المعارضة السياسية والشعبية تتصاعد بوجه قرارات الحاكمة الديمقراطية
لانسنغ – من تصريحات السياسيين إلى الاحتجاجات الشعبية وصولاً إلى رفع دعاوى قضائية، تعالت خلال الأسبوع الماضي الأصوات المعارضة لقرارات حاكمة ولاية ميشيغن المتشددة لمكافحة وباء فيروس كورونا المستجد، والتي أصابت اقتصاد الولاية بشلل شبه تام وطالت مختلف مناحي الحياة اليومية للميشيغندريين.
وفي مشهد غير مألوف، يوم الأربعاء الماضي، تدفق آلاف المتظاهرين المحافظين إلى شوارع العاصمة لانسنغ في تظاهرة سيّارة احتجاجاً على أوامر الحاكمة غريتشن ويتمر حيث أطلقوا العنان لأبواق سياراتهم رافضين انتهاك حقوق وحريات المواطنين الأميركيين.
وكانت الحاكمة الديمقراطية قد شددت أمر «البقاء في المنازل» وإغلاق المطاعم والمتاجر غير الضرورية حتى نهاية شهر نيسان (أبريل) الجاري، حيث حظرت جميع أنواع التجمعات العامة والخاصة، بما في ذلك زيارة الأقارب والأصدقاء والتنقل بين المنازل الخاصة من دون سبب، وذلك في إطار مساعيها لمكافحة انتشار الوباء.
كذلك، فرضت الحاكمة الديمقراطية قيوداً إضافية على المؤسسات التجارية التي لاتزال مفتوحة، بوصفها «أساسية»، إذ أمرت بتقليص أعداد الزبائن داخل المتاجر كما منعت بيع الكثير من المنتجات الخاصة بتحسين المنازل والحدائق، مثل البذور والمعدات الزراعية والسجاد والأثاث، فضلاً عن حظر قيادة المراكب المائية التي تعمل بالمحركات وهو ما أثر سلباً على حركة صيد الأسماك والنشاطات الترفيهية في مياه الولاية.
كذلك، مدّدت ويتمر، يوم الاثنين الماضي، قرار إغلاق المطاعم والحانات والمنشآت العامة الأخرى في الولاية، لغاية 30 نيسان (أبريل) الجاري، مستنفدة بذلك، المهلة القصوى التي منحها إياها مجلس ميشيغن التشريعي لاستخدام صلاحيات الطوارئ في مواجهة وباء كورونا.
ويشمل الإغلاق أيضاً النوادي الرياضية والمسارح والكازينوهات وغيرها من المنشآت غير الأساسية مع استمرار ارتفاع أعداد المصابين بفيروس «كوفيد–19» في الولاية.
اعتراض سياسي
قرارات الحاكمة الديمقراطية قوبلت بمعارضة واسعة من المشرعين الجمهوريين، سواء على المستوى الفدرالي أو المحلي.
من جانبه، انتقد زعيم الأغلبية في مجلس شيوخ ولاية ميشيغن، السناتور الجمهوري مايك شيركي، قرارات ويتمر مؤكداً عبر تغريدة على موقع «تويتر» أن «حاكمتنا تدمر صحتنا من خلال قتل طريقة حياتنا!» مضيفاً أنه يريد أن «يفهم الجميع حقيقة ما يحدث».
وبدوره، انتقد رئيس مجلس نواب الولاية، لي تشاتفيلد، الغموض الذي يكتنف المعايير المعتمدة لتحديد المتاجر «الأساسية» والأخرى غير الضرورية، مستغرباً السماح بمبيعات الكحول والماريوانا واليانصيب، مقابل حظر بيع مستلزمات الحدائق وقص الأعشاب وإصلاح المنازل والخدمات العقارية.
وغرد النائب الجمهوري عبر «تويتر» قائلاً: «علينا أن نكون آمنين وعقلانيين. والآن، نحن لسنا كذلك!».
ودعا تشاتفيلد، الحاكمة إلى استبدال تصنيف الأعمال التجارية بين «أساسية» و«غير أساسية»، والاستعاضة عن ذلك بتصنيف الأعمال «الآمنة» و«غير الآمنة».
ومن جهة أخرى، طالب ستة نواب جمهوريين عن ولاية ميشغن في الكونغرس الأميركي، الحاكمة ويتمر بتعديل قرار «البقاء في المنازل»، الذي وصفوا قيوده الجديدة بأنها «متطرفة جداً»، لاسيما تقييد التنقل بين المساكن وإلزام المتاجر الكبرى بإغلاق أقسامها الخاصة بالحدائق والأثاث المنزلي والطلاء.
وقال النواب الجمهوريون جاك بيرغمان، بيل هوزينغا، جون مولينار، بول ميتشل، فرد أبتون وتيم والبرغ، في بيان مشترك، إن قرار ويتمر المعدّل يتضمن بنوداً «تعسفية» و«متناقضة»، مشيرين إلى أن الكثير من الأنشطة التي لا تتطلب اتصالاً بالآخرين باتت محظورة تماماً.
و«بدلاً من إغلاق قطاعات كبيرة من الاقتصاد دون داعٍ وتقييد حياة السكان بشكل أكبر»، طالب النواب الجمهوريون بتعديل الأمر التنفيذي بما يحقق «هدفنا المشترك المتمثل في حماية الصحة العامة» إلى جانب البدء بإعادة إحياء الاقتصاد ولو بشكل تدريجي وبطيء.
