مجلس الشيوخ يفشل في إدانته للمرة الثانية .. بسبب «الجمهوريين الجبناء»
واشنطن
فور تبرئته من تهمة التحريض على التمرد أمام مجلس الشيوخ الأميركي، عاد الرئيس السابق دونالد ترامب سريعاً إلى المشهد السياسي، فاتحاً نيرانه على زعيم الجمهوريين، السناتور ميتش ماكونيل، في إطار مساعيه لتطهير الحزب من القادة الذين لم يدعموا جهوده لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، متعهداً بقيادة الجمهوريين إلى النصر في انتخابات 2022.
وصب ترامب، جام غضبه على زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ودعا إلى عزله، كما تعهد بدعم منافسي المشرعين الجمهوريين الذين تجاوزوه، ما ينبئ بانتخابات تمهيدية عاصفة في الحزب الجمهوري.
وقال ترامب في بيان إنّ الحزب الجمهوري لن يتمكّن من أن يكون مجدّداً محطّ احترام أو قوياً مع زعماء سياسيين من أمثال السناتور ميتش ماكونيل على رأسه».
وأضاف أنّ «ميتش سياسي متجهّم وعبوس ولا يبتسم، وإذا كان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون سيبقون معه، فلن يفوزوا مرة أخرى».
ويأتي بيان ترامب بعد أن قال ماكونيل إنّه على الرّغم من أنّه صوّت لمصلحة تبرئة ترامب في محاكمة عزله، إلا أنّ الرئيس السابق «مسؤول عملياً وأخلاقياً» عن حادثة اقتحام الكابيتول في 6 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وذهب ماكونيل أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن ترامب قد يواجه اتهامات الآن بعد أن ترك منصبه.
وقال «الرئيس ترامب لا يزال مسؤولا عن كل ما فعله عندما كان في منصبه… لم يُفلِت من أيّ شيء بعد».
وبعدما التزم شبه صمت مطبق منذ خروجه من البيت الأبيض في 20 يناير، قرّر ترامب ببيانه هذا شنّ حرب مفتوحة على ماكونيل الذي كان لوقت طويل حليفاً وثيقاً للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتّحدة. ويعكس هذا الطلاق العلني بين الرجلين، الانقسامات العميقة التي يتخبّط فيها الحزب الجمهوري حالياً.
وفي بيانه المطوّل، قال ترامب إنّ استطلاعات الرأي تشير «اليوم إلى أنّ أرقام» ماكونيل «هي أدنى حتى مما كانت عليه في السابق، إنّه يدمّر الجهة الجمهورية من مجلس الشيوخ وفي الوقت نفسه يلحق أضراراً جسيمة ببلدنا».
ورغم ذلك، قال ماكونيل إنّه صوّت لتبرئة ترامب من تهمة التحريض على التمرّد لأنّه من غير الدستوري برأيه أن يحاكم رئيس في مجلس الشيوخ بعد تركه لمنصبه.
القصة لم تنته
لا يبدو أن قصة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، انتهت مع تبرئته في مجلس الشيوخ. فقد تقدم النائب الديمقراطي عن ولاية ميسيسيبي، بيني تومسون، و«الرابطة الوطنية لتقدّم الملونين»، الثلاثاء الماضي، بدعوى قضائية ضد ترامب، زاعمين أنه حرض على أعمال الشغب في الكابيتول، في انتهاك لقانون من حقبة إعادة الإعمار، يشار إليه باسم «قانون كو كلوكس كلان».
وتأتي الشكوى المدنية المقدمة إلى المحكمة الفدرالية في العاصمة واشنطن، عقب تبرئة مجلس الشيوخ الرئيس السابق في نهاية الأسبوع، خلال محاكمة عزله الثانية، التي ركزت أيضاً على الأحداث ذاتها.
وشدد ديريك جونسون، رئيس الرابطة، على أن أحداث الشغب في الكابيتول، قام بها أناس يؤمنون بتفوق العرق الأبيض، وهو أمر لا يمكن السماح له بالتفاقم.
