فلنت – وجّه مكتب الادعاء العام في ولاية ميشيغن، تهماً تراوحت بين القتل غير العمد وعرقلة سير العدالة وسوء الأداء الوظيفي لتسعة مسؤولين سابقين في حكومة الولاية وبلدية فلنت، بينهم حاكم ميشيغن السابق، ريك سنايدر، لدورهم في أزمة تلوث مياه الشرب في المدينة –قبل ستة أعوام– والتي تسببت بوفاة 12 شخصاً على الأقل. وتحولت قضية تلوث مياه فلنت إلى فضيحة سياسية بعد نشر رسائل إلكترونية متبادلة بين عدد من كبار مسؤولي الولاية، أفادت بأنهم كانوا على علم بتلوث المياه بالرصاص السام، الذي كان يمكن معالجته بمواد مانعة لتآكل الأنابيب قبل وقت طويل من تفجر الأزمة أواخر عام 2014.
وتؤكد الأبحاث الطبية أن الماء الملوث بالرصاص والمعادن الثقيلة يهدد صحة الدماغ والأعصاب والكلى، ويؤثر على الإنجاب ومهارات التعلم لدى الأطفال، إضافة إلى مشاكل صحية أخرى من بينها المرض المعروف باسم «حمى الفيالقة»، أو «داء قدامى المحاربين»، وهو شكل من أشكال الالتهاب الرئوي، تشمل أعراضه: السعال، وضيق في التنفس، وارتفاع في درجة الحرارة، وآلام في العضلات، والصداع، إضافة إلى الغثيان، والقيء، والإسهال.
لائحة الاتهام
لائحة الاتهامات طالت الحاكم السابق لولاية ميشيغن، الجمهوري ريك سنايدر، وكبير مساعديه ريتشارد بايرد، ووزير الصحة في إدارته، نِك ليون، ورئيس موظفي مكتب الحاكم، جارود آغِن، والمديرة الطبية السابقة في وزارة الصحة، د. إيدن ويلز، ومديرَي الطوارى السابقين لبلدية فلنت دارنيل إيرلي وجيرالد أمبروز، إضافة إلى المدير السابق لقسم الأشغال العامة ببلدية فلنت، هوارد كروفت، ومديرة «برنامج الأمهات والأطفال والرضع» بوزارة الصحة، نانسي بيلِر.
ووصف مكتب المدعي العام الديمقراطية، دانا نسل، التحقيق بقضية تلوث مياه فلنت، بأنه أكبر تحقيق جنائي في تاريخ ميشيغن، لافتاً إلى أن سنايدر هو أول حاكم يواجه تهماً بارتكاب مخالفات قانونية، بسبب القرارات التي اتخذت خلال قيادته للولاية.
وأشارت محامي الاستئناف العام بولاية ميشيغن، فدوى حمود، التي قادت التحقيق، إلى أن الاتهامات الموجهة للمسؤولين السابقين تؤكد أن لا أحد فوق المساءلة والعدالة. وقالت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نسل، الخميس الماضي: «اسمحوا لي أن أكون واضحة.. لا توجد حبال مخملية في نظام عدالتنا الجنائية»، مضيفة: «لا أحد فوق المساءلة عندما يرتكب جريمة، فالعدالة ستطاله بغض النظر عن قوته وعلاقاته».
تصريحات حمود، جاءت في أعقاب توجيه 41 تهمة للمسؤولين التسعة، الذين مثلوا أمام القضاء في مقاطعة جينيسي، الخميس الماضي.
وكانت التحقيقات في قضية مياه فلنت قد بدأت في عهد المدعي العام السابق بيل شوتي (جمهوري) الذي عيّن مدعياً خاصاً (تود فلود) للتحقيق في القضية، والذي انتهى إلى توجيه اتهامات إلى عدد من المسؤولين والموظفين في ولاية ميشيغن وفي مدينة فلنت.
وبعد تعيين حمود محامياً للاستئناف العام في ميشيغن، أوكلتها نسل مسؤولية الإشراف على التحقيقات الجنائية المتعلقة بأزمة مياه فلنت، والتي توسّعت لتشمل الحاكم الجمهوري السابق للولاية، وأقرب مساعديه.
وتأتي التهم الجديدة بعد أكثر من ست سنوات على قرار إدارة الطوارئ التي عينها سنايدر لانتشال بلدية فلنت من الإفلاس، بتغيير مصدر مياه الشرب في المدينة من شبكة منطقة ديترويت إلى مياه نهر فلنت دون معالجة مشكلة تآكل الأنابيب المهترئة ما أدى إلى تسرب مادة الرصاص إلى مياه الشفة التي تغذي أحياء المدينة.
وتسبب القرار بأزمة صحية أسفرت عن إصابة أكثر من 90 شخصاً بالأمراض، ووفاة 12 شخصاً على الأقل.
وكانت حكومة ميشيغن قد وافقت في آب (أغسطس) الماضي على دفع تعويضات بأكثر من 640 مليون دولار لسكان فلنت المتضررين من الأزمة عبر إنشاء صندوق تعويضات بإشراف محكمة ميشيغن العليا، يخصص 80 بالمئة منه للأفراد الذين كانوا قاصرين إبان فضيحة التلوث التي كشفتها الطبيبة العراقية منى حنا عتيشا من خلال رصدها لارتفاع كبير في مستويات الرصاص بدم الأطفال من سكان المدينة.
