لانسنغ – عشية البدء بجلسات الاستماع في الدعوى القضائية التي تقدم بها مجلس ميشيغن التشريعي ضد حاكمة الولاية غريتشن ويتمر لتمديدها حالة الطوارئ من جانب واحد، تواصلت –الخميس الماضي– الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإعادة فتح اقتصاد الولاية وإنهاء العمل بالأوامر التنفيذية التي أصدرتها الحاكمة الديمقراطية لمكافحة وباء كورونا عبر فرض قيود صارمة على أنشطة السكان والأعمال التجارية.
ورغم هطول الأمطار الغزيرة، احتشد قرابة 250 شخصاً أمام مبنى الكابيتول في العاصمة لانسنغ، تلبية لدعوة منظمة «ميشيغن موحدة من أجل الحرية» المحافظة احتجاجاً على استمرار إغلاق الولاية وتقييد الحريات دون وضع إطار زمني محدد لإعادة فتح الاقتصاد، علماً بأن حالة الطوارئ التي مددتها الحاكمة دون موافقة السلطة التشريعية، تستمر لغاية ٢٨ أيار (مايو) الجاري.
ورفع المتظاهرون الأعلام الأميركية واللافتات المنددة بسياسات ويتمر، كما ألقى ناشطون كلمات مقتضبة أعربوا فيها عن تمسك الميشيغندريين بالحقوق المدنية التي يكفلها الدستور الأميركي، ومن بينها حق حمل السلاح وحرية العمل والتنقل وغيرها من الحريات التي قُوّضت بفعل أوامر الحاكمة التنفيذية.
وأصر عدد قليل من المتظاهرين على حمل أسلحتهم النارية خلال التظاهرة على الرغم من تحذيرات المدعي العام دانا نسل التي توعدت منظمي التظاهرة في اليوم السابق، بـ«التعامل بطريقة مختلفة» مع المحتجين المسلحين، في إشارة إلى رفضها تكرار مشهد اقتحام المسلحين لقاعات المجلس التشريعي أثناء انعقاده في 30 نيسان (أبريل) الماضي.
ولفتت نسل في بيان تحذيري، الأربعاء الماضي، إلى أن مكتب الادعاء العام لن يتوانى عن توجيه التهم للمسلحين الذين ينتهكون القوانين، كإشهار السلاح والتعدي على الدوائر التشريعية، وعرقلة عناصر الشرطة والسلوك غير المنضبط وتعكير صفو السلام.
من جانبها، كانت ويتمر قد استبقت المظاهرة بالتأكيد على أن الاحتجاج لن يدفعها إلى التراجع عن قراراتها وخططها في مكافحة وباء كورونا وإعادة فتح الاقتصاد بشكل تدريجي وآمن.
واعتبرت ويتمر أن التظاهرات ستجعل «إعادة فتح اقتصاد الولاية أكثر صعوبة»، داعية شرطة ولاية ميشيغن إلى أخذ كافة الاحتياطات الأمنية اللازمة في محيط مبنى الكابيتول لمنع تكرار مشهد 30 أبريل الماضي. وقالت: «حقيقة الأمر هي أن الاحتجاجات ستدفعنا على الأرجح لكي نبقى في وضعية البقاء في المنازل»، رغم أن «المطلب الحقيقي للمتظاهرين، هو أنهم لا يريدون فعل ذلك».
الحاكمة الديمقراطية كانت قد دعت –الاثنين الماضي– المشرعين الجمهوريين إلى شجب التشجيع على العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي وصلت إلى حد تهديدها بالقتل، داعيةً إلى حظر الأسلحة النارية داخل مبنى الكابيتول لأن بعض المشرعين شعروا بالترهيب عندما اقتحم المتظاهرون قاعات الكابيتول واستعرضوا أسلحتهم أمامهم رفضاً لتمديد حالة الطوارئ.
وكان لافتاً خلال تظاهرة الخميس الماضي، الانتشار الكثيف لعناصر شرطة الولاية في محيط الكابيتول وداخله لمنع المتظاهرين من دخول المبنى التشريعي.
