ديربورن، آناربر، وورن، ديترويت
رغم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، استمرت –خلال الأسبوع الماضي– المظاهرات المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في مدن متفرقة من منطقة ديترويت الكبرى.
وأجمع المتظاهرون على حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره الوطني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف المساعدات الأميركية للدولة العبرية، بعد العدوان الأخير على قطاع غزة المحاصر، الذي أسفر عن استشهاد 248 مدنياً بينهم 66 طفلاً خلال الفترة الممتدة بين 9 وحتى 20 أيار (مايو) الجاري.
وفي استمرار للتظاهرات التي شهدتها المنطقة في الأسبوع السابق وتحديداً في ديربورن حيث شارك آلاف المتظاهرين في فعاليات متعددة رفضاً للعدوان الإسرائيلي، أقيمت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي تظاهرات عدة شملت مدن ديترويت وآناربر وديربورن بالإضافة إلى وورن.
إضاءة شموع
ففي اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار في الأراضي المحتلة، تقاطر المئات من العرب الأميركيين وأنصار القضية الفلسطينية للاعتصام أمام دائرة شرطة ديربورن، تخليداً لذكرى الشهداء الفلسطينيين الذين أردتهم آلة الحرب الإسرائيلية
ورفع المعتصمون الأعلام الفلسطينية، منددين بالجرائم الصهيونية والمعونات الأميركية للكيان الصهيوني. وأضيئت الشموع وتليت الفاتحة على أرواح الشهداء، فيما حمل عشرات الأطفال المشاركين في الاعتصام لوحات كتبت عليها أسماء الأطفال الفلسطينيين الذين سقطوا بصواريخ وقنابل دولة الاحتلال.
وأشارت الناشطة الفلسطينية الأميركية ليلى أبو ناب إلى أن الشعب الفلسطيني لم يتوقف عن المعاناة من ويلات الاحتلال الإسرائيلي على مرّ العقود السابقة، وأن محاولات إخلاء السكان في حي الشيخ جراح لم تكن سوى حلقة في مسلسل التهجير المستمر ضد الفلسطينين، لافتة إلى أن الشعب الفلسطيني لن يذعن للاحتلال الصهيوني وآلته العسكرية الغاشمة.
وقالت أبو ناب: «إننا نقف هنا اليوم لإحياء ذكرى الشهداء الفلسطينيين، الذين سقطوا في الحرب الأخيرة، وجميع شهداء فلسطين منذ النكبة، وشهداء الحرية والإنسانية أينما كانوا».
لا.. لتكميم الأفواه
ويوم السبت الماضي، احتشد حوالي ثلاثة آلاف متظاهر أمام مقر بلدية آناربر، مطالبين بالعدالة والحرية لفلسطين، ورافعين الأعلام وصور الشهداء والمنازل المدمرة بقطاع غزة. وبصوت واحد، هتف المتظاهرون «فلسطين حرة» و«من البحر إلى النهر.. فلسطين ستكون حرّة» خلال تجولهم في شوارع وسط المدينة، قبل عودتهم إلى الاعتصام مجدداً أمام المقر البلدي.
وفي مهرجان خطابي أقيم في المكان، ألقى العديد من النشطاء والمسؤولين المحليين كلمات في المناسبة أكدوا خلالها على دعم حقوق الشعب الفلسطيني.
وأوضح إمام «مركز المجتمع الإسلامي في آناربر»، عبد الله محمودي، أن مشاركته في الاحتجاج ضد العدوان الإسرائيلي نابعة من أسباب «إنسانية بحتة»، لافتاً إلى أن عقيدته الإسلامية تحضه على مواجهة الظلم والاضطهاد. وقال محمودي: «إن إنسايتنا تجبرنا على عدم الوقوف مكتوفي الأيدي حيال ما يجري، وألا نتنحى جانباً ونغض الطرف عن معاناة المظلومين والمضطهدين».
بدوره، انتقد عضو مجلس بلدية آناربر، علي رملاوي صمت مسؤولي المدينة على الانتهاكات المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وقال إن المجلس البلدي لا يتجرأ على مناقشة هذه المسائل، وأن أعضاءه يخشون تناول هذا الموضوع، مضيفاً: «إننا نتحدث عن حقوق الإنسان بشكل أسبوعي تقريباً، ومع ذلك لا يمكننا التطرق إلى القضية الفلسطينية، يتوجب علينا إنهاء تكميم الأفواه لكي يعبر الناس عن آرائهم بصدق وحرية».
وكان مجلس آناربر البلدي، قد صوّت –مؤخراً– بغالبية عشرة أعضاء مقابل عضو واحد، على تأجيل عقد منتدى عام لمناقشة حقوق الشعب الفلسطيني وقضايا الفلسطينيين الأميركيين في المدينة.
