واشنطن – أصدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخميس الماضي، أمراً تنفيذياً يقضي بتجريد كبرى وسائل التواصل الاجتماعي –مثل «تويتر» و«فيسبوك»– من الحصانة القانونية التي تتمتع بها فيما يتعلق بالمحتوى والنشر.
ويشير نص الأمر التنفيذي الخاص بـ«منع الرقابة على الإنترنت» إلى أن حرية التعبير «حق مقدس» وإلى أنه «لا يمكن السماح لعدد محدود» من المنصات على الإنترنت بتحديد «الخطاب الذي يمكن للأميركيين الوصول إليه ونقله عبر الإنترنت»، ووصف هذه الممارسة بأنها «غير أميركية ومعادية للديمقراطية».
وأكد الأمر الرئاسي على ضرورة «تعزيز وحماية وجهات النظر المتنوعة في بيئة الاتصالات الرقمية في عالم اليوم حيث يمكن لجميع الأميركيين أن يكون لهم صوت. يجب أن نسعى للشفافية والمساءلة من المنصات على الإنترنت».
وأشار الأمر التنفيذي إلى أن منصات مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» لديها قدرة «هائلة» على «فرض الرقابة على المعلومات أو حذفها أو إخفائها والتحكم في ما يراه الناس أو لا يمكنهم رؤيته»، وقال إن المنصات على الإنترنت تمارس «الرقابة الانتقائية».
المرسوم الرئاسي ذكر أيضاً أن عشرات الآلاف من الأميركيين أبلغوا عن تصنيف محتواهم بأنه «غير لائق» وقيام شركات التواصل بتغيير سياستها بما يؤدي إلى «ازدراء» وجهات نظر معينة وحذف محتوى وحسابات كاملة دون سابق إنذار.
يشير الأمر التنفيذي إلى ضرورة إنهاء الطريقة التي ينفذ بها قانون يعرف باسم «القسم 230» الذي يحمي شركات الإنترنت من المسؤولية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون.
ويقول إن «الحصانة» لهذه الشركات بموجب القانون المشار إليه لا يجب أن تتجاوز غرضها في توفير الحماية «لأولئك الذين يزعمون أن يوفروا للمستخدمين منتدى لحرية التعبير والمفتوحة ولكن في الواقع يستخدمون سلطتهم على وسائل الاتصال الحيوية للانخراط في إجراءات خادعة».
ويشير إلى أن القانون كان يهدف إلى توفير الحماية لهذه المنصات للسماح لها بمنع نشر المحتوى الضار، مثل الفقرة في ذلك القانون، التي تشير إلى حق مزود الخدمة في أن يقوم «بحسن نية» بتقييد الوصول إلى المحتوى الذي يعتبره «فاحشاً، عنيفاً، أو متحرشاً».
ويقول النص إن هذا القانون لا يوفر الحماية لهذه المنصات التي أصبحت تشارك في القيام بإجراءات «خادعة أو تحت ذريعة (غالباً ما تكون تعارضها مع شروط الخدمة المعلنة) لقمع وجهات النظر التي تعارضها». ويشير النص إلى أنه في حال مخالفة مزود الخدمة هذا الغرض، يجب حينها ألا يتمتع بالحماية المنصوص عليها وأن يكون عرضة للمسؤولية «مثل أي محرر وناشر تقليدي».
ومع توجيه الوكالات الفدرالية بتطبيق القانون بما يتماشى مع الغرض منه، يطلب الأمر أيضا من وزير التجارة في غضون 60 يوما من تاريخ سريان هذا الأمر بالتشاور مع وزير العدل بتقديم التماس للجنة الاتصالات لاقتراح لوائح تحدد معنى «حسن النية» المنصوص عليه في القانون.
ويشير القرار إلى حماية أموال دافعي الضرائب بعدم تمويل منصات الإنترنت التي تقيد حرية التعبير، ويشير في هذا الصدد إلى قيام رؤساء الإدارات التنفيذية والوكالات الفيدرالية بمراجعة إنفاقها على الإعلانات والتسويق عبر هذه المنصات، على أن تبلغ مكتب الإدارة والميزانية بنتائج هذه المراجعة في غضون 30 يوما، وأن تقوم وزارة العدل بمراجعة هذه النتائج وتقييم ما إذا كانت أية منصات عبر الإنترنت تمثل «إشكالية لخطاب الحكومة بسبب التمييز ضد وجهات النظر وخداع المستهلكين أو الممارسات السيئة الأخرى».
وجاء قرار ترامب بعد أن وجه له موقع «تويتر» «إنذاراً» لأول مرة، بشأن تغريداته، وذلك بعد تغريدتين له الثلاثاء الماضي، قال فيهما إن التصويت عبر البريد قد يفتح المجال أمام تزوير الانتخابات.
وقال متحدث باسم «تويتر»، في معرض تبريره سبب إقدام الموقع على وسم هاتين التغريدتين بهذا التحذير، إن «هاتين التغريدتين تتضمنان معلومات قد تكون مضلّلة بشأن عملية التصويت، وقد تم وسمهما لتوفير سياق إضافي حول بطاقات الاقتراع بالبريد. هذا القرار اتّخذ بما يتماشى مع النهج الذي أعلنا عنه في وقت سابق من هذا الشهر».
وقال الرئيس الأميركي في إحدى تغريدتيه، إن بطاقات الاقتراع بالبريد ستكون «احتيالية إلى حد كبير» وستؤدي إلى «انتخابات مزورة».
وقال ترامب لدى توقيعه الأمر التنفيذي، أنه يهدف لـ«حماية حرية التعبير لدى الشعب الأميركي» ومنع منصات التواصل الاجتماعي من التحكم بالرأي العام.
واتهم ترامب منصات التواصل الاجتماعي بالتحيز ضد المحافظين وتسويق الأجندة الليبرالية، قائلاً: «يشعر الجمهوريون أن منصات التواصل الاجتماعي تعمل على إسكات أصوات المحافظين تماماً». وأضاف متوعداً: «سننظمها بقوة أو سنغلقها قبل أن نسمح لها بحدوث ذلك».
وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض، إن تويتر «أظهر انحيازاً ضد الرئيس ترامب، بينما لم يمارس الرقابة على الصين».
من جانبه، ذكر وزير العدل الأميركي بيل بار أن إدارة الرئيس ترامب تعد تشريعاً لتنظيم عمل وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان ترامب قد هدد بتنظيم أو إغلاق شركات وسائل التواصل الاجتماعي، بعد تهديد «تويتر» الذي قد يعني تقييد حسابه إذا تكررت «المخالفات».
وقال الرئيس الأميركي في تغريدة سابقة على منصته المفضلة للتواصل مع العالم، إن «تويتر يتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2020»، مضيفاً: «إنه يخنق بالكامل حرية التعبير، وبصفتي رئيساً لن أسمح لهم بأن يفعلوا ذلك».
وكان الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك»، مارك زوكربرغ، قد علق على تهديدات ترامب، بالقول إن فرض رقابة على منصة ما لن يكون «الرد الصائب» من قبل الحكومة.
وذكر في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»: «لا بد أن أفهم أولاً ما يعتزمون عمله بالفعل، لكنني بوجه عام أعتقد أن إقدام حكومة على فرض رقابة على منصة، لأنها قلقة من الرقابة التي قد تفرضها هذه المنصة، ليس برد الفعل الصائب».
Leave a Reply