ديترويت
عارض رئيس جامعة «وين ستايت» في ديترويت، روي ويلسون، بياناً طلابياً أدان العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ومنع توزيعه على الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية عبر البريد الإلكتروني الخاص بالجامعة، مثيراً انتقادات واسعة من الجسم الطلابي ومنظمات محلية.
وكان «مجلس الشيوخ الطلابي» في الجامعة الديترويتية قد خاض مداولات مطولة ومكثفة لإصدار بيان حول الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 250 شخصاً، غالبيتهم من الأطفال والنساء خلال الفترة الممتدة بين 9 و20 أيار (مايو) الماضي.
ورغم المناقشات الحادة التي رافقت إعداد المسودة، نجح المجلس الطلابي بإصدار بيان بدأ بإدانة «جميع أشكال معاداة السامية، وكراهية الإسلام، إضافة إلى العنف ضد اليهود والمسلمين، والإسرائيليين والفلسطينيين، بأي شكل من الأشكال».
وانتقد البيان العنف الذي مارسه الكيان الصهيوني برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، و«حملات التطهير التي تُشنّ ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، وما تزال مستمرة حتى هذا اليوم».
وتضمن البيان الإشارة إلى «امتثال الولايات المتحدة ودعمها للتطهير العرقي في فلسطين»، مهيباً بجامعة «وين ستايت» أن تدعم المبادرات التي من شأنها إيقاف المعونات المالية والعسكرية للجيش الإسرائيلي، والتي تستخدم في قمع وإبادة الشعب الفلسطيني.
وقدّم البيان مصادر للتعريف بالقضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الصهيوني، مثل «الصوت اليهودي من أجل السلام» و«حركة الشباب الفلسطيني». كما قدّم مقترحات وطرقاً لإعانة المتضررين الفلسطينيين الذين يعانون الأمرين من جراء سياسات الحصار والتهجير.
ودعا البيان الطلاب «المتذبذبين» إلى التعرف على حقيقة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وعدم تجاهل معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. وقال: «التحالف واجب، والصمت ليس حياداً».
ويلسون ينقلب
وعلى الرغم من تأييد ويلسون للمناقشات الطلابية وتعهده بدعم البيان الطلابي، إلا أنه فاجأ المجلس لاحقاً بمعارضة البيان بعد التصويت النهائي عليه من قبل الأعضاء. كما منع ويلسون نشر البيان عبر البريد الإلكتروني الخاص بالجامعة، والذي يصل إلى جميع الهيئات الطلابية وأعضاء هيئة التدريس في جامعة «وين ستايت»، مكتفياً بنشر ملخص له على صفحات التواصل الاجتماعي.
وفي تبريره لموقفه، أبرق ويلسون رسالة إلكترونية للمجتمع الطلابي والتدريسي، عبر بريد الجامعة بتاريخ 3 حزيران (يونيو) الجاري، قال فيها إن لغة بيان المجلس الطلابي «تحريضية بلا داع»، مضيفاً أن «بعض أعضاء المجتمع الطلابي قد يفترضون بأن الجامعة تؤيد بيان المجلس الطلابي، ولكن ذلك لم يحدث».
ودعا ويلسون إلى تعزيز القيم الجامعية وتنوع وجهات النظر خلال «هذه الأوقات العصيبة»، وقال: «لا يتفق جميع أعضاء المجلس على ذلك الموقف.. نحن مجتمع جامعي، ندعم الحق في حرية التعبير، كما ندعم حق طلابنا في التعبير عن آرائهم المهمة بالنسبة لهم، إلا أنني آسف لاستخدام بعض المصطلحات المثيرة للفتنة بدون سبب».
كما دعا ويلسون في رسالته الإلكترونية إلى «أن نتعامل مع بعضنا البعض بلطف واحترام» منوهاً بأن كلمات البيان «لم تفعل ذلك».
«صدى الوطن» تتحرى
وعلمت «صدى الوطن» أنه أثناء صياغة البيان الطلابي من قبل لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ الطلابي، تم تسريب مسودة البيان إلى منظمة طلابية مؤيدة لإسرائيل، تدعى: «طلاب من أجل إسرائيل»، والتي أصدرت –بدورها– بياناً عبر وسائل التواصل الاجتماعي (قبل بيان ويلسون)، اعترضت فيه على ما أسمته «الخطاب التحريضي الوارد في البيان».
