واشنطن – أعاد السياسيون في واشنطن، الأسبوع الماضي، تحريك عجلة المفاوضات بشأن إقرار حزمة تحفيزية جديدة للاقتصاد الأميركي قبل موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فيما يؤكد الخبراء على أهمية ضخ المزيد من الأموال الفدرالية لوضع اقتصاد البلاد على المسار الصحيح للتعافي من أزمة وباء كورونا.
فبعد توقف المفاوضات في الكونغرس، ذكرت صحيفة «ذا هيل»، الخميس الماضي، أن الديمقراطيين في مجلس النواب يعملون على تفعيل استراتيجية تشريعية وسياسية متماسكة لإقرار حزمة مساعدات جديدة.
وقالت الصحيفة إن الديموقراطيين يسعون إلى مشروع يوفر إغاثة واسعة النطاق للأميركيين المتضررين من التداعيات الاقتصادية لكورونا، على عكس الحزمة المحدودة التي اقترحها الجمهوريون مؤخراً.
وكانت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، قد اجتمعت مع زعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس ستيني هوير في مكتبها بمبنى الكابيتول، قبل أن تتصل عبر الهاتف بوزير الخزانة ستيفن منوتشين، الذي يقود المفاوضات نيابة عن البيت الأبيض، وأبلغته استعدادها لمواصلة المفاوضات ريثما يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الديمقراطيين يتطلعون إلى إجراء تصويت على تشريع جديد يحدد مساعدات إضافية في حدود 2.2 تريليون دولار، لإرسال رسالة إلى الناخبين مفادها أن الديمقراطيين لا يجلسون مكتوفي الأيدي بينما يستمر الوباء في تدمير الاقتصاد والفتك بأرواح الأميركيين.
وكان الجمهوريون قد اقترحوا في مجلس الشيوخ في البداية حزمة مساعدات طارئة بقيمة 1.1 تريليون دولار، لكنهم صوتوا لاحقاً على اقتراح يوفر 650 مليار دولار فقط، وهو ما اعتبره الرئيس دونالد ترامب، «غير كاف»، متعهداً بإقناع الجمهوريين بزيادة المبلغ.
الوضع الاقتصادي
شدّد رئيس الاحتياطي الفدرالي (المصرف المركزي)، جيروم باول، الأربعاء الماضي، على أن «تقديم حزمة مساعدات جديدة للأسر والشركات، شرط لا غنى عنه لإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية في البلاد». وقال إن «هناك على الأرجح ضرورة» لتقديم مزيد من المساعدات للأسر والشركات الأميركية، مشيراً إلى أن «حوالي 11 مليون شخص ما زالوا عاطلين عن العمل بسبب الوباء».
وأعلن باول أن «سوق العمل في الولايات المتّحدة تحسّن كثيراً منذ انهياره في الربيع الماضي من جرّاء فيروس كورونا المستجدّ، لكنّ الطريق ما زال طويلاً قبل أن يستعيد عافيته».
ووفقاً لمجلس الاحتياطي الفدرالي فإنّ «تعافي الاقتصاد سيعتمد بشكل وثيق على تطوّر» الوضع الوبائي في البلاد، مؤكّداً أن «الأزمة الصحيّة الحالية ستستمرّ في التأثير على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخّم الاقتصادي على المدى القصير، وستشكّل مخاطر كبيرة على التوقّعات الاقتصادية على المدى المتوسّط».
وخفّض مجلس الاحتياطي الفدرالي، في آخر اجتماع نقدي له قبل الانتخابات الرئاسية المقرّرة في 3 نوفمبر، تقديراته السابقة لمعدّل البطالة في الولايات المتّحدة لهذه السنة من 9.3 بالمئة إلى 7.6 بالمئة، لكنّ هذا المعدّل لا يزال ضعف ما كان عليه قبل تفشي الوباء عند 3.5 بالمئة، وهو أدنى مستوى على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية.
وطمأن باول، في مؤتمر صحفي، أن «الركود الاقتصادي في البلاد سيكون هذه السنة أقلّ حدّة ممّا كان متوقّعاً»، مشيراً إلى أن «الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد سينخفض بأقلّ ممّا كان متوقعاً في السابق».
وأشار باول إلى أن الانتعاش الاقتصادي المتوقّع في الأعوام المقبلة سيكون بدوره أقلّ من المتوقع: 4 بالمئة في 2021 مقابل 5 بالمئة سابقاً و3 بالمئة في 2022 مقابل 3.5 بالمئة سابقاً و2.5 بالمئة في 2023.
وفي السياق، أبقى البنك الفدرالي على نسبة الفائدة الرئيسية عند مستوى 0–0.25 بالمئة، وتعهد بالحفاظ عليها عند هذا الحد إلا في حال تجاوز التضخم مستوى 2 بالمئة، مرجحاً أن يبقى سعر الفائدة عند مستواه الحالي حتى نهاية 2023 على الأقل.
وأشار الاحتياطي في بيان له أنه سيحافظ على حجم مشترياته من السندات الحكومية بحجم 120 مليار دولار شهرياً بهدف تهيئة الظروف المالية الملائمة في المستقبل.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة العمل الأميركية، الخميس الماضي، أن طلبات الإعانة الجديدة للعاطلين عن العمل سجلت انخفاضاً طفيفاً، الأسبوع الماضي، لتصل إلى 860 ألف طلب، رغم أن هذا الرقم فاق توقعات المحللين.
وشهدت الولايات المتحدة ارتفاعا في عدد العاطلين عن العمل الذين يتقدمون بطلبات إعانة في ظل الإغلاق واسع النطاق، الذي فُرض في مارس، إلا أنه مع تخطي ذروة انتشار «كوفيد–19» استمرت الطلبات الأسبوعية بالمراوحة عند مستويات أعلى بكثير من أسوأ فترات الأزمة المالية العالمية، عامي 2008 و2010.
واستمر نحو 29.8 مليون شخص بتلقي بعض أشكال المساعدات الحكومية، خلال الأسبوع المنتهي في 29 أغسطس، وفق أحدث البيانات المتوافرة لدى وزارة العمل، مع تزايد قلق المحللين من تنامي أزمة التوظيف.
وقال ويليام سبريغز، كبير الاقتصاديين في اتحاد النقابات العمالية، على تويتر «في حين أنه من الجيد تراجع الأرقام، إلا أن هذا التراجع بدأ بالتضاؤل، لذا أمامنا أكثر من عام للعودة إلى الوضع الطبيعي».
وتأتي هذه البيانات مع استمرار المأزق في واشنطن حول مشروع قانون الدعم الإضافي للاقتصاد وللأشخاص الذين فقدوا وظائفهم.
وكشف المسؤولون وجود تقدم في إطار المحادثات صوب الموافقة على حزمة دعم اقتصادي جديدة.
وقالت نانسي فاندين هيوتن، من مؤسسة «أوكسفورد إيكونوميكس» البريطانية إن «الفشل من جانب صناع السياسات لإقرار حزمة أخرى للمساعدة المالية يهدد بمخاطر سلبية كبيرة على الاقتصاد وسوق العمل في الوقت الذي يبدو فيه أن التعافي الاقتصادي يفقد زخمه».
وتعد الولايات المتحدة من أكثر الدول تضررا في العالم بفيروس كورونا لكنها أظهرت علامات تعافٍ من التراجع الاقتصادي بسبب الإغلاق. وقد وصل معدل البطالة إلى مستويات غير مسبوقة مسجلاً 14.7 بالمئة، في نيسان (أبريل) الماضي، لكنه عاد وتراجع إلى 8.4 بالمئة خلال الشهر المنصرم.
Leave a Reply