ديترويت – بوادر انفراج أزمة وباء كورونا بدأت تلوح بالأفق، بحسب حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمر، التي أكدت على فعالية سياساتها الصارمة في الحد من الوباء، بعد تسجيل انخفاض ملحوظ بوتيرة الإصابات بفيروس «كوفيد-19» خلال الأسبوع الماضي، غير أنها حذرت من مغبة التساهل مع الوباء في موسم الأعياد، داعية سكان الولاية إلى عدم السفر وإقامة التجمعات خلال العطلة، وسط تفاؤل بإمكانية السيطرة على المرض في غضون الأشهر القليلة القادمة مع البدء بعملية توزيع لقاحات كورونا في الولايات المتحدة، انطلاقاً من ميشيغن، يوم الاثنين الماضي.
ورغم حديثها عن تراجع ملموس في معدل إيجابية فحوص كورونا في الولاية، مرجعة الفضل في ذلك إلى القيود الوقائية المشددة التي فرضتها على السكان وبعض القطاعات التجارية خلال الأسابيع الأربعة الماضية، لم تذكر ويتمر ما إذا كانت ستمدد الإغلاق المؤقت لفترة إضافية، بعد 20 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بينما كشفت وزارة الصحة بالولاية عن خطة من ثلاث مراحل لتوزيع اللقاح على الفئات الأكثر حاجة إليه في ظل استمرار الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 300 ألف أميركي منذ الربيع الماضي، بينهم حوالي 11 ألفاً في ميشيغن.
وانطلقت صباح الأحد الماضي، ثلاث شاحنات عملاقة من مدينة بورتيدج في غرب ميشيغن محملة بـ2.9 مليون جرعة من لقاح «فايزر–بيونتيك»، ليُصار إلى توزيعها على 145 مركزاً طبياً في أنحاء البلاد، حيث ستكون أولوية إعطاء اللقاح للعاملين في المجال الصحي ومراكز رعاية المسنين.
في غضون ذلك، شدد وزير الصحة الأميركي، أليكس عازار على أن اللقاح آمن وفعال، وأنه سينقذ ملايين الأميركيين. وقال: «نقوم بتوزيع ملايين الجرعات، لقد قمنا بترتيب كل شيء لضمان تقديم اللقاح. والآن يجري شحن ملايين الجرعات ونتوقع أن تتم الموافقة على لقاحات أخرى قريباً»، مضيفاً: «ستتوفر لدينا عشرات الملايين من الجرعات خلال الأسابيع المقبلة ومئات الملايين في غضون الأشهر القادمة، ونتيجة لهذا سيتم إنقاذ ملايين الأميركيين».
وأفادت شركة «فايزر»، ومقرها مدينة نيويورك، أنها ستوزع خلال الدفعة الأولى 6.4 مليون جرعة في جميع أنحاء البلاد، وأن حصة ميشيغن ستبلغ قرابة 85 ألف جرعة، لافتة إلى أنها ستواصل إرسال شحنات أسبوعية لتأمين حوالي 33.6 مليون قبل نهاية العام الجاري.
ونظراً لكون التطعيم ضد الفيروس المستجد يتطلب جرعتين من لقاح «فايزر»، بفاصل 21 يوماً بينهما، فإن الشركة المنتجة في طريقها إلى تصنيع لقاحات كافية لتطعيم 20 مليون شخص خلال شهر كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وفقاً لعازار.
أول تطعيم في ميشيغن
وكان مستشفى «جامعة ميشيغن» في مدينة آناربر، ومستشفى «سبيكتروم هيلث» بمدينة غراند رابيدز، في طليعة المراكز الطبية التي باشرت حملة التطعيم في ولاية ميشيغن، الإثنين الماضي، مدشنة الطريق أمام المستشفيات الأخرى لتطعيم الفئات الأكثر أولوية، بمقتضى الخطة التي وضعتها حكومة الولاية.
وقالت المديرة التنفيذية لمجموعة «سبيكتروم هيلث»، تينا فريز ديكر: «لقد كان أمراً بالغ الأهمية أن نرى هذا يحدث لأول مرة»، لافتة إلى أن المجموعة الطبية التي تضم 14 مسشتفى في غربي ميشيغن تلقت شحنة أولى مؤلفة من 975 جرعة من لقاح «فايزر» بعيد الساعة التاسعة من صباح الإثنين الماضي، وأنها أجرت أول تطعيم بعد نحو ثلاث ساعات. وأضافت ديكر: «نحن نصنع التاريخ الآن، إنه أمر رائع، هذا يمنحنا أملاً كبيراً في معرفة ما سيحدث في عام 2021».
الدكتور مارك مكليلاند، اختصاصي أمراض الرئة في مستشفى ««سبيكتروم»، الذي يعمل مع مرضى كورونا في قسم العناية المركزة، كان أول شخص في ميشيغن يتلقى اللقاح، واصفاً حصوله على التطعيم بـ«الفرصة الرائعة».
