واشنطن – سجلت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي مستوى قياسياً من الإصابات اليومية بفيروس «كوفيد–19» مما دفع العديد من الولايات الأميركية إلى إبطاء إعادة فتح الاقتصاد، فيما أبدى الرئيس دونالد ترامب غضباً متزايداً على الصين بسبب الوباء و«الضرر الهائل» الذي ألحقه بالولايات المتحدة والعالم.
وغرد ترامب عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «بينما أشاهد الوباء ينشر وجهه القبيح في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك، الضرر الهائل الذي ألحقه بالولايات المتحدة، أصبحت غاضباً أكثر فأكثر من الصين. يمكن للناس رؤيته، ويمكنني أن أشعر به».
والتوتر الشديد أصلاً بين الولايات المتحدة والصين على خلفية الحرب التجارية، ازداد مع تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم وتحميل ترامب، بكين مسؤوليته.
وتعتبر إدارة ترامب أنّ الصين أخفت حجم الوباء وشدّته، وهو الأمر الذي سمح بنظرها للفيروس بالانتشار بشكل أسهل حول العالم.
وتأتي تغريدة ترامب بالتزامن مع إيقاف 16 ولاية على الأقل، خطط إعادة الفتح أو التراجع عنها، بعد رصد زيادات كبيرة في حالات الإصابة بالفيروس التاجي في مناطق واسعة من الولايات المتحدة.
ويُعتبر عدد حالات الإصابة المكتشفة حديثاً في الولايات المتحدة، أعلى من أيّ وقت مضى منذ ظهور الوباء. كذلك فإن عدد الحالات التي تتطلب دخول المستشفيات يتزايد في عدد من بؤر الوباء، كما هو الحال في تكساس وأريزونا وفلوريدا.
وعشية احتفالات أعياد الاستقلال في 4 تموز (يوليو)، حيث يحتشد الناس لمشاهدة الألعاب النارية، أو في منازلهم للاحتفال، يخشى المسؤولون تكرار المشاكل التي حدثت في يوم الذكرى (ميموريال)، من خطر التجمعات التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد الإصابات بالفيروس خلال الأسابيع القادمة.
وقال كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنطوني فاوتشي إن حصيلة الإصابات اليومية بـ«كوفيد–19» البالغة التي تجاوزت 48 ألفاً، الأسبوع الماضي، قد ترتفع إلى 100 ألف يومياً ما لم تتّخذ تدابير جديدة لاحتواء الجائحة.
وحذر فاوتشي، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، «لن أفاجأ ببلوغنا مئة ألف إصابة في اليوم، إن لم نعكس التوجه». وتابع فاوتشي «أنا قلق للغاية لأن الأمور يمكن أن تزداد سوءاً».
وأشار فاوتشي في مقابلة لاحقة مع دورية الجمعية الطبية الأميركية، إلى أن فيروس كورونا المستجد يمكن أن يكون قد تحور بطريقة تجعله أكثر قدرة على الانتشار.
ورفض عضو خلية مكافحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة، التكهّن بعدد الوفيات الذي يمكن أن ينجم عن موجة التفشي الحالية، لكن تقديرات نشرتها الأسبوع الماضي «مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها» (سي دي سي)، تفيد بأن حصيلة وفيات «كوفيد–19» على الأراضي الأميركية يمكن أن تبلغ ما بين 130 ألفا و150 ألف وفاة بحلول 18 يوليو الجاري. وبلغت حصيلة الوفيات بحلول مطلع يوليو 130 ألفاً فيما إجمالي الإصابات نحو 2.75 مليون.
وحاليا، تشكل الإصابات الإضافية المسجلة في ولايات كاليفورنيا وأريزونا وتكساس وفلوريدا نصف الحصيلة الإجمالية للإصابات اليومية على الأراضي الأميركية.
وقد حذرت منظمة الصحة العالمية، من أن وباء كوفيد–19 «أبعد ما يكون من نهايته»، داعية العالم إلى التصرف بدءا من الآن بدون انتظار لقاح.
وصرح المدير العام للمنظمة تيدروس أدانوم غيبريسوس في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، الثلاثاء الماضي، «سيكون قد مر ستة أشهر منذ تلقت منظمة الصحة العالمية التقارير الأولى بشأن مجموعة إصابات بالتهاب رئوي مجهول السبب في الصين نريد جميعاً أن ينتهي ذلك. لكن الواقع الصعب هو أن الأمر أبعد ما يكون من نهايته».
وحتى الآن أصيب بالمرض نحو 10.8 ملايين شخص على مستوى العالم، بينما قضى أكثر من نصف مليون منذ بدء تفشيه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
الاقتصاد
ويخشى المراقبون من أن تؤدي «الموجة الثانية» إلى أضرار وخيمة بالاقتصاد الأميركي رغم المؤشرات القوية على عودته السريعة.
