بسبب التداعيات المتواصلة لأزمة كورونا، ستحتجب الجالية اللبنانية لأول مرة منذ أكثر من عقدين، عن إحياء الذكرى السنوية لمجزرتي قانا الأولى والثانية اللتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوان «عناقيد الغضب» (1996) و«حرب تموز» (2006).
غير أن الالتزام بالأوامر الحكومية بـ«البقاء في المنازل» لمنع انتشار الوباء، لن يعفينا من الوفاء بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا، والذي رفعناه شعاراً للمناسبة التي اعتدنا على إحيائها في مدينة ديربورن سنوياً، في مثل هذه الأيام، تحت شعار «كي لا ننسى».
لن ننسى، مهما طال الزمن، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شنت هجوماً غادراً على مركز تابع لقوات الأمم المتحدة، في 18 نيسان (أبريل) 1996، بعد لجوء المدنيين إليه، وقتلت 106 أشخاص معظمهم من النساء والأطفال.
لن ننسى أيضاً، مهما ضاقت الظروف وحاقت بنا الملمات، أن الدولة العبرية عادت إلى نفس البلدة الجنوبية في 30 تموز (يوليو) عام 2006، لترتكب مجزرة مروعة راح ضحيتها 55 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال كذلك.
لن ننسى جرائم إسرائيل في فلسطين ولبنان ومصر وسوريا، ليس لأن اليهود يحرصون على إحياء ذكرى محرقة الهولوكست، ولكن لأن عدونا البربري الذي زرع في منطقتنا لا يتوانى عن قتلنا وتدمير قرانا ومدننا وأوطاننا، ولا يحمينا من غطرسته ووحشيته إلا المقاومة التي لن تنتصر إذا نسينا جرائمه التي يندى لها جبين البشر.
لن ننسى، لأن استذكار المجزرتين، كفيل بأن تبقى بلدة قانا على مسرح التاريخ، وألا تدخل غياهب النسيان، كما هو الحال مع مجازر أخرى ارتكبها الإسرائيليون في دير ياسين وبحر البقر وغيرها، فقانا الجليل والدماء الزكية التي أريقت ظلماً وعدواناً هناك، ستبقى مقيمة في قلوبنا وضمائرنا وحبّات عيوننا، لكي تكون شاهدة إلى الأبد على وحشية أعداء يستهدفون الأطفال والنساء، والمدنيين العزّل، دون أن يرفّ لهم جفن.
لقد تناسى العالم، ومعه الولايات المتحدة، أن اعتداء إسرائيل على المركز التابع للأمم المتحدة عام 1996 يماثل الاعتداء على مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، ولكننا لن ننسى أن مدينة ديربورن قد نالت –ذلك العام– نصيبها من بربرية العدو الذي يستوطن على بعد آلاف الأميال، حين فقدت اثنين من أطفالها كانا في زيارة إلى بيت جدّيهما في الجنوب اللبناني، وهما هادي وعبد المحسن بيطار.
وإذ يفرض حظر التجول الجزئي تغييراً على مجمل أعمالنا وأنشطتنا وفعالياتنا في منطقة مترو ديترويت، كما يفرض أنماطاً جديدة من السلوكيات اليومية، لكن هذا الحظر الطارئ، رغم مرارته وقساوته، لن يودي بنا إلى النسيان.. إننا في هذه الأيام من كل عام نتذكر مجزرتي قانا!
«صدى الوطن»
Leave a Reply