في قرار محبط للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة، نقضت محكمة الاستئناف الفدرالية الرابعة في ولاية فيرجينيا –الأسبوع الماضي– قرار محكمة أدنى بعدم دستورية «لوائح مراقبة الإرهاب» الأميركية، لانتهاكها حقوق وحريات المواطنين المدرجين عليها.
وإذا كان القرار قد تجاهل المضايقات التي يتعرض لها العرب والمسلمون الأميركيون في المطارات والمعابر الحدودية فضلاً عن حرمانهم من السفر جواً وسبل الدفاع عن أنفسهم لإزالة أسمائهم من على تلك القوائم المعروفة باسم «قاعدة بيانات فحص الإرهابيين» TSDB، فإن المثير للغرابة أكثر، كان إعلان قضاة محكمة الاستئناف بأن «الحق في السفر بدون أعباء».. ليس من الحريات المكفولة في الدستور الأميركي!
وكتبت المحكمة بأن «وقائع التاريخ توحي بأن الحق في السفر مقيّد وليس مطلقاً، وأن لا المدعي ولا أي شخص آخر، له حرية مكفولة دستورياً للسفر محلياً أو دولياً دون تحمل أعباء»، وهو رأي أقل ما يقال عنه إنه ضوء أخضر لمواصلة التضييق على العرب والمسلمين، تحت عنوان حماية الأمن القومي، وتجاهل حقهم في الدفاع عن أنفسهم إذا كانوا مدرجين في تلك القوائم ظلماً أو بشكل تعسفي.
ومن المعلوم أن منظمات ونشطاء في الجالية العربية الأميركية يطالبون منذ سنوات بمزيد من الشفافية والوضوح بشأن «لوائح مراقبة الإرهاب» وآلياتها، مؤكدين بأن القوائم التي أطلقت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 تحت عنوان مكافحة الإرهاب، مبالغ فيها، وأنها تستهدف العرب والمسلمين الأميركيين بشكل خاص.
وتشكو الأوساط الحقوقية العربية الأميركية تحديداً، من سهولة إدراج الأفراد على تلك اللوائح، أما عن إزالة الأسماء فتلك قضية أخرى، أكثر غموضاً وتعقيداً.
وقد دأبت المنظمات العربية الأميركية، على مطالبة الحكومة الفدرالية، مرات ومرات، بضرورة التوصل إلى طريقة عادلة لتمكين الأفراد المدرجين بشكل ظالم أو تعسفي، من إزالة أسمائهم، والسماح لهم بالسفر بحرية، ولكن لم تحظ أصواتهم بأي أذنٍ صاغية.
والأسوأ –في هذا السياق– يتمثل في سلوك الحكومة الفدرالية التي تتفادى تأكيد أو نفي إدراج اسم من الأسماء في تلك اللوائح، وهو ما يعتبر معضلة أخرى، من الصعوبة فهمها أو إدراك مغزاها.
ولكي نكون واضحين، فقد امتد سوء استخدام السلطة هذا إلى الإدارات الأميركية المتعاقبة، بشقيها الديمقراطي والجمهوري. وخلال الانتخابات الرئاسية الماضية، حث العرب الأميركيون حملة المرشح الرئاسي (حينها) جو بايدن على إعادة النظر في برنامج TSDB كونه ينتهك الحقوق المدنية للأميركيين، وتحديداً العرب والمسلمين الذين يعانون من تبعاته السلبية المتفاقمة على الأفراد وعائلات الجالية.
ونتيجة لتلك الدعوات، وعد بايدن من خلال ممثلي حملته الانتخابية بإعادة النظر في البرنامج، لكننا لم نسمع أخباراً جديدة حول هذه القضية، منذ ذلك الحين، باستثناء الحكم الأخير، الصادم لمحكمة الاستئناف!
نعلم أن السلطة القضائية منفصلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية في نظامنا الأميركي، ونوافق على ما أعلنته محكمة الاستئناف الرابعة بأن «إعادة صياغة البرنامج، أو تعديله بشكل كبير، يقع ضمن اختصاص الجهات التشريعية والتنفيذية».
ومن هذا المنطلق، فإننا ندعو الرئيس بايدن إلى الوفاء بالوعود التي قطعها للعرب الأميركيين، وأن يعاملهم بعدل وإنصاف. وإننا ندرك أنه بإمكان الرئيس أن يعلن على الفور، إذا رغب بذلك، عن تدابير إدارية من شأنها خلق عمليات داخلية توفرّ للمدرجين على تلك القوائم فرصة إزالة أسمائهم، لاسيما وأن ذلك يعتبر حقاً من حقوقهم المدنية والدستورية.
كما ندعو الكونغرس الأميركي للعمل على تمرير مشروع لإنشاء أساليب ووسائل تمكن الأميركيين من معرفة فيما إذا كانوا مدرجين ضمن برنامج TSDB، أم لا، وتتيح لهم –في الوقت نفسه– إمكانية تقديم التماس لإزالة أسمائهم، إذا كانوا مدرجين لأسباب تعسفية أو غير قانونية.
إن «لوائح مراقبة الإرهاب»، هي ثقب أسود في حياة العديد من العرب الأميركيين كما أنها خطر ينذر بمزيد من الانتهاكات للحقوق المدنية والدستورية لجميع الأميركيين، وهذا الوضع يجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن.
يستطيع السناتور الأميركي عن ولاية ميشيغن، غاري بيترز، بصفته رئيس لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ، عقد جلسة استماع وتقديم مشروع قانون لدفع هذه القضية نحو الأمام، ونحن نناشده أن يفعل ذلك على الفور، وبدون أي تلكؤ أو إبطاء.
لقد قررت محكمة الاستئناف أن الأميركيين ليس لديهم حق دستوري في السفر دون أعباء، معلنة أن «التجارب التي عانى منها المدعون لا ترقى إلى مستوى القلق الدستوري»، ولكن هذا التجاهل لحقوقنا، يجب ألا يمنع الرئيس والكونغرس من التصرف بسرعة وحزم، لحماية حقوقنا وكرامتنا، وعليهم أن يقوموا بذلك على جناح السرعة، لأن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل أو المماطلة!
«صدى الوطن»
Leave a Reply