بها عرب أميركيون من ديربورن وديربورن هايتس، عبر صيدليات احتيالية وجنوا منها عشرات ملايين الدولارات.
يشير دي أنطوانو أيضاً إلى أن مكتب التحقيقات الفدرالي في ديترويت ينظر إلى آفة إدمان المخدرات التي أصبح وباء فتاكاً، لافتاً إلى أنه التقى –خلال الفترة السابقة– بالعديد من الفعاليات العربية الأميركية في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس لمكافحة هذه الآفة، عبر زيادة الوعي حول الآثار الخطيرة للإدمان على المواد الأفيونية.
وقال «إن المحرمات الثقافية والاجتماعية المتصلة بتعاطي المخدرات في المجتمع العربي والإسلامي، لا تختلف عن المحرمات التي لدى المكونات الأخرى في المجتمع الأميركي».
وفي سياق آخر، تناول ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني تاريخ العلاقة بين المجتمع العربي الأميركي وبين مكتب التحقيقات الفدرالي، لافتاً إلى أنها في كثير من الأحيان كانت محفوفة بالشك وانعدام الثقة. وعزا السبلاني تدهور تلك العلاقة إلى سياسات الوكالة الفدرالية في التعامل مع العرب والمسلمين كمشبوهين على الرغم من أنهم لم يرتكبوا أية تجاوزات أو مخالفات قانونية. وعلّق دي أنطوانو على مخاوف السبلاني، بأن مهمته تتمثل في جعل مكتب «أف بي آي» بديترويت مفتوحاً أمام الجميع، وقال: «إن مهمتي هنا هي تحطيم الجدران والحواجز التي تفرقنا، ولهذا فإنني أسعى جاهداً لاقتناص أية فرصة من أجل التواصل مع أفراد المجتمع». وأضاف: «لكي تقوم بذلك، عليك أن تكون منخرطاً وحاضراً في المجتمع».
وفي العام الماضي، كانت العربية الأميركية ماري أبو الجود قد عُينت كأخصائية في التواصل المجتمعي لدى مكتب «أف بي آي» بديترويت، وقد أشاد دي أنطوانو بجهودها في تسهيل مهمته، وقال: «ماري رائعة للغاية.. إن معرفتها بالمجتمع والعلاقات التي تمتلكها هنا.. كانت بمثابة نعمة عليّ».
وفيما يتعلق بالموضوع الأكثر حساسية لدى العرب الأميركيين، والذي يتمثل بسياسات الوكالة الفدرالية وطبيعة العمليات التي تقوم بتنفيذها، قال دي أنطوانو إن عملاء «أف بي آي» مدربون على أن يكونوا محترفين، وأن يعاملوا الناس باحترام، وهذا يشمل طرق الأبواب لتنفيذ أوامر التفتيش بطريقة مناسبة، والتأكد من ضمان سلامة وحقوق جميع الأطراف المعنيين.
وأضاف: «نحن وكالة أمنية ومعلوماتية، وفي كثير من الأحيان، عندما نتحدث مع شخص ما فإننا لا نفعل ذلك بقصد توجيه الاتهامات إليه، وإنما بغرض الحصول على معلومات لأغراضنا الاستخباراتية».
وأوضح دي أنطوانو أن سلامة الأميركيين هي أولوية الوكالة، وليس نشر الخوف في قلوب الناس. وقال: «نريد إشراك أفراد المجتمع لأننا لا نستطيع القيام بعملنا بدونهم، نحن بحاجة إلى أن يكون الناس قادرين على التحدث إلينا، وإذا كانوا يخشون ذلك، فمن العسير علينا إنجاز المهام الموكلة إلينا».
ودحض دي أنطوانو، المزاعم التي تتحدث عن قيام الوكالة بمراقبة المساجد في منطقة ديترويت، وقال: «الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق».
وأضاف بأن بعض المخاوف قد تكون مشروعة ولها جذور تاريخية، غير أنه يعمل من أجل إزالة الشبهات والهواجس حول عمل المكتب الفدرالي، عبر محادثات شفافة ومتاحة أمام الجميع. وقال: «نحن جميعاً نحارب من أجل الهدف نفسه، ألا وهو سلامة وأمن عائلاتنا وأصدقائنا وأقاربنا ومواطنينا الذين يعيشون في هذا البلد».
Leave a Reply