واشنطن – ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الخميس الماضي خطاباً رئيسياً في نهاية مؤتمر الحزب الجمهوري، مسلطاً الضوء على سجله وبرنامجه للسنوات الأربع المقبلة، دون أن يفوت الفرصة ليشن هجوماً حاداً على منافسه الديمقراطي جو بايدن مقدماً نفسه كزعيم قادر على حماية «القانون والنظام» وإنعاش الاقتصاد الذي تضرر من جائحة فيروس كورونا.
خطاب ترامب الذي ألقاه من الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض جاء في ختام المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، الذي عقد على مدار أربعة أيام في مدينة تشارلوت بولاية نورث كارولاينا، وأجريت معظم فعالياته عبر الإنترنت بسبب الإجراءات الوقائية المفروضة لمكافحة وباء كورونا.
وكان الجمهوريون قد خيروا الأميركيين بين انتخاب ترامب لولاية جديدة أو مواجهة الفوضى إذا ما وقع اختيارهم على منافسه الديمقراطي.
وبعث المتحدثون برسالة قوية تتعلق بالقانون والنظام، مصورين ترامب على أنه داعم للشرطة بوجه الاحتجاجات اليسارية المطالبة بقطع التمويل عنها وحتى إلغائها.
وكان ترامب قد قال في خطاب ألقاه خلال اليوم الافتتاحي للمؤتمر، الاثنين الماضي، إن الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه قد يخسر الانتخابات الرئاسية، في حالة واحدة، «هي التزوير».
وتابع أن الديمقراطيين سيحاولون «سرقة الانتخابات، بالطريقة التي يعرفها الجميع، وهي التزوير»، مؤكداً أن هذه هي فرصتهم الوحيدة للفوز بسبب الأجندة الراديكالية التي يريدون فرضها على الأميركيين.
وأضاف ترامب الذي وصل إلى مركز المؤتمرات في تشارلوت بعد دقائق من تسميته من قبل الحزب، أن هذه الانتخابات تشهد «حماساً أكبر» من قبل مؤيديه، متوقعاً «حشداً أكبر من المرة السابقة». وتابع: «أهم انتخابات في تاريخنا، لا تدعوهم يأخذونها منكم» مكرراً زعمه بأن التصويت عبر البريد قد يؤدي إلى التلاعب بالأصوات.
وتعهد الرئيس الجمهوري بمواصلة تقديم الدعم للجيش الأميركي في حال فاز بفترة جديدة، مشيراً إلى جهود إدارته خلال السنوات الماضية في مد المؤسسة العسكرية بالسلاح والعتاد وبناء الجدار الحدودي.
وقال إن إدارته ستشرع استقطاعات ضريبية للشركات التي تخلق وظائف داخل البلاد، وتعهد «بفرض رسوم جمركية على الدول التي تحاول استغلالنا»، مؤكداً دعمه للشرطة، بوجه الدعوات الديمقراطة المنادية بقطع التمويل عنها أو حتى حلّها.
وأشار إلى أن إدارته حققت إنجازات كبيرة في تحقيق «العدالة الجنائية» وتقديم الدعم للأميركيين من أصول أفريقية «أكثر من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما».
وأكد، ترامب، أنه خلال الفترة الرئاسية الأولى، بذلت إدارته جهوداً كبيرة في مواجهة الصين، وقال «لن ننسى أبداً ما فعلوه» فيما يتعلق بتفشي الفيروس، مشيراً في هذا الصدد، إلى أنه لولا الإجراءات المبكرة التي اتخذتها إدارته لزادت أعداد الحالات بشكل أكبر.
وقال ترامب للمندوبين في اليوم الأول من مؤتمر الحزب إن الديمقراطيين «يستخدمون كوفيد–19 للاحتيال على الشعب الأميركي».
وشن الرئيس الأميركي هجوماً لاذعاً على منافسه الديمقراطي، قائلاً إن الولايات المتحدة ستنزلق إلى فوضى في حال فوز بايدن. وأضاف بأن «الأميركيين سيجبرون على تعلم اللغة الصينية وستستولي الصين على أميركا».