وقال لاري كودلو، مدير المجلس الاقتصادي القومي، الاثنين الماضي، إن الاقتصاد الأميركي ما زال يتجه فيما يبدو نحو تعاف قوي، على الرغم من انتكاسات في مساعي إعادة فتح الاقتصادات في بعض الولايات التي أغلقت لاحتواء فيروس كورونا.
وأبلغ لاري كودلو، قناة «سي أن بي سي» التلفزيونية بأنه «في الوقت الحالي الأمر يبدو جيداً جداً. نحن نتجه صوب تعاف قوي». وأضاف كودلو «هل هذا ربما يتغير؟ نعم ربما ونحن ننظر لهذا بعناية شديدة».
وقال كودلو إن الهدف الرئيسي لإدارة ترامب هو تقديم حوافز لتشجيع عودة المزيد من الأميركيين إلى العمل، في إشارة إلى اعتزام الرئيس الأميركي تقديم حزمة تحفيزية جديدة للاقتصاد.
من جانبه أيضاً أعلن رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول أنّ الاقتصاد الأميركي بدأ بالتعافي في وقت أبكر من المتوقّع، محذّراً في الوقت نفسه من أنّ انتعاشه سيكون رهناً باحتواء وباء كوفيد–19 وبإجراءات الدعم التي ستتّخذها الحكومة.
وإذ نوّه باول بأنّ الاقتصاد الأميركي بدأ يتعافى أسرع مما كان متوقعاً، لفت إلى أنّ معدلات البطالة لا تزال أعلى بكثير ممّا كانت عليه قبل تفشّي الوباء.
وقال: «لقد دخلنا مرحلة جديدة مهمّة وفعلنا ذلك في وقت أبكر مما كان متوقّعاً»، لكنّ معدّلات الإنتاج والتوظيف لا تزال في مستويات أقل بكثير مما كانت عليه قبل الوباء.
وحذّر حاكم المركزي الأميركي من أنّ وتيرة الانتعاش الاقتصادي المرتقب «ستعتمد أيضاً على الإجراءات السياسية التي ستتّخذ على كلّ مستويات الحكومة لتقديم الدعم (للأسر والشركات والمجتمعات المحليّة الأكثر ضعفاً) وتحفيز الانتعاش طالما كان ذلك ضرورياً».
وفي مايو سجّلت مبيعات التجزئة في الولايات المتّحدة ارتفاعاً كبيراً وكذلك الأمر بالنسبة إلى إنفاق المستهلكين، لكنّ هذا الانتعاش كان مدفوعاً إلى حدّ كبير بالمساعدات الضخمة التي قدّمتها الحكومة الفدرالية لتحفيز الاقتصاد.
ويخشى الخبراء الاقتصاديون من أنّ هذا الانتعاش لن يستمرّ مع انتهاء مفاعيل هذه المساعدات وظهور بؤر جديدة لفيروس كورونا.
ومنذ أسابيع يحضّ باول الكونغرس على إقرار خطة جديدة لتحفيز الاقتصاد، وقد حذّر الاثنين من أنّ معدّل انكماش الناتج المحلّي الإجمالي في الربع الثاني من العام قد يسجّل مستوى غير مسبوق في التاريخ الأميركي، في حين بلغ الانكماش في الربع الأول حوالي 5 بالمئة.
في المقابل، صرح الرئيس الأميركي بأنه يشعر بالرضا عن أداء رئيس الاحتياطي الفدرالي في ظل أزمة فيروس كورونا. وأضاف ترامب في مقابلة مع «فوكس بزنس» أن البنك الفدرالي اتخذ السياسة النقدية الصائبة عندما ضخ سيولة في الاقتصاد لمواجهة تداعيات الوباء.
وعلق ترامب بالقول: «لم أكن راضياً عن الفدرالي ورئيسه في البداية، لكنني أشعر برضا متزايد الآن وأظن أنه (باول) يؤدي وظيفته بشكل جيد».
البطالة
وتأتي نذر الموجة الثانية لوباء كورونا والتي قد تعيد إغلاق العديد من القطاعات الاقتصادية، مع انخفاض معدل البطالة في الولايات المتحدة خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي إلى 11.1 بالمئة، وذلك بعد إضافة 4.8 مليون وظيفة خلال الشهر نفسه.
وعلى الرغم من ذلك، قدم نحو 1.4 مليون أميركي خلال الأيام القليلة الماضية طلبات للتأمين ضد البطالة لأول مرة، مما يدعم وجهات النظر التي تقول إن سوق العمل قد تستغرق سنوات للتعافي من جائحة «كوفيد–19».
وفقد الاقتصاد الأميركي منذ بداية الوباء في مارس الماضي أكثر من 22 مليون وظيفة، فيما تمت استعادة نحو ثلث الوظائف المفقودة خلال الشهرين الماضيين.
Leave a Reply