ديترويت
في مؤتمر صحفي عقده مطلع الأسبوع الماضي، أعلن قائد شرطة ديترويت، جيمس كريغ، عن اعتزامه التقاعد ومغادرة منصبه بحلول مطلع شهر حزيران (يونيو) القادم، ممهداً بذلك الطريق أمام إعلان ترشحه لمنصب حاكم ولاية ميشيغن عن الحزب الجمهوري، في الانتخابات المقررة عام 2022.
ورغم أن كريغ لم يؤكد أو ينفي قرار ترشحه لمنافسة الحاكمة الديمقراطية غريتشن ويتمر، إلا أنه أشار إلى أنه سيجري تقييماً لخياراته من أجل تحديد المسار الذي سيسلكه لمواصلة الخدمة العامة، كاشفاً لأول مرة عن ميوله الجمهورية المحافظة التي قال إنه اعتنقها قبل أكثر من عشر سنوات.
وأضاف: «نعم، أنا جمهوري. أنا محافظ. والكثير منكم يعرف ذلك بالفعل»، مشيراً إلى أنه اعتنق هذا الموقف السياسي منذ أن غادر شرطة لوس أنجليس لتولي قيادة شرطة مدينة بورتلاند بولاية ماين، عام 2009.
وأوضح كريغ (64 عاماً) أنه اختار التنحي عن قيادة شرطة ديترويت طوعياً، ولم يجبره أحد على ذلك، مؤكداً أنه على ثقة كاملة بأن شرطة المدينة ستكون بأيد أمينة من بعده.
ويشار إلى أن كريغ تولى قيادة شرطة ديترويت عام 2013، قادماً من قيادة شرطة سينسيناتي بولاية أوهايو، التي ترأسها لمدة عامين بدءاً من 2011، علماً بأن كريغ كان قد بدأ حياته المهنية في سلك الشرطة من ديترويت عام 1977، قبل أن ينتقل إلى شرطة لوس أنجليس التي خدم في صفوفها لمدة 28 عاماً.
وبتقاعده هذا الصيف يكون كريغ قد أمضى ثماني سنوات كقائد لشرطة ديترويت التي كانت قد بدلت خمسة قادة في غضون السنوات الخمس السابقة لقدومه.
وكريغ هو ثاني أكثر قادة شرطة ديترويت خدمةً في تاريخ المدينة، بعد ويليام هارت الذي ترأس الدائرة لمدة 14 سنة قبل إدانته في العام 1991 باختلاس 2.6 مليون دولار من أموال قسم مكافحة المخدرات وسجنه لمدة سبع سنوات.
وفي بيان له، أشاد رئيس بلدية ديترويت، مايك داغن، بخدمة كريغ على مدار السنوات الثماني الماضية، شاكراً له إعادة الاستقرار والاحترافية إلى شرطة المدينة التي عانت من تقلبات القيادة وانخفاض المعنويات لسنوات طويلة.وكشف رئيس البلدية أنه حاول إقناع كريغ بالعدول عن قرار التقاعد بشتى السبل، غير أن محاولاته التي استمرت حتى الأحد الماضي لم تصل إلى مبتغاها.
ولفت داغن، الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، إلى أن عملية البحث عن قائد جديد لشرطة ديترويت ستبدأ على الفور، موضحاً أنه سيلجأ إلى تعيين قائد مؤقت لحين إيجاد البديل المناسب.
وأردف أن قائد الشرطة المؤقت يجب أن يتحلى بالحزم في التعامل مع العنف المسلح في ديترويت، آملاً في إيجاد قائد مميز آخر مثل كريغ.
ورغم ثنائه على قائد الشرطة في إدارته، لم يبد داغن أية نية لدعم ترشيح كريغ المحتمل إلى منصب الحاكم، بل جدد دعمه للحاكمة الديمقراطية الحالية، غريتشن ويتمر التي وصفها بأنها «أفضل شريك حصلت عليه مدينة ديترويت في مكتب الحاكمية منذ عقود طويلة»، مؤكداً أنه سيدعمها مرة أخرى.
وكان داغن قد دعم حملة ويتمر الانتخابية عام 2018، وذلك بعد فشله في إقناع السناتور غاري بيترز بخوض سباق الحاكمية آنذاك.
سباق الحاكمية
يرى المراقبون أن كريغ يمثل ورقة انتخابية رابحة بمواجهة الحاكمة الديمقراطية الحالية، فهو إلى جانب الشعبية التي اكتسبها في أوساط المحافظين من خلاله تأييده للحق الدستوري بحمل السلاح وحزمه في التعامل مع احتجاجات حركة «حياة السود مهمة» بعد حادثة مقتل جورج فلويد، سيكون ثاني إفريقي أميركي يترشح لمنصب الحاكم في تاريخ ميشيغن، بعد محافظ مقاطعة وين الأسبق، ويليام لوكاس الذي غيّر انتماءه الحزبي من الديمقراطي إلى الجمهوري دون أن لم يحالفه الحظ في سباق 1986.
ومن شأن خلفية كريغ الإثنية وارتباطه الوثيق بمدينة ديترويت أن يشكلا عامل جذب لأصوات الناخبين الذين يصوتون عادة لصالح الديمقراطيين، لاسيما في المدينة التي تعتبر عرين الحزب الأزرق في ميشيغن.
من جانبه، أقرّ كريغ خلال المؤتمر الصحفي بأنه ناقش إمكانية ترشحه لمنصب الحاكم مع مسؤولين جمهوريين في ميشيغن وعلى المستوى الوطني، لكنه لم يحسم قراره حيال المسألة بعد، مكتفياً بالإشارة إلى أنه سيصدر بياناً حول مستقبله السياسي في وقت لاحق.
وكان رون وايزر، رئيس الحزب الجمهوري في ميشيغن، قد أكد أيضاً أنه تحدث مع كريغ ومرشحين محتملين آخرين، معرباً عن ثقته بأن قائد شرطة ديترويت «سيكون مرشحاً جيداً، إذا اختار الترشح».
وخلال توليه قيادة شرطة ديترويت، اتخذ كريغ العديد من المواقف التي قوبلت بالترحيب من الجمهوريين، وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أشاد به مراراً، مثنياً على طريقة تعامله الحازمة مع الاحتجاجات التي أعقبت مقتل جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس في 25 أيار (مايو) 2020، حيث لم تشهد ديترويت أي أعمال تخريب ونهب، على عكس العديد من المدن الكبرى التي يحكمها الديمقراطيون.
بالإضافة إلى تصديه للمطالبات الوطنية بتخفيض تمويل الشرطة، تميز كريغ أيضاً في تصريحاته المؤيدة للتعديل الثاني من الدستور الأميركي من خلال تشجيعه سكان ديترويت على حمل السلاح دفاعاً عن النفس.
وإذا قرر كريغ الترشح لحاكمية ميشيغن فعلاً، فإنه سيضطر أولاً إلى خوض الانتخابات التمهيدية للفوز بتسمية الحزب الجمهوري قبل منافسة ويتمر على المنصب في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.
وبحسب المراقبين، ستكون حظوظ كريغ وافرة للفوز بترشيح الجمهوريين، لاسيما في حال حصوله على دعم ترامب الذي لايزال يعتبر الأقوى في الحزب الأحمر.
ولدى سؤاله من قبل أحد الصحفيين، يوم الإثنين الماضي، عمّا إذا كان يصدّق مزاعم الرئيس السابق بشأن تزوير انتخابات 2020، رفض كريغ الإجابة على السؤال، قائلاً: «سيكون هناك وقت ومكان مناسبان لهذا الحديث، ولكن ليس اليوم».
Leave a Reply