مجلس النواب يتحرك لعزل ترامب .. وآلاف الجنود ينتشرون في العاصمة
واشنطن – ربما لم تشهد واشنطن قطّ، أجواءً سياسية وميدانية مشحونة، كالتي تشهدها اليوم مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، ظهر 20 كانون الأول (يناير) الحالي.
فبعد حادثة اقتحام الكابيتول من قبل أنصار الرئيس دونالد ترامب في ٦ يناير، تحولت العاصمة الأميركية، إلى شبه ثكنة عسكرية مع انتشار الآلاف من قوات الحرس الوطني لتأمين مراسم التنصيب، وسط تقارير أمنية عن إمكانية تعرض واشنطن وعواصم الولايات الخمسين، لهجمات مسلحة من قبل أنصار الرئيس، بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي).
غير أن التوتر الأمني غير المسبوق في العاصمة الأميركية وتحديداً في الكابيتول، لم يمنع مجلس النواب بقيادة رئيسته نانسي بيلوسي، من صب مزيد من الزيت على النار، بالتصويت لصالح عزل ترامب بسبب تحريضه على الاعتداء على الكابيتول، وسط دعم محدود من النواب الجمهوريين، وهو ما يهدد فشل جهود عزل ترامب للمرة الثانية في حال عدم الحصول على الدعم الكافي من الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذي يحتاج ثلثي أعضائه لإدانة الرئيس بتهمة التحريض على التمرد.
مخاوف أمنية
ووسط مساعي العزل، كشف بيان للـ«أف بي آي» عن اعتقال أكثر من مئة شخص شاركوا باقتحام مبنى الكونغرس (الكابيتول) الأسبوع الماضي، مضيفاً أنه يتحرى الآن أفراداً من المحتمل أن يهددوا تنصيب بايدن الذي قرر تأجيل التدريبات من الأحد إلى الاثنين القادم بسبب التهديدات الأمنية.
وفي إفادة خاصة لمايك بنس نائب الرئيس الحالي، بخصوص تأمين مراسم التنصيب، قال كريستوفر راي مدير «أف بي آي»: «نتحرى أمر أفراد ربما يتطلعون إلى تكرار العنف الذي شهدناه الأسبوع الماضي». وأضاف أن الوكالة تعرفت على أكثر من 200 مشتبه به في أحداث السادس من يناير، وتوجه إلى أولئك قائلاً: «نحن نعلم من أنتم، وعملاء مكتب التحقيقات الفدرالي في طريقهم للعثور عليكم».
وكان الجيش الأميركي قد قال إنه يتعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالي للتأكد من عدم وجود عسكريين حاليين في الخدمة بين المشاركين في واقعة السادس من يناير.
وسيدرس الجيش أيضاً ما إذا كان بحاجة لمراجعة خلفيات أي من أفراد الحرس الوطني المكلفين بتأمين تنصيب الرئيس المنتخب.
واضطرت السلطات الأميركية إلى تغيير خطة حضور بايدن حفل تنصيبه المقرر الأربعاء المقبل، بسبب «مخاوف أمنية»، حيث لن يستقل الرئيس المنتخب –كما كان مقرراً– قطار «أمتراك» إلى واشنطن قبل التنصيب. ولم يتضح بعد كيف سيتجه الرئيس المنتخب إلى العاصمة لحضور المراسم.
وكان من المقرر وصول بايدن إلى واشنطن على متن القطار، على غرار عاداته في التنقل التي استمرت عقوداً طويلة من ديلاوير إلى العاصمة، بصفته سناتور.
وكان ترامب قد أقر إعلان الطوارئ في العاصمة وحتى 24 يناير الجاري، بعد ساعات من تحذير السلطات من تهديدات أمنية خلال أسبوع تنصيب بايدن، حيث من المتوقع أن يتم نشر أكثر من 20 ألف جندي في شوارع العاصمة.
وقد أصدر كبار قادة الجيش الأميركي خطاباً لجميع أفراد الخدمة، للتذكير بأن الهجوم على مبنى الكابيتول كان عملاً إجرامياً مناهضاً للديمقراطية.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مذكرة موقعة من جميع أعضاء هيئة الأركان المشتركة أن بايدن قد تم انتخابه على النحو الواجب كرئيس وسيؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير. وأضافت المذكرة «شعرت القيادة العسكرية، بما في ذلك الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بأنها مضطرة لتذكير أعضاء الخدمة بأنه من الخطأ تعطيل العملية الدستورية»، على حد وصف الوكالة.
وأكد ترامب في كلمة مصورة له، مساء الأربعاء المنصرم، أنه «أصيب بصدمة وحزن» من اقتحام الكونغرس متعهداً بأن تتم محاسبة كل المشاركين فيه، وقال إنه وجه باستخدام كل الموارد لفرض النظام أثناء نقل السلطة، دون أن يعترف بالفم الملان بفوز بايدن.
وقال الرئيس الذي تعرض لحملة إزالة جماعية من شركات وسائل التواصل الاجتماعي مباشرة بعد أحداث الكابيتول: «شهدنا عنفاً سياسياً خرج عن نطاق السيطرة، شهدنا كثيراً جداً من الاضطرابات والعصابات وأعمال الترهيب والتدمير. هذا لا بد من أن يتوقف، إن كنتم من اليمينيين أو اليساريين، الديمقراطيين أو الجمهوريين. لا مبرر للعنف أبداً».
وشدد على أن «الولايات المتحدة دولة قانون، وهؤلاء الذين تورطوا في هجمات الأسبوع الماضي سيتم جلبهم للعدالة».