وأشار مكليلاند إلى أن زملاءه ألهموه لكي يتولى هذه «المهمة»، معرباً عن أمله في أن يجلب لقاح فايزر التفاؤل لجميع الناس، لافتاً إلى أن القلق لم يساوره على الإطلاق كونه أول شخص يحصل على اللقاح، «لأنه تم تطعيم الآلاف في التجارب السريرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وبعض الدول الأخرى» على حد تعبيره.
وقال مكليلاند: «جسدياً، أشعر بأنني في حالة جيدة في هذه المرحلة، ليست لدي أية أعراض جانبية، لقد تم فحص هذا اللقاح جيداً، وقد أوصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (أف دي أي) بأنه آمن».
أما الممرضة في مستشفى «سبيكتروم» بمدينة غراند رابيدز، إيفيت كامانا، فكانت أول امرأة في ميشيغن تتلقى لقاح «فايزر»، وقد ظهرت مع مكليلاند في مؤتمر صحفي، الإثنين الماضي، واصفة حصولها على التطعيم بأنه «تجربة عاطفية للغاية».
وقالت كامانا: «لقد كانت هذه التجربة عاطفية جداً بالنسبة لي كعاملة رعاية صحية ترى الكثير من المرضى المصابين بأمراض خطيرة»، مضيفة: «أعتبر أنها نعمة أن أكون بين أوائل الأشخاص الذين يتلقون اللقاح، لأنه يعني بأننا سنصل إلى مكان ما».
وبينما كانت الجرعات تسلك طريقها إلى مختلف المراكز الطبية في ميشيغن، بلغت حصيلة وباء كورونا في الولاية بحلول الخميس المنصرم، أكثر من 450 ألف إصابة، و11,208 حالة وفاة، منذ آذار (مارس) الماضي.
وبمناسبة توزيع اللقاح، قالت حاكمة ميشيغن، غريتشن ويتمر، في بيان: «لقد بذل عمالنا الأساسيون في الخطوط الأمامية قصارى جهودهم لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك عملهم اليوم»، في إشارة إلى العاملين في المجال الطبي الذين تلقوا لقاح «فايزر».
وأضافت الحاكمة الديمقراطية: «لدينا سكان في جميع أنحاء الولاية، يقومون بدورهم في القضاء على الفيروس، والحفاظ على مجتمعاتنا آمنة، لهذا السبب من المهم جداً أن نواصل جميعاً ارتداء الأقنعة، وممارسة التباعد الاجتماعي، وتجنب التجمعات الداخلية»، واصفة انطلاقة عملية توزيع اللقاح بأنها «يوم تاريخي في ميشيغن”.
من ناحيتها، أشارت الدكتورة جونيه خلدون، المديرة الطبية في ميشيغن، إلى أن الأمر قد يستغرق عدة أشهر قبل أن يتوفر اللقاح على نطاق أوسع. وقالت في بيان، الإثنين الماضي: «إن وصول هذا اللقاح إلى ميشيغن يشير إلى اقتراب نهاية هذا الوباء، لكن الأمر سيستغرق عدة أشهر قبل أن نتمكن من الحصول على لقاحات كافية لتوزيعها بشكل أوسع».
وأعرب مسؤولون في مجموعة مستشفيات «هنري فورد» في ديترويت عن أملهم في الحصول على اللقاحات في أقرب وقت ممكن، وقال المتحدث باسم المجموعة، ديفيد أوليغارس: «نتوقع أن نتلقى اللقاحات قريباً، وسوف نباشر بعملية التطعيم فور حدوث ذلك».
في السياق، تخطط بلدية ديترويت لاستخدام موقف السيارات التابع لمركز «تي سي أف» (كوبو سنتر سابقاً) كموقع رئيسي لإعطاء اللقاحات ضد فيروس «كوفيد–19».
وفي مقاطعة أوكلاند، سيتم استخدام خمسة من مراكز اختبار كورونا كمواقع لإعطاء اللقاح عبر خدمة «درايف ثرو».
الآثار الجانبية للقاح فايزر
لقاح فايزر الذي تبلغ فعاليته حوالي 95 بالمئة، كان أول لقاح يتخطى جميع العقبات التنظيمية الفدرالية في الولايات المتحدة، لكنه لا يزال يواجه عقبة كأداء كون تخزينه وتوزيعه يتطلبان درجات حرارة شديدة البرودة، تصل إلى 94 فهرنهايت تحت الصفر.
إضافة لذلك، فإن بعض الأفراد يظهرون حساسية تجاه اللقاح أو مكوناته، والتي تتمثل باحمرار الجسم، أو التقرح في موضع الإبرة، أو الحمى، أو الشعور بالإعياء، لذلك يُنصح بمراجعة الطبيب الخاص قبل الإقدام على التطعيم.
وقال مدير أبحاث البيولوجيا التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، الدكتور بيتر ماكس: «إن حوالي 1.6 بالمئة من السكان لديهم ردود فعل تحسسية شديدة تجاه الأطعمة أو العوامل البيئية، ونحن لا نرغب –حقاً– في عدم تمكين الكثير من الأشخاص من تلقي اللقاح».