ورغم أن العضو جيف هاينر كان الوحيد الذي عارض القرار، إلا أنه انضم لسيل المتظاهرين الداعمين للقضية الفلسطينية، وقال إن البديل عن عقد ذلك المنتدى هو تقديم قرار يطالب الحكومة الفدرالية بإعادة النظر لإنهاء مساعداتها العسكرية لإسرائيل وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
حياة الفلسطينيين مهمة
وفي اليوم التالي (الأحد الماضي) تحلّق حوالي ألف متظاهر حول تمثال «روح ديترويت» بوسط ديترويت، قبل أن يقوموا بجولة في شوارع المدينة، مروراً بساحة «هارت بلازا» على ضفة نهر ديترويت، ووصولاً إلى ساحة «كاديلاك»، حيث عقد مهرجان خطابي شارك فيه نشطاء حقوقيون ومدنيون.
وقالت الناشطة زينة صبح، وهي من سكان ديربورن، إنها المرة الأولى التي تنظم فيها احتجاجاً حقوقياً بهذا المستوى في الداونتاون، مؤكدة أن الدافع وراء ذلك هو «المظالم المستمرة في فلسطين».
وأشارت صبح إلى ضرورة نشر الوعي حول القضية الفلسطينية، وجميع القضايا العادلة في العالم. وقالت: «لقد شعرت أننا بحاجة إلى التعبئة، وإلى بذل الجهود لمناوءة الاستبداد والعدوان، في فلسطين، وضد الأفارقة الأميركيين»، لافتة إلى أن الجماعات الحقوقية «لن تدير ظهرها للفلسطينيين بعد الآن».
وألقى الناشط في حركة «حياة السود مهمة»، لافيش، كلمة عقد فيها مقارنة بين معاناة الفلسطينيين والسود الأميركيين، وقال إنه جاء من مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا للمشاركة في المظاهرة المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، ولكي يقول إن «حياة الفلسطينيين مهمة».
على وشك الاختراق
كذلك شهد الأحد الماضي تظاهرة أخرى مؤيدة للشعب الفلسطيني في مدينة وورن شارك فيها نحو 700 متظاهر، أمام مقر البلدية، وسط مشاركة لافتة من الجالية البنغالية.
وأعربت الناشطة في منظمة «جيل جديد من أجل فلسطين»، المحامية هويدا عراف، عن استيائها من التواطؤ الدولي مع الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني. وقالت عراف للمتظاهرين: «أعتقد أنه لم يعد بالإمكان تحمل الصمت»، مضيفة: «مع المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، لم يعد مجدياً القول بأننا لم نكن نعرف ماذا يجري في فلسطين».
وانتقدت عراف دعم الإدارة الأميركية للدولة العبرية، وقالت: «الولايات المتحدة هي ركيزة أساسية في القمع الإسرائيلي الوحشي للفلسطينيين».
وحثت عراف، المتجمهرين على «إذكاء الزخم من أجل تحرير فلسطين»، وقالت: «إننا على وشك تحقيق اختراق، لقد أخبرنا مسؤولو مدينة وورن أنهم يدعموننا ويؤيدوننا ويريدوننا أن نكون هنا، بدون دعوتهم حتى، لذلك أعتقد بأن هذا يشكل فوزاً كبيراً لنا».
من ناحيته، انتقد أستاذ القانون بجامعة «ديترويت ميرسي»، الناشط والكوميديان الفلسطيني عامر زهر، إدارة الرئيس بايدن ودعمها لحكومة الاستيطان الصهيوني، وقال: «الأسبوع الماضي، كان بايدن هنا، لقد قال بأن إدارته ستقدم دعماً ثابتاً لإسرائيل، لقد قال ذلك.. في الوقت الذي كان فيه الجيش الإسرائيلي يقتل ويذبح العائلات في غزة»، مستدركاً بالقول: «لذلك فإن هذه الحكومة الأميركية ليست الحكومة التي نرغب فيها».
وأشار إلى أن حملة بايدن الرئاسية خطبت ود الناخبين العرب الأميركيين للتصويت للديمقراطيين في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، وقال زهر: «لقد صوتنا لهم.. لقد طلبوا منا إنقاذ الديمقراطية من دونالد ترامب، والآن نحن نطلب منهم إنقاذ فلسطين من جو بايدن».
بدورها أكدت الناشطة اليهودية في منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام»–فرع ديترويت، باربرا بارفيلد، بأن لدى المنظمة 85 فرعاً في أميركا، وأنها جميعها تدعم الجهود الفلسطينية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإحلال سلام عادل ودائم بين الشعبين الفلسطيني واليهودي، على أساس حقوق الإنسان والمساواة والعدالة.
وقالت بارفيلد: «لقد بدأ الشعب اليهودي بتعلم التاريخ الحقيقي لهذه القضية، لتجاوز الأسطورة التي تعلمناها ونحن صغاراً، بأن فلسطين أرض بلا شعب، وأن اليهود شعب بلا أرض».
Leave a Reply