آناهايم، كاليفورنيا
تسعى منظمات ومتاجر عربية في مدينة آناهايم بولاية كاليفورنيا إلى إصدار قرار رسمي بتسمية المنطقة التجارية على طول شارع بروكهيرست باسم «ليتل أرابيا» تأكيداً على إسهامات العرب الأميركيين في إنعاش اقتصاد المدينة التي تضم حوالي 350 ألف نسمة.
ومنذ سنوات طويلة، تساهم الأعمال التجارية المملوكة لرجال أعمال من جاليات عربية متنوعة، في اجتذاب أعداد غفيرة من الزبائن والمتسوقين على طول خمسة أميال من شارع بروكهيرست، ما حوّل المنطقة المعروفة شعبياً باسم «ليتل أرابيا» إلى «وجهة ثقافية وسياحية»، بعدما كانت منطقة مهملة وشبه مهجورة في ثمانينيات القرن الماضي.
ووفقاً لرئيس «المجلس المدني العربي الأميركي»، رشاد الدباغ، فإن شارع بروكهيرست يضم حوالي مئة متجر عربي، بين تقاطع شارعي كاتيلا والطريق السريع «5»، مؤكداً أن تلك الأعمال التجارية لعبت دوراً حيوياً في تنمية المنطقة ونهضتها، على مدار العقود السابقة.
ولفت الدباغ إلى أن «المجلس المدني» –ومقره في مدينة آناهايم– يشارك في حملة متجددة لإقناع بلدية آناهايم بإطلاق اسم «ليتل أرابيا» رسمياً على المنطقة الواقعة في الجانب الغربي من المدينة، مؤكداً أن العرب الأميركيين، من مختلف بلدان العالم العربي، حولوا ذلك الحي من «مكان يتجنبه الآخرون» إلى «مقصد سياحي وثقافي».
وقال: «لقد كانت هذه المنطقة قذرة ومتهالكة في ثمانينات القرن الماضي، ونجحت أعمالنا العربية في تطويرها وإنعاشها»، مضيفاً: «منذ أكثر من عشر سنوات، بدأنا بتنظيم حملة لإقناع بلدية المدينة باعتماد تلك التسمية بشكل رسمي، لكي يتعرف الناس على التنوع الفريد من نوعه، في ولاية كاليفورنيا».
وكانت حملة الضغط لاعتماد اسم «ليتل أرابيا» رسمياً قد بدأت قبل سنوات قليلة، لكنها لم تتكلل بالنجاح حتى الآن. ولم يتمكن القائمون على الحملة من طرح بند تسمية المنطقة على جدول أعمال المجلس البلدي في كانون الثاني (يناير) الماضي، لكن ذلك لن يمنعهم من مواصلة جهودهم.
وفي السياق، أصدر رئيس بلدية آناهايم، هاري سيدو، مؤخراً بياناً صحفياً، أشاد خلاله بمساهمات العرب الأميركيين في ازدهار المنطقة وإنعاش نشاطها الاقتصادي، قائلاً «نحن نحب ليتل أرابيا، إنها جزء من التنوع الذي يشكل آناهايم»، لافتاً إلى أن المهاجرين العرب الأميركيين، وغيرهم من أبناء الشرق الأوسط، «شقوا طريقهم إلى آناهايم منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولعبوا دوراً مشكوراً في تنشيط هذا الجزء من مدينتنا».
واستفاض سيدو بالقول: «في الوقت الحاضر، أصبح الكثيرون على دراية بهذه المنطقة، ونحن نحتفل بمطاعم ومتاجر ليتل أرابيا خلال ترويجنا للأعمال التجارية في آناهايم»، لكنه أعرض عن دعم تسمية المنطقة بـ«ليتل أرابيا».
وأشار سيدو إلى أن آناهايم مدينة «كبيرة ومتنوعة»، وأنه يتعين على المسؤولين «تبني وجهة نظراً أكثر اتساعاً وشمولاً، عندما يتعلق الأمر بالتسميات الرسمية».
وأكد أن المدينة «ترحب بالجميع»، لكنه لفت إلى أن منطقة ليتل أرابيا تضم شرائح متعددة الثقافات والخلفيات، وأن «اللاتينيين يشكلون حوالي نصف السكان».
وأوضح بأن شارع بروكهيرست يضم مزيجاً متنوعاً من الأنشطة التجارية، وأن البعض «قد لا يرون أنفسهم جزءاً من ليتل أرابياً»، على حد تعبيره.
وختم بالقول إن «هدفنا هو رؤية التنوع داخل مدينة موحدة، إننا نتطلع إلى النمو الطبيعي والمستمر لـ«ليتل أرابيا»، ولا شيء يمكن أن ينتقص من الدور المهم الذي تلعبه في مدينتنا».
في المقابل أكد الدباغ أن النشطاء العرب الأميركيين لن يستسلموا حتى تحمل المنطقة اسم «ليتل أرابيا» رسمياً، لافتاً إلى أن دراسة استقصائية للناخبين المسجلين في آناهايم –العام الماضي– أظهرت أن أكثر من 58 بالمئة منهم «يؤيدون تسمية ليتل أرابيا، بقوة». وقال: «لقد ساهمنا في خلق آناهايم أفضل وأكثر ازدهاراً».
ولفت الدباغ إلى أن السناتور في مجلس شيوخ كاليفورنيا. لينغ لينغ تشانغ، قدم مقترحاً تشريعياً لتسمية المنطقة التجارية بـ«ليتل أرابيا» العام الماضي، لكن المقترح لم يطرح على التصويت.
من جانبه، أكد صاحب متجر الحلويات العربية «لا ميراج باستري»، ماهر نخال، أن تسمية المنطقة بـ«ليتل أرابيا» ستشكل دفعة كبيرة لأصحاب الأعمال العربية هناك، فضلاً عن أنها ستوفر فرصة لتثقيف الزبائن والمتسوقين. وأضاف: «يجب أن يعرف الناس الدور الذي يلعبه العرب الأميركيون في ازدهار آناهايم».
ومع انبعاث رائحة الحلويات العربية إلى خارج «لا ميراج باستري» تحت شمس كاليفورنيا الدافئة، يشير المهاجر السوري الأصل إلى أنه يصنع كل قطعة حلوى «بحب» مستنداً إلى خبرة تمتد لأكثر من 45 عاماً، في مجال صناعة الحلويات والمعجنات الشرقية.
نخال الذي يقطن في آناهايم منذ 17 عاماً، كان قد تعلم صناعة الحلويات العربية في مسقط رأسه، دمشق، قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1990، أوضح أن حب الزبائن لمنتوجاته تجعله يشعر «بالفخر والارتياح». وقال: «إنهم يحبون منتجاتي.. إنها ثقافتي».
ويعتبر متجر نخال واحداً من عشرات المطاعم والمقاهي والمخابز العربية المنتشرة على ضفتي شارع بروكهيرست في مشهد شبيه بشوارع مدينة ديربورن. وتعتبر آناهايم مركزاً للجالية العربية في ولاية كاليفورنيا.
Leave a Reply