وفشل الديمقراطيون في إقناع أكثر من سبعة أعضاء جمهوريين، بالتصويت لصالح إدانة ترامب التي تتطلب أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ (67 سناتوراً من أصل 100)، لكنها لم تنل سوى 57 صوتاً مقابل معارضة 43 سناتوراً جمهورياً.
والشيوخ الجمهوريون الذين صوتوا لصالح إدانة ترامب، هم: ريتشارد بور (كارولينا الشمالية)، بيل كاسيدي (لويزيانا)، سوزان كولينز (ماين)، ليزا ميركاوسكي (ألاسكا)، ميت رومني (يوتا)، بن ساسي (نبراسكا)، وباتريك تومي (بنسلفانيا).
وفي إقرار صريح بشعبية ترامب الجارفة في أوساط الجمهوريين، قال السناتور البارز ليندسي غراهام، إن هدفه هو الفوز في انتخابات الكونغرس القادمة و«لا يمكننا فعل ذلك بدون دونالد ترامب».
وأكّد «استعداده لبدء حملة» و«إعادة بناء الحزب الجمهوري»، قائلاً «أنا مستعدّ للعمل معه». وكشف أنّه تحدّث إلى ترامب، وأنّه ينوي زيارته في فلوريدا. واعتبر السناتور أنّ «دونالد ترامب هو العضو الأكثر نشاطاً في الحزب الجمهوري»، وأنّ «تيّاره في أفضل أحواله».
في المقابل، اعتبر السناتور كاسيدي، وهو أحد الجمهوريين السبعة الذين صوتّوا لإدانة ترامب، أنّ الرئيس السابق حُرم من الأضواء التي صارت موجهة نحو بايدن ومِن حسابه على تويتر الذي لطالما كان منصته الإعلامية الأولى، ما يعني أن «قوّته ستتضاءل».
لكنّ كاسيدي تعرّض لانتقادات عنيفة من حزبه في لويزيانا، مثل بقية النواب والشيوخ الجمهوريين الذين صوتوا لصالح عزل ترامب.
ويُقيم ترامب حالياً في دارته الفخمة في فلوريدا. وظلّ قطب العقارات بعيداً من الأضواء خلال محاكمته التاريخيّة في مجلس الشيوخ على خلفيّة اتّهامه بالتحريض على العنف في 6 يناير. لكنّه تابع النقاشات، وسرعان ما تفاعل معها عبر بيان نشره مع تبرئته.
وقال ترامب إنّ «حركتنا الرائعة والتاريخية والوطنية –أعيدوا لأميركا عظَمتها– لا تزال في بدايتها»، وهو لم يستبعد الترشّح للرئاسة عام 2024، بعد قيادة الحزب الجمهوري لاستعادة الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات الكونغرس النصفية العام المقبل، وفق تعبيره.
من جهتهم، يسعى الديمقراطيّون إلى تعميق الانقسامات بين الجمهوريّين. وقال الرئيس جو بايدن إنّه رغم تبرئة ترامب، إلاّ أنه لم يتمّ «الطعن» في التهم الموجّهة إليه.
وفي تعليقها على قرار تبرئة ترامب، وصفت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، المشرعين الجمهوريين المعارضين بأنهم «مجموعة من الجبناء».
واعتبرت أن تصريح ماكونيل الذي قال فيه إن ترامب ما زال مسؤولاً جنائياً أو مدنياً عن أفعاله في منصبه، كان «خطاباً مخادعاً».
وكشفت بيلوسي عن إطلاق مساع تشريعية لتشكيل لجنة مستقلة من خارج المجلس لمراجعة «الحقائق والأسباب» المتعلقة بالهجوم على مبنى الكابيتول.
وقالت بيلوسي، في رسالة للمشرعين، إن اللجنة ستشكل على غرار لجنة مماثلة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، مشيرة إلى أنها ستنظر في «الحقائق والأسباب المتعلقة باستعداد واستجابة شرطة الكابيتول وغيرها من أجهزة إنفاذ القانون الفدرالية التي تتبع الولايات والمحلية في منطقة الكابيتول».
Leave a Reply