لكن بايدن رد على ترامب، مؤكداً أن الأخير يحاول إلهاء الأميركيين عما يفعله من سوء إدارة، خاصة في التعامل مع أزمة كورونا.
وأعرب الرئيس الأميركي عن ثقته بأنه سيكون من الممكن التخلص من الوباء، بغض النظر عن ظهور لقاح ضد المرض في الولايات المتحدة، من عدمه.
وأضاف: «سنتخلص من هذا الفيروس، وهو ما سيحدث حتما، وسيحدث هذا بشكل أسرع مما يعتقده الناس، سواء مع اللقاحات أو بدونها. فهذا الأمر يجري الآن». وأشار إلى أن بلاده تشهد حالياً المرحلة الأخيرة من اختبار لقاح ضد فيروس كورونا.
وقال ترامب إن اللقاح «قد يظهر قبل نهاية العام الجاري أو قبل ذلك بكثير». وأكد الرئيس الأميركي: «معاً سنتغلب على الفيروس».
وكان الحزب الجمهوري قد افتتح المؤتمر، الاثنين الماضي، بالتصويت على تسمية ترامب مرشحاً رسمياً للحزب في الانتخابات المقبلة. كما أعاد الجمهوريون تسمية نائب الرئيس مايك بنس مرشحاً للمنصب.
وقال بنس في خطابه: «تحتاج أميركا إلى أن يبقى دونالد ترامب أربعة أعوام إضافية في البيت الأبيض».
وأضاف «سمعت الأسبوع الفائت أن الديمقراطية على المحك»، في إشارة إلى عبارة استخدمها الديمقراطيون مراراً خلال مؤتمرهم، في الأسبوع المنصرم. وتدارك بنس: «لكننا نعلم جميعاً أن الاقتصاد هو على المحك، والقانون والنظام هما على المحك».
وقال: «الرئيس ترامب وضع أمتنا على طريق الحرية والفرص منذ اليوم الأول لهذه الإدارة. لكن جو بايدن سيضع أميركا على طريق الاشتراكية والانحدار».
وأضاف بنس في خطابه «لأكن واضحاً: يجب أن يتوقف العنف، سواء في مينيابوليس أو بورتلاند أو كينوشا. لقد مات الكثير من الأبطال وهم يدافعون عن حريتنا لنرى (نحن الآن) الأميركيين يضربون بعضهم بعضاً. سننفذ القانون والنظام في شوارع هذا البلد لكل أميركي من كل عرق وعقيدة ولون».
وقال بنس، أمام حشد من أنصاره، الذين كان معظمهم بلا أقنعة أمام نصب فورت ماكهنري التذكاري الوطني في بالتيمور الأربعاء الماضي، «انتعاشنا الاقتصادي على ورقة الاقتراع، والقانون والنظام على ورقة الاقتراع. الأمر لا يتعلق بما إذا كانت أميركا ستكون أكثر محافظة أو أكثر ليبرالية، أو أكثر جمهورية أو أكثر ديمقراطية. الخيار في هذه الانتخابات هو ما إذا كانت أميركا ستبقى أميركا».
وإلى جانب ترامب وبنس تحدث خلال المؤتمر 80 متحدثاً بينهم ستة أفراد من عائلة الرئيس هم زوجته ميلانيا، وأبناؤه دونالد جونيور وأريك وإيفانكا وتيفاني، إضافة إلى زوجة ابنه أريك، لارا ترامب.
وتحدثت السيدة الأميركية الأولى، الثلاثاء الماضي، مطولاً عن آثار وباء «كوفيد–19» مشيدة بأداء زوجها رغم الانتقادات لإدارته لهذه الأزمة.
وقالت «نحن نحتاج إلى أن يكون زوجي رئيساً لنا لمدة أربع سنوات أخرى… هو ليس سياسياً تقليدياً. إنه لا يتحدث فقط، بل يحقق نتائج».
