كينوشا – اندلعت في مدينة كينوشا بولاية ويسكونسن، مطلع الأسبوع الماضي، أعمال شغب وصدامات عنيفة مع الشرطة بعدما أطلق أحد الضباط في المدينة النار على رجل أسود من مسافة قصيرة وأصابه بسبع رصاصات في الظهر أثناء محاولته دخول سيارته يوم الأحد المنصرم.
وتدهور الأمن سريعاً في المدينة المطلة على بحيرة ميشيغن، والتي تبعد نحو 50 ميلاً إلى الشمال من مدينة شيكاغو، مما استدعى تحرك إدارة الرئيس دونالد ترامب التي سارعت إلى إرسال نحو 200 عنصر أمن فدرالي إلى جانب نشر قوات الحرس الوطني لاستعادة الأمن في المدينة التي يقدر عدد سكانها بنحو 100 ألف نسمة.
واندلعت شرارة التظاهرات فور انتشار فيديو يوثق حادثة إطلاق النار على جايكوب بليك (29 عاماً)، حيث تجمعت حشود من الأميركيين في المكان احتجاجاً على الحادث، ورددوا «لا عدالة. لا سلام»، لكن الاحتجاجات تحولت إلى مواجهة مع الشرطة ثم إلى أعمال شغب واسعة أدت إلى إحراق وتدمير العديد من الممتلكات الخاصة.
ولم تخفت وتيرة الاحتجاجات في الأيام اللاحقة، مما وضع شرطة المدينة تحت ضغوط هائلة، ودفع الكثير من الأهالي إلى حمل السلاح لحماية ممتلكاتهم بعد انتشار أعمال النهب والتخريب على نطاق واسع.
وخلال الاحتجاجات، قتل شخصان وأصيب ثالث بجروح، يوم الثلاثاء الماضي، بعد إطلاق رجل بملابس مدنية النار من بندقية هجومية على متظاهرين.
وتمكنت شرطة مقاطعة أنتيوك من تحديد مشتبه به، ووجهت له تهم القتل العمد من الدرجة الأولى. وأضافت الشرطة أن المشتبه به عمره 17 عاماً، وقد تم توقيفه في ولاية إيلينوي المجاورة قبل نقله إلى ويسكونسن لعرضه أمام القضاء.
وسارع ترامب إلى الضغط على حاكم الولاية الديمقراطي لاستعادة الأمن، معلناً عن إرسال تعزيزات فدرالية إلى كينوشا لمساعدة الشرطة المحلية على احتواء التظاهرات.
وكتب ترامب في تغريدة: «لن نقف أمام النهب واشعال الحرائق والعنف والفوضى في الشوارع الاميركية». وأضاف «سأرسل قوات إنفاذ قانون فدرالية والحرس الوطني الى كينوشا في ويسكونسن لإعادة إحلال القانون والنظام».
وجاء إعلان ترامب عن إرسال هذه القوات بعد إجرائه مكالمة مع حاكم ولاية ويسكونسن، الديمقراطي توني أفيرز، الذي أعطى الإذن بتعزيز انتشار الحرس الوطني في المدينة.
وأعلن أفيرز حالة الطوارئ وقرر زيادة عدد جنود الحرس الوطني المنتشرين في كينوشا من 100 إلى 250 عنصراً. وكان مسؤولون في ويسكونسن قد دعوا إلى الرد بقوة أكبر على المشاغبين، بعد ليلتين من أعمال النهب والحرق التي ألقت بظلالها على المتظاهرين السلميين في الشوارع.
وفي إطار المساعي لاحتواء الموقف في كينوشا، أعلنت وزارة العدل الأميركية في اليوم التالي عن إرسال أكثر من 200 عنصر من أجهزة الأمن الفدرالية إلى مدينة كينوشا للتعامل مع الاضطرابات المستمرة في المدينة. وقالت المتحدثة باسم الوزارة إن العناصر ينتمون إلى مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (أي تي أف) وغيرهما من الوكالات الأمنية «للتعامل مع أعمال الشغب والاضطرابات». وأضافت أنه سيتم إرسال المزيد من عناصر الأمن الفدرالي إلى المدينة في حال الضرورة.
وقال زاك رودريغيز، عضو مجلس مقاطعة كينوشا لـ«رويترز»: «في الأساس، احترقت مدينتنا بالكامل»، مضيفاً أن المجلس سيعقد اجتماعاً طارئاً بشأن طلب المساعدة الفدرالية بسبب مخاوف من أن الحاكم لا يقوم بما فيه الكفاية للمحافظة على أمن المدينة.
حادثة بليك
شهدت كينوشا طوال الأسبوع المنصرم اشتباكات يومية بين الشرطة وبين المتظاهرين الذين تحدوا فرض حظر التجول المعلن بعد ليلة من الشغب أثارها إصابة جايكوب بليك وهو أميركي من أصل أفريقي برصاص أحد عناصر الشرطة.
وقال محامي الحقوق المدنية، بن كرومب، الذي يمثل عائلة بليك لشبكة «أي بي سي نيوز»، إن بليك، الذي كان يحاول تفريق شجار بين امرأتين، أصيب بأربع من الطلقات السبع التي أطلقها ضابط شرطة أمام أبنائه، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و5 و8 سنوات.
وفتحت السلطات في ولاية ويسكونسن تحقيقاً وأوقفت شرطيين عن العمل، بعد إصابة بليك بعدة رصاصات في ظهره، في الواقعة التي أدت إلى انطلاق احتجاجات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة وفرض حظر تجول محلي.
ويظهر مقطع فيديو التقط بواسطة هاتف خلوي وانتشر على نطاق واسع، بليك يتبعه ضابطا شرطة وقد أشهرا سلاحهما، وهو يدور حول سيارة، ثم يمسكه شرطي بطرف قميصه وهو يفتح الباب ويحاول الجلوس في مقعد السائق قبل أن يطلق الشرطي النار ويصيب بليك عدة مرات في ظهره. وتم نقل بليك الذي تبين أنه لم يكن يحمل سلاحاً، إلى مستشفى بمدينة ميلوواكي وخضع لعملية جراحية طارئة وهو في حالة حرجة.
وفي تعليقه الأولي على الأحداث، قال حاكم ويسكونسن إنه لا يعرف «كل تفاصيل» الواقعة، أضاف «ما نعرفه على وجه اليقين هو أنه ليس أول رجل أسود أو أول شخص يتعرض لإطلاق النار أو يصاب أو يُقتل بلا رحمة بأيدي أفراد مسؤولين عن تطبيق القانون في ولايتنا أو بلدنا».
وتابع الحاكم «إننا نقف مع كل أولئك الذين طالبوا وما زالوا يطالبون بالعدالة والإنصاف والتصرف بمسؤولية تجاه حياة السود في بلادنا»، مبدياً تفهمه للاحتجاجات الغاضبة بقوله: «يجب أن يكون كل شخص قادراً على التعبير عن غضبه وإحباطه من خلال ممارسة حقوق التعديل الأول (من الدستور)».
Leave a Reply