ولفت البيان إلى أن المراكز الفدرالية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) «أصدرت توجيهات واضحة لمكافحة انتشار الفيروس»، وأنه باتباع هذه الإرشادات، يمكن للمتاجر أن تفتح أبوابها على أن تضمن بقاء الزبائن على مسافة ستة أقدام بين بعضهم البعض، وأن تقوم بالتعقيمات بشكل دوري، واتخاذ إجراءات وقائية أخرى مثل إنشاء حواجز للعطاس وإلزام الموظفين بغسل اليدين بانتظام.
معارضة شعبية .. وتظاهرة سيّارة
ولم تقتصر المعارضة لقرارات ويتمر على السياسيين الجمهوريين، حيث تم إطلاق عريضة إلكترونية تطالب بتنحية الحاكمة وإجراء انتخابات مبكرة، فضلاً عن التظاهرة السيارة الحاشدة التي أقيمت في لانسنغ، والتي طغى عليها أنصار الرئيس دونالد ترامب الذين رفعوا الأعلام الأميركية وشعارات الرئيس الجمهوري ورفعوا لافتات منددة بالحاكمة الديمقراطية.
التظاهرة غير المسبوقة التي دعا إليها «تحالف المحافظين في ميشيغن»، تحت عنوان «عملية الازدحام»، استمرت نحو ثماني ساعات لم تنقطع خلالها أبواق سياراتهم التي غصت بها شوارع عاصمة الولاية من الصباح حتى المساء.
ورغم أن التحالف المحافظ دعا المتظاهرين إلى البقاء بسياراتهم، «كي لا تقول «شرطة ويتمر» إنكم تخالفون قواعد التباعد الاجتماعي»، فضل المئات التوجه إلى ساحة الكابيتول للاعتراض على ويتمر من أمام مقر حكمها في مبنى رومني المجاور.
كذلك، سجلت «صدى الوطن» حضور عدد من المسلحين الذين جالوا شوارع العاصمة ببندقياتهم تعبيراً عن تمسكهم بالحريات المكفولة في الدستور، ومنها حق حمل السلاح.
ومن بين اللافتات التي رفعها المتظاهرون، سواء في السيارات أو أمام مبنى الكابيتول، «أنقذوا أعمالنا التجارية الصغيرة»، «أعيدوا الوظائف والحريات»، «الحكومة غير أساسية»، «نحّوا ويتمر!»، «إنهوا الإغلاق!»، «اجعلوا ميشيغن حرة مجدداً»، و«أمن من دون حرية، يعني السجن».
من جانبها، ردت ويتمر في خطاب مصور بثته من مكتبها أثناء سير التظاهرة في الشوارع المحيطة، بأن نشاط المحتجين يهدد بارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في ميشيغن، وبالتالي فإنهم يلحقون الضرر بمطلبهم بإعادة فتح الاقتصاد مبكراً.
وانتقدت ويتمر المتظاهرين المتجمعين في ساحة الكابيتول أثناء خطابها قائلة «إن هذه التظاهرة تأتي على حساب صحة الناس». وشددت على أن اتخذت قراراتها التنفيذية بموجب قانون الطوارئ للحفاظ على السلامة العامة وحماية السكان من الوباء العالمي.
وأعربت ويتمر عن رغبتها في فتح الاقتصاد قريباً، ولكنها تريد أن تتفادى «موجة ثانية من الفيروس» مؤكدة أن إعادة الحياة إلى طبيعتها «يتوقف على ما سيقوله العلم» حول الجائحة.
وفي مؤشر على السخط الشعبي حيال قرارات الحاكمة، جمعت صفحة على موقع «فيسبوك» باسم «ميشيغندريون ضد العزل المشدد»، نحو 350 ألف متابع في غضون أيام. وقد ساهمت الصفحة التي غيرت اسمها إلى «ميشيغندريون من أجل الحرية» في الحشد للتظاهرة السيارة.
وقال مؤسس الصفحة غاريت سولدانو إنه لم يكن يتوقع أن تلقى الصفحة كل هذا الإقبال إلا أنه شعر بضرورة التحرك للاعتراض على القرارات «التعسفية» للحاكمة، وأضاف متوجهاً إلى ويتمر بالقول: «عندما يتم سلب الحريات الأساسية، وعندما تقولين لنا ما يمكن شراؤه وما لا يمكن شراؤه، يكون لدي مشكلة حقيقية مع ذلك».
وفي سياق آخر، تمكنت العريضة الإلكترونية المطالبة بتنحية الحاكمة من جمع أكثر من 250 ألف توقيع خلال بضعة أيام، وتقول إن ويتمر «كذبت منذ اليوم الأول، فقد تعهدت «بإصلاح الطرق اللعينة» ولكنها فشلت في القيام بأي شيء في هذا الصدد»، كما أنها لم تفعل شيئاً لمكافحة التلوث وألغت تماماً تمويل حملة «ميشيغن نقية» التي تدعم السياحة في الولاية.
وقال المواطن جون باول الذي أطلق العريضة: «اسألوا ويتمر لماذا يمكنني شراء الماريوانا والخمور وتذاكر اليانصيب ولكن لا يمكنني زراعة الخضروات أو الذهاب لصيد الأسماك لإطعام عائلتي!».
Leave a Reply