كما رصدت «صدى الوطن» تمركز عناصر الشرطة على أسطح المباني المجاورة تحسباً لأي احتكاك مع مؤيدي الحاكمة الذين حضروا بأعداد ضئيلة.
ويتمر التي لم تعيّن بعد، موعداً محدداً لإعادة فتح اقتصاد الولاية، أوضحت أن هدفها في المرحلة الحالية يتمثل في إخضاع ما لا يقل عن 450 ألف شخص من سكان ميشيغن لاختبار الكورونا خلال شهر أيار (مايو) الجاري، بمعدل 14,516 فحص يومياً، لافتة إلى أن الولاية رفعت طاقتها الطبية خلال الأسبوعين السابقين، من أربعة آلاف اختبار في اليوم الواحد إلى 14 ألفاً.
وخلال شهر أبريل، بلغ متوسط الاختبارات حوالي 5,720 فحصاً كل يوم، وفقاً لدائرة الصحة التي أفادت أيضاً بأنه على مدى تسعة أيام متتالية كانت نتائج الاختبارات الإيجابية أقل من 10 بالمئة.
وكانت الحاكمة الديمقراطية قد كشفت النقاب مؤخراً عن خطة باسم «بداية آمنة في ميشيغن»، تضمنت دليلاً لإعادة فتح اقتصاد الولاية تدريجياً عبر ست مراحل، بناء على أعداد الإصابات والوفيات وسعة إشغال المستشفيات في الولاية، دون تحديد جدول زمني واضح لكل مرحلة.
وحتى الآن، باشرت معظم الولايات الأميركية بإعادة فتح اقتصادها تدريجياً، في حين لا تزال ثماني ولايات من دون مواعيد محددة لرفع القيود المفروضة لمكافحة وباء كورونا، وهي كاليفورنيا، واشنطن، نيويورك، نيوجيرزي، إيلينوي، ماريلاند، ديلاوير، إضافة إلى ميشيغن. وجميعها ولايات يحكمها حكام ديمقراطيون.
وبحسب ويتمر تخطّت الولاية بالفعل، المرحلتين الأولى والثانية، المتمثلتين بـ«الارتفاع الخارج عن السيطرة» لأعداد الإصابات، و«استمرار انتشار الفيروس»، وهي الآن في مرحلة «تسطيح المنحنى»، في إشارة إلى تراجع أعداد الإصابات والوفيات في الولاية. ووفقاً للخطة، التي وصفها الجمهوريون بالغامضة، تتطلب المرحلة الثالثة استمرار حظر التجمعات والتشجيع على قواعد التباعد الاجتماعي، مع رفع القيود المفروضة على بعض القطاعات كالصناعة والبناء والعقارات والتحسينات الخارجية للمباني.
أما المرحلة الرابعة (التحسن) فينبغي أن تتضمن براهين ملموسة على استمرار تراجع الإصابات والوفيات فضلاً عن أعداد المرضى داخل المستشفيات. وسوف يسمح في هذه المرحلة، بالتجمعات الصغيرة مع التشجيع على ارتداء الأقنعة واتخاذ الإجراءات الوقائية في أماكن العمل، كما سيسمح للمكاتب وأعمال التجزئة بالعودة إلى أنشطتها المعتادة، لكن مع قيود تتعلق بسعة الإشغال، والتركيز–ما أمكن– على العمل من بعد.
وتطمح المرحلة الخامسة (الاحتواء)، إلى تطويق أي تفشِّ جديد للفيروس، وسوف يتم السماح فيها بزيادة أحجام التجمعات وإعادة فتح المطاعم والحانات والمدارس.أما المرحلة السادسة، «مرحلة ما بعد الوباء»، فتستوجب إيجاد لقاح أو علاج فعال للفيروس. وسوف يتم فيها السماح بالتجمعات الكبيرة مثل المباريات الرياضية، وجميع الفعاليات الترفيهية والأنشطة الأخرى.