وكان حشد من أنصار ترامب قد اقتحم مقر الكونغرس، يوم 6 يناير، خلال جلسة لإقرار نتائج الانتخابات التي فاز فيها بايدن، وذلك بعد مسيرة جدد فيها الرئيس الجمهوري رفضه لنتائج الانتخابات المزورة، وفق تعبيره.
عزل ترامب
وصوت مجلس النواب الأميركي، مساء الأربعاء الماضي، لصالح إقرار تشريع ينص على مساءلة رئيس الولايات المتحدة الحالي، قبل أيام معدود من انتهاء ولايته، بتهمة التحريض على التمرد في أحداث الكونغرس.
وأيد 232 مشرعاً في مجلس النواب، بينهم 10 جمهوريين و222 ديمقراطياً، تشريع مساءلة ترامب، مقابل 197 نائباً أعلنوا رفضه.
وأصبح ترامب بالتالي أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه إجراءات العزل مرتين.
ويتهم الديمقراطيون، ترامب بـ«التحريض على التمرد»، عبر الخطاب الذي ألقاه يوم 6 يناير معتبرين أنه حث أنصاره على اقتحام مقر الكونغرس.
وتصويت مجلس النواب لصالح المساءلة يمهد الطريق لمحاكمة ترامب في مجلس الشيوخ بهدف عزله ومنعه من تقلد الرئاسة مجدداً إذا أدين بالتحريض على التمرد، بينما نفى ترامب بشدة، الاتهامات الموجهة إليه مؤكداً رفضه المطلق للعنف.
وقال مؤلفو مشروع القانون المعد من قبل الديمقراطيين، إن ترامب «في انتهاك لليمين الدستوري… تورط في ارتكاب جرائم وتجاوزات بالغة عبر التحريض على العنف ضد حكومة الولايات المتحدة».
واعتبر معدو مشروع القرار أن ترامب حرض أنصاره على اقتحام الكونغرس وممارسة النهب والدمار والقتل فيه، مشددين على أنه أظهر بذلك أنه «سيواصل تمثيل تهديد للأمن القومي والديمقراطية والدستور حال السماح له بالبقاء في منصبه».
ووقعت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، يوم الأربعاء الماضي، على قرار مساءلة ترامب، قائلة إنها تفعل ذلك وهي تشعر بحزن «وقلبها مفطور».
ويحتاج الديمقراطيون إلى ما لا يقل عن 17 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، لإدانة الرئيس.
وحتى مع إدانة زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، العلنية، لدور ترامب في أحداث الكابيتول، فإن الحصول على ثلث أصوات الأعضاء الجمهوريين، لن يكون مهمة سهلة. إذ لا يزال ترامب يتمتع بشعبية كبيرة بين بعض الناخبين الجمهوريين، إذ يحافظ على نسبة تأييد في أوساطهم تبلغ 71 بالمئة، بحسب استطلاع أجرته «جامعة كوينيبياك» بعد حادثة اقتحام الكابيتول.
وقد أكد ماكونيل، أن عملية مساءلة ترامب، لن تكتمل قبل تنصيب بايدن ورحيل ترامب، الذي في حال إدانته سيُمنع من السعي إلى الحصول على أي منصب فدرالي منتخب، كما سيعاد تشكيل الخارطة السياسية لاسيما في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للجمهوريين لعام 2024، والتي من غير المستبعد أن يكون ترامب مرشحاً فيها.
بايدن
ومع اقتراب موعد تسلمه السلطة، دعا بايدن مجلس الشيوخ للمصادقة على التعيينات التي أجراها والقرارات التي يعتزم اتخاذها، وذلك بالتوازي مع إجراءات محاكمة ترامب التي أكد دعمه لها.
وقال الرئيس المنتخب في بيانه: «آمل أن تجد قيادة مجلس الشيوخ طريقة تمكنها من أن تتعامل في آن معا مع مسؤولياتها الدستورية بشأن إجراء العزل ومع الشؤون العاجلة الأخرى لهذه الأمة».
وفي بيانه ذكّر بايدن بأن أعمال العنف الدموية التي نفذها حشد من أنصار ترامب حين اقتحموا هي «هجوم إجرامي مخطط له ومنسق نفذه متطرفون سياسيون وإرهابيون محليون حرضهم الرئيس ترامب على هذا العنف. ما حصل كان تمرداً مسلحاً ضد الولايات المتحدة. ويجب محاسبة المسؤولين عنه».
وفي سياق آخر، كشف بايدن، الخميس الماضي، عن خطة إدارته الاقتصادية لمواجهة آثار جائحة كورونا، قائلاً إنها تتكون من مرحلتين هما «الإنقاذ» و«التعافي»، وإنها تتضمن شيكات بقيمة 2000 دولار إلى الأميركيين بشكل مباشر.
وكان الأميركيون قد حصلوا على شيكات بقيمة 600 دولار بالفعل ضمن حزمة إغاثة أقرت من قبل إدارة ترامب، ما يعني أن إدارة بايدن تستهدف إرسال 1400 دولار إلى الأميركيين.
وتتضمن الخطة أيضاً رفع إعانات البطالة إلى 400 دولار أسبوعيا، كما ستضع الحد الأدنى للأجور عند 15 دولاراً للساعة.
وقال بايدن إن العديد من الأميركيين يواجهون خطر الإخلاء من بيوتهم بعد فقدان وظائفهم وإن إدارته ستتخذ إجراءات لمساعدة هؤلاء الأميركيين. وتابع أن إدارته ستسرع من عملية تلقيح الأميركيين مستهدفا 100 مليون شخص في أول 100 يوم بعد استلامه الرئاسة.
Leave a Reply