عواصم
مع دخول وقف إطلاق النار في غزة أسبوعه الثاني، سارع الإسرائيليون إلى ترتيب بيتهم الداخلي بإزاحة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن منصبه بعد 12 عاماً من توليه الحكم، فيما حط وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في واشنطن طالباً الدعم من إدارة الرئيس جو بايدن التي لم تتوانَ عن تجديد التزامها بتفوق إسرائيل العسكري وسط مطالبات من مشرعين ديمقراطيين وجمهوريين بتجديد نظام القبة الحديدية بعد إخفاقها الجزئي في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية على مدى 11 يوماً من المواجهة العسكرية الأخيرة.
واشنطن جددت دعمها لإسرائيل بمناسبة زيارة غانتس، حيث أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن التزام بلاده بالتفوق العسكري لإسرائيل، والتأكد من قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد ما قال إنها «تهديدات إيران ووكلائها» والجماعات التي وصفها بالإرهابية.
وأوضح أوستن أن الرئيس جو بايدن عبّر عن دعمه لتقوية نظام القبة الحديدية، كما أكد على دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الصواريخ التي تطلقها «حماس» والفصائل الأخرى.
كذلك ناقش وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع غانتس، التطورات في غزة بعد وقف إطلاق النار، والتزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، إلى جانب التباحث في سبل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وإعادة إعمار غزة، وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفق بيان للخارجية الأميركية.
وفي السياق ذاته، جدد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان دعم الرئيس بايدن الثابت لما سماه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وأكد سوليفان خلال لقائه غانتس التزام الرئيس بايدن بتعزيز جميع جوانب الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بما في ذلك دعم نظام القبة الحديدية.
وقال البيت الأبيض –في بيان– إن المسؤولَيْن اتفقا على انخراط البلدين بشكل وثيق لتعزيز أولوياتهما الإستراتيجية في المنطقة. كما سلط سوليفان الضوء على أهمية ضمان وصول المساعدات الإنسانية الفورية إلى سكان قطاع غزة.
وجاء في بيان البيت الأبيض أن سوليفان وغانتس أعربا عن تصميمهما على مواجهة التهديدات التي تشكلها إيران في الشرق الأوسط، وفق نص البيان.
وفي السياق، كشفت تقارير إعلامية أن إدارة جو بايدن ستطلب من الكونغرس المصادقة على مليار و200 مليون دولار لتطوير منظومة القبة الحديدية. ونقلت «سكاي نيوز» عن مسؤول أميركي أن هذه المساعدات ستُخصص أساساً لتمويل مرحلة جديدة من تطوير منظومة «القبة الحديدية» الصاروخية، التي نجحت بحسب تقييم واشنطن، بصدّ 80 بالمئة من صواريخ المقاومة الفلسطينية.
وستضاف هذه الخطوة إلى المساعدات الأميركية السنوية لإسرائيل التي تُقدر بنحو 3.8 مليار دولار.
ودعا 47 نائباً من مجلس النواب الأميركي، الأربعاء الماضي، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وزارة الدفاع لدعم تجديد نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي.
وكتب المشرعون، بقيادة النائب الديمقراطي جوش جوتهايمر، في رسالة موجهة إلى وزير الدفاع، أن الولايات المتحدة يجب أن «تواصل التعامل بشكل عاجل مع إسرائيل» بشأن «التزام الإدارة الصارم بسلامة إسرائيل وأمنها»، بما في ذلك تجديد مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية لنظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية ومسائل مهمة أخرى».
وأضاف المشرعون «أن الكونغرس يقف إلى جانب الإدارة في التزامها بضمان أمن إسرائيل وقدرتها على الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم».
وكانت واشنطن قد تعهدت بموجب مذكرة التفاهم الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن المساعدة العسكرية، بتقديم 3.8 مليار دولار سنوياً كمساعدة عسكرية حتى العام 2028، بما في ذلك 500 مليون دولار سنوياً للدفاع الصاروخي.
إزاحة نتنياهو
أبلغ زعيم حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل) المعارض، يائير لابيد، رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين بنجاحه في تشكيل الائتلاف الجديد الذي سيحل محل حكومة بنيامين نتنياهو.