سنايدر.. أول المتهمين
تصدر قائمة المتهمين، الحاكم السابق ريك سنايدر، الذي يواجه تهمتين بالإهمال المتعمد للواجب، وقد مثل –الخميس الماضي– أمام القاضي كريستوفر أوديت، عبر الفيديو من سجن مقاطعة جينيسي الذي غادره إثر دفع كفالة مالية بقيمة عشرة آلاف دولار لكل من التهمتين.
وظهرسنايدر برفقة محاميه براين لينون الذي أكد بأن موكله «غير مذنب» في التهمتين المنسوبتين إليه.
وأبلغ القاضي، سنايدر بأنه لا يستطيع مغادرة الولاية دون إذن المحكمة، لكنه لم يأمره بتسليم جواز سفره.
ومن المقرر أن يمثل سنايدر مرة ثانية أمام القضاء في 19 كانون الثاني (يناير) الجاري.
وتعتبر تهمة الإهمال المتعمد للواجب، جنحة يعاقب عليها بالسجن لمدة عام وغرامة مقدارها ألف دولار.
وعزت حمود الاتهامات الموجهة لسنايدر إلى أنها نتيجة إهماله المتعمد لـ«واجياته القانونية الإلزامية بموجب دستور ميشيغن وقانون إدارة الطوارئ، وبالتالي لفشله في حماية صحة وسلامة سكان فلنت».
من ناحيته، ردّ المحامي لينون بأن هدر أموال دافعي الضرائب لسوق التهم «الزائفة» ليست إلا «مهزلة»، مضيفاً: «نحن واثقون من تبرئة الحاكم سنايدر بالكامل إذا تمت إحالة هذه القضية الواهية إلى المحاكمة». واستفاض بالقول: «التهم الموجهة اليوم لا تساعد في تحقيق العدالة لسكان فلنت، هذه الادعاءات غير المبررة لا تسهم مطلقاً في حل فصل مؤلم من تاريخ ولايتنا». ووصف لينون التهم الموجهة لسنايدر بأنها «مجرد اضطهاد سياسي شائن».
أما المتهمون الآخرون فهم:
– نِك ليون، وزير الصحة السابق الذي يواجه عدة تهم بالقتل غير العمد، والتي تصل العقوبة القصوى لكل منهاإلى االسجن لمدة 15 سنة وغرامة بقيمة 7,500 دولار.
كذلك، وجهت لليون تهمة الإهمال المتعمد للواجب.
ودافع ليون ضد التهم المنسوبة إليه، قائلاً إنه «غير مذنب». وقد حددت له كفالة بقيمة 200 ألف دولار، لحين مثوله أمام المحكمة في 18 شباط (فبراير) القادم.
– ريتشارد بايرد، هو واحد من أقرب المستشارين لسنايدر، والمسؤول عن جهود التعافي من أزمة مياه فلنت. وقد تم اتهامه بالحنث باليمين أثناء التحقيق، وهي مخالفة تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 15 سنة وغرامة مالية مقدارها عشرة آلاف دولار. واُتهم بايرد –أيضاً– بالابتزاز وعرقلة العدالة، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن 20 سنة وغرامة مالية بمقدار عشرة آلاف دولار، كحد أقصى. وقد أفرج عنه بكفالة 215 ألف دولار، ريثما يمثل أمام المحكمة في 18 فبراير القادم.
– جارود آغِن، الرئيس السابق لموظفي مكتب سنايدر، ومدير الاتصالات السابق لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس. متهم بالحنث باليمين خلال التحقيق، وقد حددت كفالته بـ35 ألف دولار، وسوف يمثل أمام المحكمة في 18 فبراير أيضاً.
– الدكتورة إِدن ويلز، المديرة الطبية السابقة في وزارة الصحة تواجه 12 تهمة، بينها تسع تهم بالقتل غير العمد.
كما تواجه ويلز تهمتين بسوء السلوك الوظيفي، وتهمة أخرى تتعلق بالإهمال المتعمد للواجب.
– دارنيل إيرلي وجيرالد أمبروز، مديرا الطوارئ المعينان من قبل سنايدر إبان الأزمة. ويواجهان تهماً تتعلق بسوء السلوك الوظيفي وهي تهمة عقوبتها السجن لخمس سنوات وغرامة مقدراها عشرة آلاف دولار. وقد حددت كفالة بقيمة 75 ألف دولار لكل منهما إلى حين مثولهما مجدداً أمام القضاء في 18 فبراير القادم.
– هاورد كروفت، المدير السابق لدائرة الأشغال العامة في بلدية فلنت. يواجه تهمتين بسوء السلوك الوظيفي.
– نانسي بيلِر، مديرة برنامج الأمهات والأطفال والرضع في وزارة الصحة، تواجه تهمتين بسوء السلوك الوظيفي، وجنحة الإهمال المتعمد للواجب، وهي مخالفات تصل عقوبتها القصوى إلى السجن خمس سنوات وغرامة مالية بعشرة آلاف دولار كحد أقصى.
Leave a Reply