وأكد الابن البكر لترامب في خطاب سجل من واشنطن أن انتخابات نوفمبر ستكون خياراً بين «الكنيسة، العمل والمدرسة» وبين «الشغب والنهب والتخريب»، مشيداً بالتدابير التي اتخذها والده لمكافحة «الفيروس الذي أتى من الصين».
كما تحدث كل من وزير الخارجية، مايك بومبيو، الذي ألقى خطاباً مؤيداً لترامب خلال زيارة رسمية يجريها إلى إسرائيل، إضافة إلى مشرعين وأعضاء حاليين وسابقين في إدارة ترامب بينهم السفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، والسناتور الإفريقي الأميركي عن ولاية ساوث كارولاينا تيم سكوت، والسناتور عن كنتاكي راند بول.
وتحدث بومبيو في المؤتمر من خلال فيديو تم تسجيله في اليوم السابق في القدس المحتلة، في واقعة لم يسبق لها مثيل، إذ جرت العادة أن يبقى وزير الخارجية بعيداً عن هذه الأحداث الحزبية، سواء كانت للديمقراطيين أو الجمهوريين. وقال في رسالة موجهة بوضوح إلى القاعدة الانتخابية الإنجيلية للملياردير الجمهوري «مرحبا، أنا مايك بومبيو، أتحدث إليكم من مدينة القدس الجميلة». وأضاف «الرئيس ترامب نفّذ رؤيته لأميركا. ربما لم تجعله يتمتع بشعبية في كل عاصمة حول العالم، لكنها نجحت».
من جانبه، قال السناتور الجمهوري، راند بول، إن «جو بايدن يدعو باستمرار إلى حروب جديدة. لقد صوت لصالح قرار الحرب في العراق، الذي وصفه دونالد ترامب منذ فترة طويلة بأنه أسوأ خطأ جيوسياسي لجيلنا. أخشى أن يختار بايدن الحرب مرة أخرى. لقد دعم الحروب في صربيا وسوريا وليبيا. جو بايدن سيواصل إراقة دمائنا وإنفاق أموالنا».
وعلى النقيض من المرشح الديمقراطي، ضرب بول مثلاً بسيد البيت الأبيص الحالي الجمهوري، دونالد ترامب، الذي قال إنه «يسعى إلى إنهاء النزاعات المسلحة، عوضاً عن بدء نزاعات جديدة». وقال السناتور الجمهوري في السياق ذاته: «أنا أؤيد دونالد ترامب لأنه مقتنع مثلي، بأن أميركا القوية لا يمكنها خوض حروب لا نهاية لها»، مشيراً إلى أن انتخاب بايدن، سيجر البلاد إلى حروب عديدة.
نصيحتان لبايدن
بينما سخر المرشح الديمقراطي للرئاسة، عبر فريق حملته، من مؤتمر «حزين وغير متماسك» ومليء بـ«الأكاذيب»، تلقى بايدن نصيحة من كل من المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
فقد قالت كلينتون، التي خسرت عام 2016 أمام دونالد ترامب، إنّه على بايدن عدم الإقرار بالهزيمة إلى أن تتم المصادقة النهائية على النتائج التي من المحتمل أن تكون متقاربة جداً. وأضافت كلينتون أن التأخير في فرز الأصوات بسبب الإقبال القياسي المتوقع على التصويت عبر البريد، يعني أنّ على بايدن أن يُحجم عن الإقرار بالهزيمة في البداية.
أما رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، فقد نصحت بايدن بعدم إجراء أية مناظرات رئاسية مع ترامب «كي لا تضفي شرعية على النقاش معه». لكن أندرو بيتس المتحدث باسم حملة بايدن، قال إن أعضاء الحملة «يتفقون بالتأكيد مع بيلوسي في وجهات نظرها بشأن سلوك ترامب». «لكن مثلما واجهت بيلوسي بقوة هذا السلوك في المكتب البيضاوي ومجلس الوزراء، فإن جو بايدن يتطلع إلى فعل الشيء نفسه على منصة المناقشة».
Leave a Reply