إيمان جاسم – «صدى الوطن»
أدى تفشي وباء كورونا في ولاية ميشيغن إلى إغلاق معظم المدارس العامة والخاصة والمشتركة (تشارتر) والاعتماد كلياً على التعليم عبر الإنترنت وفق معايير مستحدثة لتدريس المناهج الأكاديمية والتربوية، ما أسفر عن خلق تحديات جديدة أمام المؤسسات التعليمية، وبروز مشاكل مستجدة لدى المعلمين والطلبة وأولياء الأمور على حد سواء.
فقد فرض التعليم عن بُعد نمطاً جديداً من العلاقة بين المعلم والطالب، كما أتاح موارد جديدة لاستئناف التحصيل الأكاديمي من المنازل، وهو ما تسبب في زيادة الأعباء على أولياء الأمور، ووضعهم وجهاً لوجه أمام مسؤوليات إضافية، دون أية استعدادات مسبقة لذلك.
وإذ دشنت تداعيات وباء كورونا مرحلة جديدة من التعليم، بحسب المعلمة البديلة في إحدى مدارس مقاطعة وين، إكرام زرقط، فإن الخطط التربوية التي تم اعتمادها لهذه المرحلة استوجبت –على سبيل المثال– تزويد الأطفال بحواسيب محمولة وأجهزة لوحية (كروم بوك)، كما دفعت المسؤولين التربويين إلى استكشاف الطرق المثلى لضمان نجاح عملية التعليم، التي لا تزال في طور التجريب والابتكار.
العائلات والتعليم الافتراضي
عبر شاشات الكمبيوتر، واصل الطلاب تعليمهم الدراسي خلال الشهور الأخيرة، تحت إشراف المعلمين عن بعد، وسط تساؤلات وشكوك متزايدة حول جدوى الأنماط المستجدة من المراقبة والإشراف على أداء الطلاب، وكذلك حول قدرة أولياء الأمور على لعب الدور المطلوب منهم لإنجاح تجربة التعليم الافتراضي.
وفي السياق، أشارت زرقط إلى أن الكثير من الآباء لا زالوا يعملون خارج المنازل، ما يحول دون مساعدتهم لأبنائهم، أما هؤلاء الذين يتابعون أعمالهم عن بعد من داخل بيوتهم، فيواجهون الكثير من العقبات والعراقيل، التي تتمثل بصعوبة استخدام التكنولوجيا، أو عدم إجادة اللغة الإنكليزية، أو حتى معرفة كلمات المرور (باسورد) الخاصة بحسابات أولادهم.
وأكدت زرقط على أهمية امتلاك الموارد والمهارات للاستفادة المرجوة من الفصول الدراسية الافتراضية، لافتة إلى أهمية اعتبار التعلم عن بعد كـ«فرصة حكيمة»، وكذلك ضرورة أن يكون الآباء أكثر تشجيعاً لأطفالهم، وتحفيزهم على الالتزام بالبرنامج الجديد، من خلال متابعتهم وسؤالهم عما تعلموه يومياً.
وأوضحت زرقط أن أحد العوامل الرئيسية لنجاح الطلاب هو وجود علاقة تعاونية بين المعلمين وأولياء الأمور، وقالت إنه من المهم جداً أن يتبادل الطرفان الاحترام والتقدير والتفهم والصدق والصبر، مشيرة إلى أن البيئة التدريسية الإيجابية تتضمن وضع أهداف للمعلمين والآباء على حد سواء، وأن هذه الأهداف يجب أن تفرض وتطبق على الطلاب، بأساليب تتوخى التعاون والحزم والصبر، لكي تؤتي ثمارها.
ونصحت زرقط المعلمين وأولياء الأمور بأن يتذكروا دائماً بأنهم يتشاركون مسؤوليات التعلم الافتراضي، وأن لكل منهما دوراً مختلفاً في نجاح الطلاب. وقالت على الآباء أن يتأكدوا من حضور أطفالهم للدروس الافتراضية باهتمام كامل، وكذلك يتوجب على المعلمين توفير السبل والإرشادات الكفيلة بمساعدة الطلاب على فهم دروسهم وأداء وظائفهم.
واستدركت زرقط بالقول: «خلال التعليم الافتراضي، اضطررنا إلى الاعتماد أكثر فأكثر على أولياء الأمور، لأن الأطفال لم يعودوا حاضرين داخل الفصول الدراسية». وأكدت أن المسؤوليات المستجدة لا تقتصر على الآباء، وإنما تفرض على المعلمين أيضاً تعديل أساليبهم لتتلاءم مع الفصول الإلكترونية.