وكتب لابيد على «تويتر»، الثلاثاء الماضي: «أتعهد بان تعمل هذه الحكومة من أجل خدمة جميع مواطني إسرائيل، الذين صوتوا لصالحها ومن لم يؤيدوها. إنها ستحترم المعارضين وستعمل كل ما بوسعها لتوحد مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي».
وتمكن لابيد من التوصل إلى التوافق مع الأحزاب الأخرى بشأن تشكيل الائتلاف، وذلك قبل ساعة تقريباً من انتهاء المهلة المحددة له بعد فشل زعيم «الليكود»، بنيامين نتنياهو، في هذه المهمة يوم 23 أيار (مايو) الماضي.
وتشير التقارير الإعلامية الإسرائيلية إلى أن الصفقة حظيت بموافقة القائمة العربية الموحدة وحزب «الأمل الجديد» بقيادة جدعون ساعر، إضافة إلى موافقة حزب «يمينا» بقيادة نفتالي بينت، الذي يعتبر أكبر شريك للابيد في الائتلاف.
ومن المقرر أن يتناوب الشريكان الرئيسيان في الائتلاف الجديد لابيد وبينت على رئاسة الوزراء بعد 12 سنة من رئاسة نتنياهو للحكومة الإسرائيلية.
وأكد مكتب الرئيس الإسرائيلي أن نفتالي بينت سيتولى رئاسة الحكومة أولاً، وسيكون لابيد بديلاً له، وبعد سنتين سيتم تبادل الأدوار بينهما.
ومن المتوقع أن تؤدي الحكومة الائتلافية الجديدة اليمين بعد نحو 10 أيام.
ويشير المراقبون إلى أن الائتلاف الجديد الذي يضم حزباً عربياً لأول مرة في تاريخ إسرائيل، يعتبر «هشاً»، حيث يضم ممثلي مختلف المعسكرات السياسية من اليمين إلى اليسار، وأن نتنياهو سيسعى على الأرجح لبذل قصارى جهوده من أجل نسف الحكومة الجديدة.
غزة
أما على الجانب الفلسطيني، وعلى بُعد أيام من الحوارات المرتقبة بين الفصائل في القاهرة، يزداد المشهد في غزّة تعقيداً، منذراً باحتمال اندلاع مواجهة جديدة مع دولة الاحتلال، في ظلّ إصرار إسرائيل على معاقبة القطاع عبر الاستمرار إغلاق المعابر منذ العدوان الأخير.
وقد جاءت عرقلة إسرائيل للمنحة القطرية إلى غزة لتصبّ الزيت على النار، وتستدعي رسالة شديدة اللهجة من المقاومة، أكدت فيها أنه ما لم يُفرَج عن الأموال بحلول الأسبوع المقبل، فإنها ستكون معنيّة باتّخاذ «قرار مهمّ» بخصوص وقف إطلاق النار.
وفي ظلّ عدم التوصّل، إلى الآن، إلى اتفاق تهدئة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، جاءت رسالة المقاومة الأخيرة في أعقاب إبلاغ السفير القطري، محمد العمادي، الفصائل، بأن دولة الاحتلال رفضت، خلال الأسبوع الماضي، دخول أموال المنحة القطرية إلى غزة عبر معبر بيت حانون–إيرز شمال القطاع، في وقت أبلغ فيه القطريون الأمم المتحدة ومسؤولين في الإدارة الأميركية بأن مثل هذه الخطوة تستفزّ الفلسطينيين وتدفع نحو تفجير الأوضاع.
من ناحية أخرى، طالب 17 عضواً من الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي، في رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بالضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والمواد اللازمة للانطلاق بإعادة البناء في غزة، داعين أيضاً إلى الضغط على تل أبيب لإعادة فتح معبرَين لإدخال المساعدات والوقود لسدّ احتياجات المدنيين المتزايدة في القطاع. وشدّد المشرعون الأميركيون على أهمية وجود تمويل قوي للجهود الإنسانية في كلّ من غزة والضفة الغربية، ودعم الأمم المتحدة عبر وكالتها المخصّصة لغوث اللاجئين «أونروا»، بالإضافة إلى إعادة الوجود الدبلوماسي الأميركي على الأرض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والتنسيق مع الحلفاء من أجل استمرار وقف إطلاق النار «منعاً لانتشار التطرّف».
Leave a Reply