فاطمة الزين هاشم
فقدت عين التينة علماً من أبنائها الشجعان ومثالاً من أبناء الوطن الذين يحتذى بهم، حيث في رحيل النقيب الشهم عصام هاشم فقدت ليست عين التينة والبقاع الغربي بل لبنان كله، القامة الشامخة التي زرعت محبتها في قلوب الجميع، بنظافة الكف والنزاهة ودماثة الخلق.
منذ أن تولى منصبه على رأس جهاز الأمن العام في مشغرة وضواحيها في منطقة البقاع الغربي شعر المواطنون الساكنون في المناطق التي ظللتها إدارته بالأمان وامتداد جسور الثقة المتبادلة بينهم وبين السلطة المحلية، ولذلك فقد حظي الفقيد بأعز وسام يحلم به مسؤول رفيع، ألا وهو محبة الجماهير التي تعتبر رصيداً لا ينضب، فكان اسماً على مسمى متوشحاً بأثواب النزاهة الطاهرة من دون أن تغريه الرتبة العسكرية بالتعالي على الناس أو ابتزازهم.
لقد خدم الفقيد، المنطقة وأهلها بكل نكران ذات وبكل ما تجود به النفس من تفان وإخلاص، حيث ما إن يصل طالب الخدمة إلى مكتبه حتى يصبح مقرباً إليه إنسانياً ووجدانياً، فيستقبل مراجعيه بوجهه البشوش وابتسامته التي لا تفارق شفتيه وكأنك تعرفه منذ زمن طويل. كانت قهوة الضيافة تدور على مراجعيه في وقت يتولى بنفسه إنجاز المعاملات دون تمييز بين شخص وآخر، بينما اعتاد اللبنانيون على رؤية صغار الموظفين وهم يماطلون في إنجاز المعاملات إلا في حال قبضوا الرشوة سلفاً.
قلما تجد للفقيد نظيرا في المؤسسات الحكومية.
ومع أنه كان يعلم بمداهمة المرض ، إلا أنه لم يتقاعس عن تأدية واجباته في خدمة الناس، بل أصر على مواصلة الخدمة إلى الرمق الأخير حتى صرعه الموت.
لقد صدم موته أهالي البقاع واتشحت بلدته عين التينة بالسواد وعلا فيها نشيج النحيب لفقدانه، فكان مأتمه حاشداً رغم التحذيرات من المسؤولين بسبب جائحة فيروس كورونا اللعين الذي اجتاح العالم بأسره.
إنه لصحيح تماماً أن الموت حق والفراق صعب وكلما اشتد الحزن تشتد اللوعة في النفس، لكننا لا نملك إلا الإذعان لمشيئة القدر المحتوم مستسلمين لأمر الحي الباقي إذ يقول «إنّا لله وإنّا إليه راجعون».
رحلت يا حبيبنا وأرواحنا يعتصرها الألم لفقدك، فإلى جنان الخلد أيها النزيه، يا من حملت معك محبة الجميع.
أعزي بفقدك عائلتي آل هاشم الكرام وأهالي بلدتي عين التينة البطلة وكافة أهالي البقاع الغربي، كما أعزي مراتب وأفراد الأمن العام الذي فقد بطلا من أبطاله والوطن الذي لطالما يحتاج إلى نزيه من درجتك، فوداعاً أيها الشهم الغيور الذي لم يخذل وطنه وناس وطنه في يوم من الأيام.
Leave a Reply