ودعا بيان «طلاب من أجل إسرائيل» رئاسة جامعة «وين ستايت» ومجلس حكام الجامعة إلى التنديد ببيان المجلس الطلابي، قائلاً: «إن الكيل بمكيالين في استفراد إسرائيل بالاتهامات، وهي الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، مع تجاهل الفظائع الأخرى في جميع أنحاء الأرض، هو تصرف معاد للسامية».
من جانبها، طالبت «صدى الوطن» رئاسة الجامعة بتحديد فقرات البيان التي وجدها ويلسون «مثيرة للتحريض»، وذلك عبر رسالة إلكترونية أبرقت إلى نائب الرئيس المساعد للاتصالات الجامعية، ماثيو لوكوود.
وفيما لم يحدد لوكووود الفقرات «التحريضية» المزعومة، جاء في رده أنه «من خلال إتاحة استخدام البريد الإلكتروني الخاص بالجامعة، يمكن تفسير البيان الطلابي بأنه يمثل وجهة نظر وين ستايت، وهذا الشيء غير صحيح».
وتحدثت «صدى الوطن» مع عضوين من المجلس الطلابي لاستيضاح الأجواء التي سبقت إصدار البيان، وأكد أحدهما بأن ويلسون وعد –في البداية– بالوقوف إلى جانب المجلس الطلابي وهيئته التنفيذية مهما كان قراره. وقال العضو الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «لقد شعرت من رسالة ويلسون بأنه تراجع تماماً عما قاله للمجلس في وقت سابق»، مضيفاً: «بالنسبة لي، لا أشعر بأنني أستطيع الوثوق به حقاً، لماذا تخبر مجلسك الطلابي المنتخب بأنك تؤيد قرارهم بغض النظر عن أي شيء، ثم تتجاهل ذلك تماماً».
وأعرب عضو المجلس عن يقينه بأن ويلسون تعرض للضغط، متسائلاً فيما إذا كان رئيس الجامعة «قد قرأ البيان حقاً»، وقال: «لو كان قرأه فعلاً، لما وصفه بالتحريضي».
كما أشار العضو إلى الضغوط التي مورست على المجلس الطلابي خلال إعداد البيان، بما في ذلك دور المستشار الجامعي المعين في المجلس. وقال: «عندما يتعلق الأمر بهذه المسألة تحديداً (الصراع الفلسطيني الإسرائيلي)، فإنك تسمع أشياء مثل.. لسنا معنيين بالحديث عن كل الأشياء التي تحدث في العالم»، مضيفاً: «ولكن، من له الحق في انتقاء واختيار القضايا التي نريد التحدث عنها؟».
وتابع بالقول: «هذا هو النشاط الانتقائي، عندما يؤثر حدث على عدد كبير من الطلاب في جامعتنا، علينا أن نقول شيئاً.. إنها ليست مشكلة معقدة.. لقد رأيت في العمل بالمجلس الطلابي الكثير من تكتيكات التخويف ضد الأنشطة المناهضة لسياسات الفصل العنصري (الآبارتيد)».
العضو الثاني، الذي فضل أيضاً عدم الكشف عن هويته، انتقد تصرفات إدارة جامعة «وين ستايت» ووصفها بـ«المخزية». وقال: «أفترض بأن هذا يثبت بأن ويلسون مستعد للكذب على طلابه وموظفيه.. لقد تم كشفه مراراً وتكراراً، ولكن هذه المرة كانت أكثر وضوحاً».
وأضاف: «إن تآمر إدارة الجامعة من وراء الكواليس هو أمر مخجل، والكذب على المجلس الطلابي المنتخب أزال ما تبقى لدي من إيمان ضئيل».
من جهة أخرى، أدان «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير–فرع ديترويت) بيان ويلسون، الثلاثاء الماضي. وقال المدير الإقليمي، وليد داود: «نحن منزعجون من الرقابة التي مارسها رئيس جامعة وين ستايت على بيان المجلس الطلابي الذي أدان العنف الإسرائيلي الأخير ضد المدنيين الفلسطينيين».
وأضاف: «قمع حقوق الطلاب في حرية التعبير –حتى لو اختلف البعض مع آرائهم السياسية– يتعارض مع روح الجامعة المعلنة، والتي تزعم بأنها تمتلك بيئة حرة لمناقشة الأفكار ووجهات النظر المتعددة».
Leave a Reply