خطة التلقيح في ميشيغن
الدكتورة خلدون ومدير قسم التطعيم في وزارة الصحة بميشيغن روبرت سوانسون، كشفا مسبقاً عن خطة الولاية في توزيع اللقاحات وتحديد الفئات ذات الأولوية للتطعيم، وقدمّا معلومات حول فعالية اللقاح وسلامته.
وتتطلع دائرة الصحة بميشيغن إلى تلقيح 70 بالمئة من البالغين في الولاية بحلول نهاية العام 2021، أي قرابة 5.4 مليون شخص. وقد أصدرت الدائرة خطة التلقيح التي تتكون من مستويين أساسيين، بحيث يتألف المستوى الأول من ثلاث مراحل، جاءت على النحو التالي:
–المرحلة «ألف»، تشمل نزلاء المراكز الطبية والعاملين والمتطوعين فيها، ممن يتصلون بشكل مباشر أو غير مباشر بالمرضى أو الأدوات الطبية، وغير قادرين على العمل من منازلهم، إضافة إلى نزلاء مراكز رعاية المسنين.
–المرحلة «باء»، تشمل بعض العاملين في الصناعات الأساسية والحيوية، بمن فيهم أصحاب المهارات الفريدة، مثل عمال مختبرات الصحة والعاملين في خدمات تجهيز الأموات ودفنهم.
– المرحلة «جيم»، تشمل الأفراد البالغين الأكثر عرضة لأخطار «كوفيد–19» بسبب معاناتهم من أمراض مزمنة، مثل الانسداد الرئوي وارتفاع ضغط الدم والكلى والقلب والسكري والسمنة، إضافة إلى الأفراد الذين يبلغون من العمر 65 عاماً وما فوق.
أما المرحلة الثانية من الخطة، فتتضمن حملة تطعيم شاملة لجميع البالغين في الولاية. كما تشمل هذه المرحلة تطعيم الطلاب من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر، والموظفين الذين يتصلون معهم، إضافة إلى العاملين الأساسيين في قطاعات الخدمة والصناعة.
ومن المحتمل أن يحدث تداخل بين المراحل، حيث ستقوم المستشفيات والصيدليات والمراكز الصحية المحلية وغرف الطوارئ والحرس الوطني والعيادات الخارجية بتقديم اللقاح.
وسوف تحظى بعض المجتمعات، كمقاطعة وين، بأولوية التوقيت والتوزيع، بسبب تضررها الكبير بالفيروس المستجد، حيث كان من المخطط أن تتلقى، الأربعاء الماضي، 1,950 جرعة من لقاح «فايزر»، بحسب كبير الاستراتيجيين الصحيين بمقاطعة وين، الدكتور مهند حمامي الذي أكد بأن المقاطعة ستراقب الأفراد الذين يتلقون اللقاح عن كثب لرصد أية آثار جانبية قد تظهر عليهم.
وكانت مقاطعة وين قد اختيرت كمركز لتخزين وتوزيع لقاح «فايزر» بسبب افتقار المقاطعات الأخرى للقدرة على تخزين لقاح فايزر الذي يتطلب حفظه في درجات حرارة منخفضة للغاية. كما أنه من المتوقع أيضاً أن تتلقى المقاطعة كميات إضافية من لقاح «موديرنا» الذي لا يتطلب تخزينه درجات حرارة منخفضة، بعد أن تتم إجازته من قبل «أف دي أي».
لقاح موديرنا
ويوم الخميس الماضي، صوّتت اللجنة الاستشارية للقاحات والمنتجات البيولوجية، التابعة لـ«أف دي أي»، على التوصية بترخيص الاستخدام الطارئ للقاح فيروس كورونا الجديد من شركة «موديرنا».
وستقوم إدارة الغذاء والدواء بمراجعة تصويت اللجنة الاستشارية واتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستسمح بالاستخدام الطارئ للقاح في الولايات المتحدة بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر.
وأكد وزير الصحة الأميركي أن ما يقرب من ستة ملايين جرعة من لقاح «موديرنا» جاهزة للشحن بمجرد حصولها على موافقة إدارة الغذاء والدواء.
وهناك بعض الاختلافات بين لقاح «موديرنا» ولقاح «فايزر»، الذي حاز على ترخيص الاستخدام الطارئ في وقت سابق من الشهر الجاري.
ويمكن تخزين لقاح «موديرنا» في ثلاجات عادية ولا يتطلب نقله حاويات فائقة البرودة، مما يجعل الوصول إليه أكثر سهولة بالنسبة للمرافق الأصغر والمجتمعات المحلية.
وأثبت لقاح «موديرنا» فعاليته في الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا بنسبة تقترب من 95 بالمئة، كما هو الحال بالنسبة للقاح «فايزر».
ويتم إعطاء لقاح «موديرنا» على جرعتين (100 ميكروغرام) بفاصل زمني بينهما يبلغ 28 يوماً، في حين يُعطى لقاح فايزر على جرعتين (30 ميكروغراماً) بفاصل 21 يوماً.
Leave a Reply