حسن عباس – «صدى الوطن»
في انتخابات الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، يتطلع عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ميشيغن، السناتور الديمقراطي غاري بيترز إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية من ست سنوات، على حساب منافسه الجمهوري جون جيمس الذي يحظى بدعم الرئيس دونالد ترامب.
ومع أن العديد من استطلاعات الرأي تظهر تقدم بيترز على منافسه بفارق مريح، إلا أن السناتور الديمقراطي لم يظهر أي تراخٍ في تدعيم حملته الانتخابية على مستوى ولاية ميشيغن بأكملها، تحسباً لأية مفاجآت محتملة، لاسيما وأن الولاية قد تجنح للجمهوريين كما حصل في سباق 2016 الذي حسمه ترامب لصالحه كأول مرشح رئاسي يفوز بميشيغن منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وعشية انتخابات نوفمبر، شدد بيترز في لقاء مع «صدى الوطن» على أهمية الصوت العربي الأميركي في حسم السباق، لافتاً إلى أن حصوله على دعم «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) سيعزز حظوظه في الاحتفاظ بمقعده في مجلس الشيوخ الأميركي.
وبعد إجراء مناقشات معمقة ومستفيضة مع بيترز، صوّت أعضاء اللجنة السياسية بأغلبية ساحقة على تأييد السناتور، الذي سبق له أن نال دعم «أيباك» خلال ترشحه لمجلس الشيوخ في المرة الأولى، عام 2015.
اللقاء مع بيترز، تمحور حول عدد من المسائل التي تهم المجتمع العربي الأميركي في ولاية ميشيغن، وفي مقدمتها القضايا المتعلقة بالوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، والسياسات الأمنية في المطارات والمنافذ الحدودية التي تستهدف المسافرين الشرق أوسطيين.
واكتسبت المناقشات مع بيترز أهمية خاصة، على خلفية عضويته في «لجنة الأمن القومي والشؤون الحكومية» و«لجنة الخدمات المسلحة» بمجلس الشيوخ، إضافة إلى نشاطه التشريعي اللافت، حيث ساهم في إقرار قوانين في مجلس الشيوخ أكثر من أي سناتور آخر، خلال العامين الماضيين.
البيئة وأسعار الأدوية
وتناولت المناقشات مع بيترز قضية التلوث البيئي في ولاية ميشيغن وضرورة العمل على توفير الحماية لمنطقة البحيرات العظمى، في ضوء التقارير الصحية الأخيرة التي كشفت عن وجود مستويات عالية من المركبات الكيميائية الفلورية الضارة، المعروفة اختصاراً باسم PFAS، في المياه الجوفية وشبكة صرف مياه الأمطار في العديد من أنحاء الولاية.
وأكد بيترز خلال اجتماعه بأعضاء «أيباك» أنه عقد عدداً من جلسات الاستماع حول مخاطر تلوث المياه، مشيراً إلى أنه يسعى إلى تأمين تمويل إضافي لعمليات التنظيف في المناطق الملوثة بالولاية، وبينها ديربورن.
كما أشار إلى أنه التقى شخصياً بعض الناخبين الذين تعرضوا لتأثير تلك المركبات الفلورية الضارة، أو أصيبوا بالأمراض السرطانية نتيجة لذلك، منتقداً إدارة الرئيس ترامب التي «جعلت جهود احتواء هذه الأزمة أكثر صعوبة»، على حد تعبيره.
وحول ارتفاع أسعار العقاقير الطبية، أكد بيترز أنه كرس جهوداً جبارة لتخفيض أسعار الأدوية الموصوفة، عبر السماح جزئياً بإدخال «الأدوية المكافئة» إلى الأسواق الطبية، والتي هي عقاقير تمتلك نفس مفاعيل الأدوية ذات العلامات التجارية الباهظة الثمن.
وقال: «الشيء الذي لا معنى له بالنسبة لي، هو أن (زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ) ميتش ماكونيل لن يطرح هذا القانون في مجلس الشيوخ»، مضيفاً أن مقترحه تضمن أيضاً السماح لبرنامج «ميديكير» الحكومي لتأمين المسنين صحياً، بأن يكون قادراً على التفاوض بشأن أسعار الأدوية، «لأن ذلك هو المنطق السليم» لخفض الأسعار. وتابع قائلاً: «إن الشركات الكبيرة مثل «فورد» و«جنرال موتورز» تتفاوض دائماً لتحصيل أرخص الأسعار للإمدادات التي تشتريها، فلماذا لا يسمح بذلك لـ«ميديكير»، مع أنه عميل رئيسي لموردي الأدوية؟».
