ديترويت – للمرة الرابعة في السنوات الست الأخيرة، اختار زعيم «أمة الإسلام» لويس فرقان مدينة ديترويت لعقد مؤتمره السنوي، حيث ألقى يوم الأحد الماضي خطاباً دعا فيه الأفارقة الأميركيين إلى تشكيل كيانهم الخاص قبل انهيار الولايات المتحدة، مشجعاً السود على الانتقال للعيش وافتتاح المصالح التجارية في ديترويت تحديداً.
وألقى فرقان خطاباً استغرق نحو ثلاث ساعات ونصف أمام الآلاف من أتباع جماعته الانفصالية في مركز «تي سي أف» بوسط ديترويت، في ختام فعاليات المؤتمر الذي استمر لثلاثة أيام، متناولاً مواضيع شتى، أبرزها السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وعلاقته بإيران والقيادي السابق في الجماعة «مالكوم أكس»، وصولاً إلى الانحطاط الأخلاقي في المجتمع الأميركي.
ودعا فرقان، أميركا إلى التوبة بسبب خطاياها من العنصرية ومخالفة تعاليم الدين، حيث عُرضت خلفه قائمة بالوصايا العشر. وقال إن أميركا تنتهك جميع تلك الوصايا، مشدداً على رفض العلاقات الجنسية المثلية بالقول: «رجال يأتون الرجال بشهوة… هذا مثل سدوم وعمورة!».
وفي الشأن الانتخابي، حذر فرقان من أن أصحاب المليارات يحاولون شراء الدعاة والسياسيين السود في الانتخابات الرئاسية القادمة، في إشارة إلى المرشح الديمقراطي مايكل بلومبرغ، دون أن يسميه.
وأضاف: «أنت منزعج للغاية من ترامب… وتشعر بضرورة ملحة لإخراج هذا الرجل من البيت الأبيض ولا يهمك من يفوز طالما أن ترامب سيخسر».
وتابع: «لذلك وضعوا لك مليارديراً آخر لا يكترث للسود. وهو يدفع للوعّاظ السود كي يفسدوك.. إنه يعطيك رشوة، يعطيك شيئاً لإرضاء رغباتك الفاسدة، فتبيع شعبك. وعندما تبيع شعبك مقابل مال الرشوة، يكونون قد سيطروا عليك. وعندما يسيطرون عليك، يبدأون بمطالبتك بفعل أشياء قد لا ترغب في القيام بها». وأردف قائلاً «يحتاج السود إلى قادة لا يمكن شراؤهم».
ورفض زعيم «أمة الإسلام» التي تأسست في ديترويت عام 1930، اتهام جماعته بمعاداة السامية بسبب انتقاده الدائم لليهود، قائلاً إن الحشد الذي أمامه «ليس من عمل الكراهية، إنما هو دليل على قوة الحب الرائعة».
وانتقد فرقان، كعادته، السياسيين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، قائلاً إن زعماء الولايات المتحدة قد خذلوا السود. وكرر دعوة «أمة الإسلام» للأميركيين الأفارقة إلى الانفصال وتشكيل دولتهم الخاصة للهروب مما يقول إنه سيكون انهيار أميركا في نهاية المطاف، مقترحاً أن تكون ديترويت مقصد الأفارقة الأميركيين لتشكيل كيانهم الخاص والتمتع بحكم ذاتي، كما تنص تعاليم الجماعة.
والجدير بالذكر أن «أمة الإسلام» تتخذ من مدينة شيكاغو مقراً لها، لكنها على إقامة مؤتمرها السنوي في ديترويت في 2014 و2016 و2017 و2020.
وحضر خطاب فرقان حشد من الضيوف بينهم رؤساء بلديات إنكستر وإيستبوينت وماسكيغون هايتس، إضافة إلى ممثل عن رئيسة مجلس ديترويت البلدي برندا جونز.
وتناول فرقان في كلمته سيرة المناضل الإفريقي الأميركي مالكوم أكس الذي ترعرع في ديترويت، وكان قيادياً بارزاً في «أمة الإسلام» بقيادة إيليجا محمد، قبل أن ينشق عنها ويتعرض للاغتيال عام 1965. وتعليقاً على مسلسل جديد تعرضه شبكة «نتفليكس» بعنوان «من قتل مالكوم أكس؟» ويشير إلى تورط الجماعة في مقتله، قال فرقان: «لقد كان أول معلم عظيم لي. لقد علمني الكثير. ومن الدروس التي علمني إياها كيف أحب القائد المحترم إيليجا محمد. وعندما خرج (مالكوم) عن طاعة معلمه، لم أعد أستطيع تقبل تعاليمه». وأضاف فرقان إن «مالكوم أكس» «هزّ العالم» عندما كان في خدمة إيليجا محمد.
يذكر أن فرقان انتزع زعامة «أمة الإسلام» من وارث الدين محمد (ابن إيليجا محمد) في العام 1977، معارضاً مساعي الأخير لتحويل الجماعة إلى المذهب الإسلامي السنّي.
وفي موضوع آخر تناول فرقان، حادثة اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني مطلع العام الجاري. وقال «هذا الرجل لم يكن إرهابياً، بل كان يقاتل ضد قوى الاحتلال».
وانتقد فرقان السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، متسائلاً عن سبب بقاء القوات الأميركية هناك.
وكان فرقان قد زار إيران عام 2018 والتقى بمسؤولين فيها، لكنه أكد في كلمته أنه «لم يتم تجنيده» لخدمة مصالح طهران.
وأوضح قائلاً: «لم أذهب إلى إيران لاستجدي الدولارات».
وأضاف «ترامب قتل أخي قاسم سليماني والسيدة كلينتون قتلت أخي الآخر معمر القذامي، ولهذا، لم أدعمها، وقد خسرت» في الانتخابات.
ورغم انتقاداته لترامب، قال فرقان إن الرئيس الأميركي يتعرض للاستهداف من قبل المؤسسات الأمنية مثل وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، داعياً السود إلى عدم الانضمام إلى جوقة منتقدي الرئيس.
وأضاف متسائلاً «هل كان «أف بي آي» صديقاً لنا؟ هل كانت الاستخبارات الأميركية صديقة للفقراء؟».
يشار إلى أن خطاب فرقان يعتبر بمثابة التوجيهات السنوية لأتباع «أمة الإسلام» التي يقدر حجمها بأقل من 50 ألف عضو. وقد قامت الجماعة العام الماضي بشراء كنيس يهودي مهجور بالقرب من تقاطع الميل السابع وشارع أفرغرين في غرب ديترويت، وحولته إلى مسجد ليكون مقراً لـ«أمة الإسلام» في منطقة ديترويت الكبرى.
Leave a Reply