واشنطن – تتجه مساعي المشرعين الديمقراطيين لعزل الرئيس السابق دونالد ترامب إلى حائط مسدود، وسط شكوك متزايدة بشأن دستورية محاكمته أمام مجلس الشيوخ بعد تنحيه عن الرئاسة.
واتضح خلال الأسبوع الماضي، أن الأغلبية الكاسحة من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ يعارضون محاكمة ترامب الذي لايزال يحظى بشعبية واسعة بين الناخبين الجمهوريين، علماً بأن إدانة الرئيس السابق تتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس المكون من مئة عضو.
وتجلى حجم المعارضة الجمهورية لإجراءات العزل، بعد تصويت مجلس الشيوخ على مبادرة تقدم بها السناتور الجمهوري راند بول، لمنع إجراء المحاكمة الثانية لترامب. وقد نال المقترح تأييد 45 سناتوراً جمهورياً مما بعث برسالة قوية مفادها أنّ إدانة الرئيس السابق ستكون بعيدة المنال.
وستبدأ محاكمة ترامب في التاسع من شباط (فبراير) المقبل، بتهمة «التحريض على التمرّد» على خلفية اقتحام مقرّ الكونغرس، في السادس من كانون الثاني (يناير) الجاري.
وترامب هو أول رئيس في تاريخ الولايات المتّحدة يُحال مرّتين إلى مجلس الشيوخ لمحاكمته، وقد تمت تبرئته في المرة الأولى مطلع العام 2020. كما أن ترامب هو أول رئيس يُحاكم بعد خروجه من البيت الأبيض. وهذه النقطة الأخيرة هي بالتحديد ما اعترض عليه السناتور بول، معتبراً أنّ هذه المحاكمة «غير دستورية»، لأنّ ترامب لم يعد في منصبه أصلاً، عدا عن رفض بول لمبدأ محاكمة الخطاب السياسي، مذكراً بأن الديمقراطيين لطالما استخدموا الخطاب التحريضي خلال سنوات حكم ترامب، «لكن ذلك لا يبرر محاكمتهم لأن ذلك سيكون سخيفاً»، وفق تعبيره.
وأيّد مبادرة بول، 45 سناتوراً جمهورياً من أصل 50، بمن فيهم زعيم الأقليّة الجمهورية في المجلس السناتور ميتش ماكونيل، الذي لم يستبعد في الآونة الأخيرة إدانة ترامب في هذه المحاكمة.
ورأى بول في نتيجة التصويت أنّ المحاكمة «ولدت ميتة»، حيث أنّ إدانة ترامب تتطلّب أصوات 17 سناتوراً جمهورياً على الأقلّ بالإضافة إلى أصوات الأعضاء الديمقراطيين الخمسين أجمعين.
غير أنّ بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، ممن أيّدوا مبادرة بول، حرصوا على توضيح أنّ تصويتهم لا يعكس بالضرورة قرارهم النهائي بشأن ما إذا كانوا سيصوّتون في ختام المحاكمة على إدانة ترامب أم لا.
وفي حدّها الأدنى، تبيّن نتيجة التصويت التأثير القويّ الذي ما زال ترامب يتمتّع به في صفوف الحزب الجمهوري.
وسيترّأس السناتور الديمقراطي، باتريك ليهي، المحاكمة بصفته «الرئيس المؤقت» لمجلس الشيوخ، وهو منصب يشغله تقليدياً أكبر أعضاء الأغلبية سنّاً.
ومن شأن ترؤس ليهي للمحاكمة أن يلقي مزيداً من الشكوك حول دستورية إجراءات العزل التي يجب أن يشرف عليها، وفق الدستور، رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة، جون روبرتس.
وكان مجلس الشيوخ قد تسلم، الاثنين الماضي، رسمياً لائحة الاتهامات التي أصدرها مجلس النواب بحقّ ترامب، لمحاكمته بتهمة «التحريض على التمرد».
وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية، السناتور تشاك شومر: «لقد شهدنا جميعاً» أعمال العنف التي ارتكبها حشد من أنصار ترامب حين اجتاحوا الكابيتول. وأضاف «بالنسبة لي، ترامب ارتكب أكثر الأفعال المخزية التي شهدناها من أيّ رئيس على الإطلاق. برأيي يجب إدانته».
يشار إلى أن الهجوم على مبنى الكابيتول، الذي خلف خمسة قتلى واعتبر بمثابة تمرد، أدى إلى قيام الجيش الأميركي بزيادة عدد قوات الحرس الوطني المنتشرة في واشنطن من مئات الأفراد إلى 25 ألفاً، خلال حفل تنصيب الرئيس جو بايدن.
أمنياً، أكد الجيش الأميركي أن خمسة آلاف عنصر من أفراد الحرس الوطني سيظلون في العاصمة واشنطن حتى أواسط شهر آذار (مارس) المقبل.
وأوضح وزير الدفاع الجديد، لويد أوستن، أن هؤلاء العناصر سيوفرون الأمن وسط مخاوف بشأن احتمال عودة القلق والاضطرابات في الأسابيع المقبلة.
بدوره، علق بايدن، على سير إجراءات محاكمة ترامب مؤكداً أنه «يجب على المحاكمة أن تأخذ مجراها»،، لأن عدم المضي فيها «سيكون أسوأ» من إجرائها، وفق تعبيره.
لكن الرئيس الديمقراطي استبعد جمع الأصوات اللازمة لإدانته، منوها بأن النتيجة كانت ستصبح مختلفة لو أن قرار عزل ترامب أتى قبل نهاية ولايته.
وفي مؤشر على استمرار نشاطه السياسي، أعلن ترامب، الاثنين الماضي، تأسيس مكتب رسمي في ولاية فلوريدا لإدارة مراسلاتة والبيانات العامة وظهوره العلني والنشاطات الرسمية الأخرى.
وفي السياق، التقى ترامب، مساء الخميس الماضي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي في منتجع مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا.
وقال ترامب في بيان له، إن الاجتماع كان جيداً وودياً للغاية، وإنه ناقش ومكارثي العديد من المواضيع، أولها استعادة مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي عام 2022.
وجاء في البيان أن شعبية ترامب لم تكن أقوى مما هي عليه اليوم، وأن التأييد الذي يحظى به أكبر من أي وقت مضى. وحسب البيان، وافق ترامب على العمل مع مكارثي لمساعدة الحزب الجمهوري على أن يستعيد الأغلبية في مجلس النواب.
Leave a Reply