ففي الواقع الجديد، بات لزاماً على المعلمين والآباء تطوير طرق بديلة للتعاون في ما بينهم، من أجل تأمين رعاية مشتركة للتلاميذ، وفق زرقط التي أضافت: «إن العلاقة القوية بين الآباء والمعلمين تخلق إحساساً بالاستقرار والأمان عند الطفل، خاصة أثناء التعلم عن بعد».
نجاح أو رسوب
وأشارت زرقط إلى أنه يوجد خياران أمام الطلاب خلال عملية التعليم عبر الإنترنت: الأول، هو النجاح والانتقال إلى الصف الأعلى، والثاني، هو الرسوب، وإعادة الصف بعد العودة إلى التعليم الحضوري.
ونوهت بأن الطلاب غالباً ما يعانون من تشتت الانتباه أثناء الدراسة عبر الإنترنت، وأنهم ينزلقون نحو ممارسة الألعاب الإلكترونية في أوقات الصفوف، كما قد يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي، ويشاهدون الفيديوهات دون أن يلحظ المعلمون ذلك، مؤكدة على ضرورة أن ينخرط الآباء في مراقبة أبنائهم لضمان تقيدهم بالبرنامج المدرسي، وعدم الانشغال بالأمور الأخرى على الشبكة العنكبوتية أثناء الدوام.
وشددت زرقط على ضرورة أن يكون أولياء الأمور صارمين وحازمين تجاه أبنائهم، مع الحرص –في الوقت ذاته– على تحفيزهم للنجاح لتفادي الرسوب، مطالبة الأهالي بتكريس جهود إضافية لتشجيع أبنائهم على التفوق وحب العلم والعمل، «بأساليب دافئة وإيجابية، تتجنب التخويف والتعنيف».
كما أكدت على أهمية أن تتحلى العائلات بالنزاهة، وتعلم أبنائها الأخلاق الحميدة، مثل عدم قيام الآباء بأداء الوظائف المدرسية نيابة عن أبنائهم.
هرم «ماسلو» للاحتياجات
زرقط أكدت في حديثها لـ«صدى الوطن» على ضرورة تقيد العائلات بإلزام الأبناء بمواعيد النوم والاستيقاظ مبكراً، وتناول الأغذية الصحية، وتنظيم الواجبات المدرسية، وأوقات الراحة، وإشراكهم في الأنشطة العائلية، لافتة إلى أهمية هرم «ماسلو» للاحتياجات، الذي يتضمن احتياجات الطالب البدنية والصحية والعاطفية، والرغبة بتحقيق الذات، وهي متطلبات من شأنها ضمان نجاح الطلاب في مسيرتهم الشخصية والأكاديمية.
وأكدت زرقط على أن الطلاب خلال وباء كورونا يتعرضون إلى مجموعة متنوعة من القضايا الاجتماعية والنفسية، كما يمكن أن يكونوا عرضة لنقص الضروريات الأساسية، مثل الطعام والشراب، ونقص مهارات التعلم، وصعوبة الوصول إلى الإنترنت.
وقالت إن هرم «ماسلو» يمكن أيضاً أن يشتمل على عدد كبير من العوامل التي تتعلق بسلامة الطلاب، وشعورهم بالحب أو الفراغ العاطفي، فضلاً عن تنمية مهارات التعامل مع الأزمات، والاستفادة من الموارد التعليمية، إضافة إلى تعزيز القدرة على التعلم عن بُعد. وأكدت زرقط على دور الأسرة الأساسي في تلبية تلك الاحتياجات آنفة الذكر، موضحة أن البيئة المنزلية تساعد الطفل على تلبية معايير «ماسلو»، بشكل يحد من عوامل تشتيت الانتباه والشعور بالإحباط الذي قد ينشأ من التعليم عن بعد.
ولمساعدة الطلاب على تحقيق احتياجاتهم من الاحترام وتحقيق الذات، أشارت زرقط إلى حاجة العائلات إلى تعليم أطفالها كيفية الوثوق بالبالغين وطلب المساعدة منهم بلا تخوف أو تردد. وقالت: «يمكنهم (الأطفال) تعلم المسؤولية والاحترام من خلال الثقة.. وبذلك يتعلمون المزيد من المهارات في منازلهم، ثم يفرضونها في المدرسة وفي المجتمع».
وأوضحت أن المهارات التي يحتاجها الأطفال، على وجه الخصوص، هي المهارات التي تعزز القوة والنضج والمسؤولية والصدق والتفاهم. وقالت: «إن غرس بذرة النجاح في نفس الطفل، يبدأ من المنزل، ويتم تنمية تلك البذرة بواسطة المدرسة والمجتمع».
Leave a Reply