ديترويت – بعد سبع سنوات ونصف قضاها خلف القضبان لجريمة قتل لم يرتكبها، أفرجت السلطات في مقاطعة وين، يوم الاثنين الماضي، عن العربي الأميركي إدوارد خليل عقب ظهور أدلة جديدة أكدت براءته من بينها شاهد جديد وبيانات هاتفية تظهر أنه لم يكن متواجداً بالقرب من موقع الجريمة.
وخليل (37 عاماً) هو السجين رقم 20، الذي تتم تبرئته منذ إنشاء وحدة نزاهة الأحكام في مكتب المدعي العام كيم وورذي مطلع عام 2018.
وكان خليل يقضي عقوبة بالسجن من 14 إلى 25 سنة بعد إدانته بتهمة القتل من الدرجة الأولى على خلفية مقتل رجل كان يحاول سرقة أسلاك نحاسية من مبنى شقق سكنية، كان يملكه خليل مع شريكه المهاجر الهندي، بارميندر سورايا، على شارع كوفينغتون في غرب ديترويت.
وطبقاً لعناصر الشرطة الذين استجابوا للحادثة يوم 15 أيلول (سبتمبر) 2011، قال حارس المبنى الذي قام خليل بتوظيفه لإبعاد لصوص الخردة، إنه هو من أطلق النار على السارق، غير أن المدعو تشارلز شايڤرز عاد ونفى أقواله في وقت لاحق.
وعلى الرغم من أن بيانات برج الهاتف المحمول أظهرت أن هاتف خليل كان على بعد أميال من موقع الجريمة، إلا أن ذلك لم يحُل دون إدانته من قبل هيئة محلفين عام 2013 بتهمة القتل من الدرجة الأولى، قبل أن يتم تخفيض التهمة إلى القتل من الدرجة الثانية أمام محكمة الاستئناف.
وخلال المحاكمة، قال الادعاء العام إن خليل أخذ البندقية من شايڤرز وقام –بنفسه– بإطلاق النار على أنتوني جونز (51 عاماً) وأصابه برقبته إصابة قاتلة.
وفي بيان التبرئة قال مكتب الادعاء العام في مقاطعة وين إن فريق الادعاء بنى الاتهام على فرضية أن خليل وشريكه سورايا شعرا بالإحباط من إخفاق شرطة ديترويت في القبض على اللصوص، وأن قتل جونز جاء نتيجة لهذا الإحباط.
وقد استند الادعاء العام على شهادة ثلاثة أشخاص ضد خليل، وهم: حارس الأمن (شايڤرز)، وامرأة من سكان الجوار تدعى شانتيل هندرسون، إضافة إلى رجل آخر يدعى آرثر ريتشاردسون كان برفقة جونز أثناء محاولة سرقة المبنى السكني.
وشهدت هندرسون أنها سمعت رصاصة واحدة، فنظرت من النافذة وسمعت رجلاً، وصفته بأنه «شرق أوسطي»، يقول: «لقد قتلنا ذلك الوغد».
أما ريتشاردسون، الذي منحه الادعاء العام حصانة من الملاحقة بتهم السرقة، مقابل الإدلاء بشهادته، فاعترف بأنه وجونز اقتحما المبنى من خلال إحدى النوافذ بقصد سرقة النحاس، قائلاً إنه سمع إطلاق نار لدى محاولة جونز التسلل إلى خارج المبنى وشاهد خليل وهو يحمل بندقية في يده ويقول «لقد أصبتُ الوغد».
وبدوره، أبرم شايڤرز صفقة مع الادعاء العام بتخفيض تهمته إلى مساعدة القاتل بعد وقوع الجريمة مقابل الإدلاء بشهادته، وقد حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
وشهد شايڤرز بأنه اتصل بهاتف خليل ليلة الجريمة فأجابته صاحبته، وقد استند الادعاء العام على هذه الشهادة لدحض أدلة الدفاع التي اعتمدت على بيانات أبراج الاتصال لإثبات أن خليل لم يكن بالقرب من مسرح الجريمة. وقال الادعاء إنه بينما كان الهاتف في مكان آخر، كان خليل في المبنى حيث قتل جونز.
وبدأت وحدة نزاهة الأحكام بمراجعة القضية العام الماضي، وتوصلت إلى أن إدانة خليل كانت خاطئة.
وقال بيان التبرئة إن سجلات برج الهاتف الخلوي ليلة إطلاق النار تؤكد أن هاتف خليل كان على بعد سبعة أميال من موقع الجريمة أثناء حادثة إطلاق النار.
وأضاف البيان أن شهادة شايڤرز بأنه سمع صوت امرأة عندما اتصل بهاتف خليل تم دحضها بشكل كبير، لافتاً إلى أن شايڤرز أخبر الشرطة في مكان الحادث أنه كان يتحدث مباشرة مع خليل، وليس مع امرأة.
ولفت البيان أيضاً إلى أن زعم شايڤرز هذا، ظهر بعد حوالي عام، أي بعد اكتشاف سجلات برج الاتصالات.
وكان محققو وحدة نزاهة الأحكام قد أجروا مؤخراً مقابلة مع نجل شريك خليل الذي لم تؤخذ شهادته أثناء المحاكمة، وقد أفاد بأنه تحدث تلك الليلة شخصياً مع خليل عبر هاتفه الخلوي، مؤكداً عدم وجود امرأة في الطرف الآخر من المكالمة. وأضاف أنه وصل إلى مكان الحادث بالتزامن مع وصول خليل، حيث رأيا جثة جونز للمرة الأولى.
واستخلص محققو وحدة النزاهة أن «عدة ظروف ساهمت في إساءة تقصي الحقائق في هذه القضية».
من جانبه، أشاد محامي خليل، وولفغانغ مولر بمكتب الادعاء العام لإعادة النظر في القضية، قائلاً إن وحدة نزاهة الأحكام «قامت بعمل عظيم لتصحيح هذا الخطأ القضائي». وأثنى مولر على المدعي العام (وورذي) لاعترافها بعيوب نظام العدالة، لكنه طالب بالبحث عن الأسباب الجذرية التي أدت إلى الإدانة الخاطئة لموكله، «كي لا يحصل الأمر نفسه مع شخص آخر في المستقبل».
وقال «إنهم ينتقون هدفاً ويتجاهلون جميع الأدلة المتوفرة التي لا تناسبهم»، مشيراً إلى أن المحققين قصدوا إدانة موكله بتقديم الأدلة التي تخدم قصتهم.. وعندما لا يطّلع المحلفون على كافة الأدلة، لا يمكنهم اتخاذ القرار الصحيح، وبذلك تصدر الإدانات الخاطئة».
بدوره، قال خليل لصحيفة «ديترويت نيوز»: «بدون وحدة نزاهة الأحكام، لما تم تصحيح هذا الخطأ أبداً».
وأضاف «لكن العدالة تحققت. الخروج (من السجن) بعد سبع سنوات ونصف… إنه شعور رائع جداً».
والجدير بالذكر أن خليل الذي باشر بالعمل في مطعم عائلي بمدينة بينغهام فارمز بعيد إطلاق سراحه، من المتوقع أن يحصل على تعويضات مالية عن سنوات السجن التي قضاها ظلماً.
Leave a Reply