السياسة الخارجية
خلال اللقاء، طرح ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، موضوع سياسات واشنطن الخارجية التي فاقمت الحروب والصراعات في بعض البلدان العربية، مثل العراق واليمن وسوريا، إلى جانب مواصلة الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل والتنكر للحقوق الفلسطينية، بغض النظر عما إذا كانت الإدارة ديمقراطية أو جمهورية.
وأوضح بيترز بأنه كان «صريحاً جداً» بشأن اليمن، واصفاً الأزمة الإنسانية هناك بأنها «أكبر أزمة شهدناها منذ الحرب العالمية الثانية». وقال: «لقد صوّتُّ لصالح قطع تمويل الحكومة السعودية، وأثرت قضية اليمن مراراً وتكراراً في لجنة الخدمات المسلحة، مع قيادات عسكرية».
وأكد أنه عارض بقوة مزاعم المسؤولين الحكوميين والعسكريين الذين ادعوا بأن الولايات المتحدة لا تساند السعودية في الضربات الجوية التي تشنها على المدنيين اليمنيين، لافتاً إلى أنهم اعترفوا فقط بتزويد الطائرات العسكرية السعودية بالوقود. وقال: «حسناً، وهذا أيضاً يدعى مساهمة، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تساعد في حملات القصف المروعة تلك».
السناتور الديمقراطي، شدد على أنه لم يحصل على «إجابة مباشرة» حول ما إذا كانت الخسائر في صفوف اليمنيين ناجمة عن «جهود منسقة» أو بسبب «عدم كفاءة السعوديين». وقال: «إنه من الصعب تصديق عدم وجود بعض الاستهداف، وخلاصة القول.. هي أن الولايات المتحدة يجب ألا تقدم معلومات استخباراتية للسعوديين، ولا أن تزود طائراتهم بالوقود، لأن حملاتهم العسكرية تلحق الأضرار الجسيمة بالشعب اليمني».
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أصر بيترز على أن ضم إسرائيل للمزيد من الأراضي الفلسطينية لن يساهم في حل الدولتين، مبيناً أن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط لا يزال هدفاً «صعب المنال». واستدرك قائلاً: «ولكننا بحاجة إلى هذا الاستقرار، والولايات المتحدة بحاجة إلى لعب دور بناء في إرسائه».
قائمة مراقبة الإرهاب
وحول إدراج العديد من العرب والمسلمين الأميركيين على لائحتي «مراقبة الإرهاب» و«حظر الطيران»، وما ينجم عنهما من تعرض المسافرين للتمييز والمضايقات الأمنية في المطارات، وعند المنافذ الحدودية، أعرب بيترز عن رغبته بإدخال تغييرات إيجابية على الإجراءات المتبعة، لاسيما في ما يتعلق بحق الأفراد في معرفة ما إذا كانوا مشمولين بتلك القوائم، وأن تتاح لهم آلية واضحة لإزالة الأسماء المشمولة بالخطأ.
وأشار إلى أن «التغيير الإيجابي» في تلك الممارسات هو «أمر ممكن» مع وجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض، وكونغرس ذي أغلبية ديمقراطية.
وقال: «لقد كانت هذه المشكلة كبيرة بالنسبة لي، وهي واحدة من المسائل التي لا يمكنك حلها من دون تعاون الحزبين». وأضاف: «بوجود الرئيس ترامب الذي أصدر قانون حظر السفر على المسلمين، والذي حاربت ضده بشدة، من الصعب حقاً التفاوض مع شخص يعتمد مثل هذه السياسات».
كذلك لفت بيترز إلى أهمية «الإدماج العرقي والثقافي» في الدوائر الحكومية والفدرالية، لافتاً إلى أن «إدارة جو بايدن» –في حال انتخابه– ستأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار. واختتم السناتور الديمقراطي كلامه بالإشارة إلى الخلفيات المتنوعة في مكتبه، والتي اعتبرها انعكاساً لسياسة «الإدماج العرقي والثقافي»، مسمياً موظفين عرب أميركيين، مثل نيرمين فهمي، وروي عوابدة.
Leave a Reply