ويوم الاثنين الماضي، أجابت ويتمر على سؤال حول مواقيت الانتقال إلى المرحلة التالية، بالقول إن الأمر يستغرق قرابة 14 يوماً لمعرفة ما إذا كان الارتفاع المسجل لأعداد الإصابات مناسباً لاتخاذ خطوة أبعد نحو رفع القيود، مشيرة إلى أن فترة «بضعة أسابيع» هي «الإيقاع الصحيح» للانتقال من مرحلة إلى أخرى.
وفي هذا الصدد، قالت «إننا ندرك بأنه قد تكون هناك حالات يجب فيها أن نتحرك بشكل أسرع، وأخرى نتحرك فيها بشكل أبطأ قليلاً». وأضافت: «الشيء الذي لايمكنك تحديده في الرزنامة هو السلوك البشري، لهذا السبب من المهم للغاية أن يستمر الجميع في القيام بدورهم. هذه هي الطريقة الصحيحة للانتقال من مرحلة إلى أخرى».
وكانت أعداد الإصابات بالفيروس المستجد قد عاودت الارتفاع بشكل كبير، الخميس الماضي، بعد تراجع أعداد المصابين والضحايا بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة، حيث أفادت دائرة الصحة بميشيغن عن توثيق 1,191 إصابة و73 وفاة إضافية في يوم واحد، ليصل العدد الإجمالي للمصابين في الولاية إلى 49,582 شخصاً، والعدد الإجمالي للمتوفين إلى 4,787 ضحية، بينما بلغ عدد المتعافين أكثر من 22 ألفاً.
وجاء طرح ويتمر لخطة إعادة فتح اقتصاد الولاية تدريجياً، مع اشتداد الضغوط الجمهورية عليها، والتي وصلت إلى حد رفع دعوى قضائية ضدها، بعد قرارها تمديد صلاحياتها الاستثنائية بموجب حالة الطوارئ دون موافقة المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه أغلبية جمهورية، سواء في النواب أو الشيوخ.
وطالبت الدعوى القضائية التي تقدم بها الجمهوريون أمام محكمة المطالبات في ميشيغن بإبطال سلطات ويتمر وأوامرها التنفيذية بأمر قضائي فوري. وقالت الدعوى التي ستنظر فيها القاضية سينتيا ستيفنز، إن تجاهل ويتمر لقانون 1976 الذي ينص على دور السلطة التشريعية في تحديد فترة الطوارئ، «يدحض الغرض الرئيسي من القانون». وجادلت الدعوى بأن قانون 1945 الذي استندت إليه الحاكمة لتمديد الطوارئ من جانب واحد كان يقصد معالجة حالات الطوارئ ضمن مناطق معينة في الولاية وليس على صعيد ميشيغن بأكملها.
واستندت الحاكمة الديمقراطية في تمديد حالة الطوارئ إلى «قانون سلطات الطوارئ» لعام 1945 الذي لا يلحظ دوراً للسلطة التشريعية في تحديد فترة الطوارئ، على عكس قانون عام 1976 الذي حدد المهلة بـ28 يوماً، يتعين على الحاكم بعدها، الحصول على موافقة مجلسي النواب والشيوخ قبل تمديد الطوارئ.
ويوم الثلاثاء الماضي، انتهى الفريق القانوني لويتمر من إعداد رد على الدعوى القضائية متهماً المشرعين الجمهوريين بأنهم يخلقون «أزمة دستورية إلى جانب الأزمة الصحية العامة في الولاية». وجادل الفريق القانوني للحاكمة بأن الجمهوريين «لجأوا إلى القضاء بعدما خسروا المقامرة السياسية، وأن الدعوى ليست أكثر من مجرد خداع سياسي لفريق في الحكومة غير راض عن خساراته».
الرد الذي سيقدم إلى محكمة المطالبات في ميشيغن، يوم الجمعة، (مع صدور هذا العدد) وصف الدعوى المرفوعة بأنها «محاولة متخفية لانتزاع السلطة، بلا أي أساس قانوني صحيح». وأضاف «إذا لم يعجب مجلس ميشيغن التشريعي قانون 1945 فيمكنه العمل على تغييره».
Leave a Reply